من زهر الدين إلى حسون .. اللاجئون “أعداء” رغم اختلاف التصريحات




على الرغم من محاولات نظام الأسد المستمرة لإظهار موقف ودّي تجاه اللاجئين السوريين، فإنه لا يزال يعجز حتّى اليوم عن ضبط مسؤولين وشخصيات لديه تصدر عنهم تصريحات “غير منضبطة” بين الحين والآخر.

ومع أن معظم السوريين الذين لجؤوا خارج البلاد، هربوا من آلة النظام العسكرية ومن قبضته الأمنية، إلّا أن النظام يحاول من خلال خطابه الإعلامي أن يُظهر العكس، مدعياً أنّهم هربوا ممّا يسمّيه “الإرهاب في سوريا”.

ولكن تسويق هذه الفكرة كان يتطلّب توحيد الخطاب من قبل جميع مسؤولي النظام تجاه اللاجئين، وهو ما لم يحدث، وفقاً لما يرصد هذا التقرير.

محاولة “ترقيع”

في الحادي عشر من شهر أيلول الجاري، وعقب أيامٍ من فكّ النظام السوري الحصار المفروض على محافظة دير الزور، ظهر العميد عصام زهر الدين، قائد عمليات قوات النظام في مدينة دير الزور على شاشة قناة “الإخبارية السورية” مُطلقاً تصريحاتٍ تشكّل تهديداً فعلياً للاجئين السوريين.

وقال زهر الدين حينها مخاطباً اللاجئ السوري: “أرجوك لا تعد، لأنه إذا الدولة سامحتك، نحن عهداً لن نسامحك، نصيحة من هل الذقن لا حدا يرجع منكن”.

وعقب إطلاق هذا التصريح، والجدل الذي أثاره على مواقع التواصل الاجتماعي، عاد زهر الدين لمحاولة تعديل تصريحه في تسجيل صوتي، قائلاً إنه يقصد شريحة بعينها من اللاجئين.

هذه التصريحات التي ثبّتت نوايا مسؤولي النظام، حاول مفتي الأسد “أحمد بدر الدين حسون” ترقيعها، وإعطاء صورة مُغايرة عن تلك التي رسّخها زهر الدين، من خلال تصريحات خرجت منه بشكلٍ عفوي، وهي تعكس ما الذي يُحضّره النظام للسوريين عقب عودتهم إلى البلاد.

وضمن مساعيه لطمأنة الرأي العام، أشاد حسون بدور اللاجئين السوريين في “عملية إعادة إعمار سوريا”، التي بدأ نظام الأسد بالتسويق لها خلال الفترة الأخيرة.

وقال خلال لقائه بالوفد الاغترابي السوري في الأرجنتين، الثلاثاء الفائت: “أناشد المغتربين السوريين غير الراغبين بالعودة إلى سوريا إلى إنشاء مدارس اللغة العربية في المغتربات لتعزيز ارتباط الجيل الجديد بسوريا”.

ودعا اللاجئين إلى ما أسماه “تعزيز الروابط بين السوريين في دول الاغتراب ووطنهم الأم”، موضحاً أن “هناك من يريد للسوريين إلغاء هويتهم”.

ولكن هذه الدعوات لن تُحدث أي أثرٍ بالنسبة للسوري الذي تلقّى تهديداً مُباشرةً بعدم التسامح معه في حال عاد إلى الوطن.

عنصرية

قد يشتكي اللاجئون السوريين في أنحاء العالم من عنصرية البعض في هذه الدولة أو تلك، ومن الدعوات التي توجّه إليهم بضرورة عودتهم من حيث أتوا، إلّا أنه ثمّة نوع آخر من العنصرية ولكن ليست صادرة عن الأحزاب اليمينية المُتطرّفة في أوروبا، وإنّما عن مسؤولي نظام الأسد أنفسهم، والذين خرج أحدهم بالدعوة لإجراء فحوص الحمض النووي “DNA” على ملايين السوريين الذين لجؤوا خارج البلاد، وذلك لـ “التأكّد من هويتهم”.

ووفقاً لادعاءات أطلقها لـ “رئيس قسم الطب الشرعي في جامعة دمشق” حسين نوفل، فإن “هناك ما يقارب مليوني مواطن سوري غادروا البلاد وهم في سن 14 سنة وعمرهم حالياً نحو 20 سنة”، موضحاً أن هؤلاء لم يحصلوا على وثائق مدنية حينما غادروا، وأهمها الهويات الشخصية”.

وأضاف أن هؤلاء الأشخاص الذين هاجروا إلى خارج البلاد ليس لهم سجلات في أماكن اللجوء، مؤكداً أنه في حال رجوعهم إلى سوريا، لابد من التحقق من شخصياتهم حينما يستكملون أوراقهم في السجل المدني وهذا يحتاج إلى العديد من الإجراءات.

وأوضح أن تم الاجتماع مع مسؤولين في وزارة الداخلية والعدل التابعتين لحكومة انظام، بهدف وضع آليات حول حل هذه المشكلة، مؤكداً أنه تم اقتراح استخدام بصمة “DNA” باعتبار أن استخدام هذه الوسيلة تؤكد مصداقية نسب هذا الشخص إلى الوالدين.

أما فيما يخص الأشخاص الذين توفوا ولم يحصلوا على وثائق مدنية، فأكد نوفل أنه سيتم طرح مقترحات حول مجهولي الهوية.

ويأتي المُقترح على الرغم من أن عدد مخابر DNA غير كافية لتقوم بالمهمة، كما أنها غير مجهزة بأجهزة متطورة، بحسب نوفل، الذي دعا لزيادة عدد المخابر إلى عشرة على أقل تقدير.

ويُعتبر فحص DNA  أحد وسائل التعرف على الشخص عن طريق استخراج عينة من نسيج الجسم أو سوائله مثل الشعر أو الدم أو الريق.

ولفت نوفل، إلى أن المشروع يحتاج إلى أربع سنوات لتنفيذه بشكل كامل، معتبراً أن “القضية كبيرة وبحاجة إلى حلول جذرية، وبالتالي فإنه لابد من زيادة عدد المخابر على أقل تقدير إلى 10 على مستوى البلاد”.

ما هي النتائج

بدايةً من تصريح عصام زهر الدين الإقصائي، مروراً بتصريح حسون الذي حاول ترميم التصريح الأول، نهايةً بتصريح نوفل العنصري، أخذ السوريون وجهة نظر كاملة حول ما يريد النظام فعله وكيف سيعاملهم في حال عودتهم إلى البلاد، وهي نقطة يزيد من تعزيزها ما تسرّب قبل أيام، عن إقدام النظام على إعدام عدد من السوريين الذين عادوا من تركيا إلى مناطق النظام بحلب، بعد “تسوية أوضاعهم”، حيث قام بتصفيتهم هناك وفقاً لصورٍ نشرها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي.




المصدر