on
اللواء السوري المنشق محمد الحاج علي: إبعاد الضباط المنشقين أوصلنا إلى الإخفاق
يعتبر اللواء محمد حسين الحاج علي، أعلى رتبة عسكرية انشقت عن جيش النظام السوري، إذ إنه كان مديراً لكلية الدفاع الوطني عند انشقاقه مطلع أغسطس/ آب 2012. “العربي الجديد” التقته بعد أيام من إعلانه عن تأسيس “الجيش السوري الموحد” بقيادته، والذي يعتبره صرخة وطنية تحتاج إلى دعم ومؤازرة من السوريين، وعماده عناصر الجيش السوري الحر. ويرى الحاج علي أنه لا تعويل على دور أميركي ينصف السوريين، معتبراً أن اجتماعات أستانة عبارة عن محاولات لتدجين المعارضة وإعادة صياغة النظام. ويقول “واهم كل من يعتقد أن النظام سيوقع على عملية سلام أو انتقال سياسي للسلطة في سورية”، معرباً عن اعتقاده بأن سورية الوطن، إذا عادت، ستعود تحت الاحتلال أو سيطرة قوى إقليمية أو دولية.
* أعلنت قبل أيام عن تشكيل الجيش السوري الموحد. ما هي قدراته القتالية، وممَّ يتشكل، أقصد فصائل أو كتائب أو غير ذلك، وما هي طرق تمويله؟
– نحن حالياً في بداية تشكيل الجيش. عملنا على عملية تنظيم الضباط المنشقين على كامل الأراضي السورية، سواء في الجنوب أو الوسط أو الشمال، وشكلنا مناطق ومكاتب عسكرية في كل محافظة، وبدأنا عملية جمع المقاتلين على الأرض وتنظيمهم. انطلقنا في المشروع منذ شهرين، وحقق رواجاً جيداً في الداخل، والسوريون سعداء بوجود مؤسسة عسكرية وطنية ملتزمة بحقوق الشعب السوري في التخلص من نظام الاستبداد ومن المليشيات ومن أمراء الحرب، وأغلبية السوريين مع هذا التوجه. وحول الدعم المادي، حقيقة حتى الآن لا يوجد داعم. المشروع صرخة وطنية نسعى ونتمنى أن تدعم مادياً من السوريين بالدرجة الأولى. والجيش ليس بحاجة إلى أموال طائلة، كما يعتقد البعض، فالسلاح والذخيرة مع مقاتلينا في الداخل، وما نحتاجه هو القضايا اللوجستية وإطعام الجنود فقط. نتمنى على الجميع أن يفهموننا كسوريين. إن الوضع القائم على الساحة السورية لا يمكن أن يعطي نتائج، لا قبول النظام سيعطي نتائج، ولا قبول المعارضة، بشكلها الحالي، سيعطي نتائج، لذلك استشعرنا أننا مقبلون على مراحل أخرى، غير المرحلة السائدة، وبناء على ذلك لا بد من تنظيم صفوفنا بما يتناسب مع طموحاتنا كسوريين.
* هل شكلتم الجيش السوري الموحد، بالتنسيق مع جهات عسكرية، مثل الجيش السوري الحر، أو سياسية، مثل الائتلاف الوطني أو الحكومة المؤقتة أو هيئة التفاوض أو غير ذلك؟
– الأرضية التي ننشئ عليها الجيش الموحد هي أرضية الجيش السوري الحر، ولكن بعقلية تنظيمية مختلفة عما كانت. ولن يكون لدينا مقاتلون من خارج فصائل الجيش الحر، فهي عماد الجيش الموحد، مع إعادة تنظيم لهذه القوى، بما يخدم المراحل المستقبلية للعمل العسكري في مواجهة النظام. أما بما يتعلق بالائتلاف، فقد حاولنا التواصل مع رئيس الائتلاف، وبصراحة عدم اتفاق الائتلاف على إنشاء مؤسسة عسكرية بالأساس، وترددهم في هذا الموضوع، وعدم إصدار قرار بإنشاء الجيش الوطني، كمؤسسة عسكرية تخدم سياسة الائتلاف، وبحجج مختلفة، والسبب في تقديري الشخصي هو التماهي مع السياسة الدولية والإقليمية. حول الحكومة المؤقتة، فقد تواصل معي رئيس الحكومة، جواد أبو حطب، وقال إنه سيعمل على إنشاء جيش، وأيدته وشجعته على ذلك، لكنني فوجئت بجمع 45 فصيلاً وتشكيل الأركان، ووزارة دفاع. ومن فرض تشكيلة الأركان هي الفصائل العسكرية التي قادت إلى الفشل على مدار ست سنوات، ومن غير المعقول أن يكون قادة الفشل هم قادة النجاح. لذلك نقول إن إخوتنا المدنيين الذين قادوا العمل العسكري، للأسف الشديد لم ينجحوا، وعليهم أن يعتذروا للشعب السوري عن المرحلة الماضية، ويسلموا الموضوع إلى العسكريين الاختصاصيين. كما أن إبعاد الضباط المنشقين طيلة ست سنوات من عمر الثورة، أوصلنا إلى هذا الإخفاق الكبير، لغياب جسم أو مؤسسة عسكرية منظمة، والموجود في الداخل عبارة عن فوضى، وكل فصيل يعمل على هواه، أو هوى قائده أو الجهة التي تموله، وهذا لا يمكن أن يوصل الثورة إلى تحقيق ولو جزء من أهدافها. وهنا لا يخفى علينا جميعاً أن النظام عمل على التجزئة بهذا الشكل، عن طريق المخبرين وأزلامه واختراقاته لصفوف المعارضة. ونحن في الجيش السوري الموحد لسنا ضد هذه الفصائل بالمطلق، نريدها أن تنتظم على الأسس العسكرية الصحيحة، ونشكرهم ونشكر حميّتهم، لكن الحمية بمفردها لا تكفي، والحماسة والشجاعة لوحدهما لا تكفيان. نحن بحاجة إلى إطار تنظيمي.
* في سبتمبر/ أيلول 2012، أعلنتم عن تشكيل الجيش السوري الوطني. وقلت في أحد لقاءاتك “إنه مشروع نواة لبناء الجيش السوري مستقبلاً”، ثم فشل المشروع. ما هي الأسباب برأيك؟
– في ذلك الوقت، كانت الفرصة سانحة جداً لإنشاء هذا الجيش، لكن للأسف، لم يكن هناك قرار دولي حول الموضوع. عانينا من عداوة للمشروع من قبل دول الإقليم والولايات المتحدة خصوصاً. وفي هذا الإطار، وبعد التشكيل، التقيت بقائد القيادة المركزية الأميركية في الأردن، ومعه مجموعة من الاستشاريين العسكريين، ودار الحديث عن الجيش الوطني. وسألني مجموعة أسئلة، وأجبته بوضوح أن هدفنا وطني مطلق، ووعدني بأنه غداً سيسافر إلى واشنطن، وبعد غد سيكون تقرير مفصل حول مناقشاتنا على طاولة الرئيس الأميركي، ومضت خمس سنوات حتى الآن ولم يأتِ الجواب من البيت الأبيض. بل بالعكس جرى العمل على دفن المشروع لأسباب أجهلها، لكنهم يدعون بأنهم لا يريدون تكرار ما جرى في العراق من حل جيش الدولة، رغم أننا أخبرناهم بأننا لا نريد فرط عقد جيش الدولة، ولكن تشكيل نواة جيش تضم بقايا جيش النظام والمنشقين، ونبني جيشاً وفق أسس وطنية صحيحة. وعلى الجانب الآخر، ثمة سوريون وقفوا في وجه المشروع، سواء بإيعاز إقليمي، أو انطلاقاً من أيديولوجية ذاتية. بعض التنظيمات السياسية كانت تعتقد بأن النظام سيسقط خلال شهرين أو ثلاثة أشهر، وبالتالي “لن نسلم رقابنا للعسكر مرة أخرى”، لذلك رفضوا بناء جيش وطني، واكتفوا بفصائل خاضعة لهم يمولونها ويكيفونها بالاتجاه السياسي الذي يرغبون به. وثبت خلال السنوات الماضية أن رهانهم خاطئ، وحبذا لو يعود هؤلاء لوقفة مع الذات، بأن المعارضة من دون قوة عسكرية منظمة، لا تستطيع مواجهة قوة النظام وإيران وروسيا ودول أخرى تقف إلى جانبه، ومجموعات الفصائل لن تتمكن من مقاومة النظام وحلفائه. ما نحتاجه هو مؤسسة عسكرية تتمتع بهيكلية وأداء واضحين، وبعض قادة الفصائل كانوا نكرات في المجتمع السوري، ليست لهم مصلحة بالانضواء تحت سلطة مؤسسة عسكرية. وهذه هي أسباب عدم نجاح الجيش السوري الوطني.
* اليوم ماذا تغيّر على الأرض، وعلى ماذا تراهن كقائد للجيش السوري الموحد الذي يضم نحو ألف ضابط؟
– أراهن على السوريين. وتعلمنا خلال سنوات الثورة، أن أحداً لا يعمل لنا كسوريين، ولذلك سنعمل نحن لذاتنا، وإذا لم نتصدَّ كسوريين لهذه المهمة فلن يتصدى لها أحد. إن الضباط المنشقين إذا لم يكونوا رأس الحربة في ذلك، فلن يكون هناك نجاح. من جانب آخر، أنا لا أقول إني سأبلط الأرض السورية، أنا أطلق صرخة للسوريين لتجاوز المراحل الماضية، لنستفيد منها كعبر ودروس، فلا يمكن أن نحقق النجاح من دون العمل بشكل منظم وتخطيط وتكتيك عسكري سليم ومنضبط.
* هل تعولون على دعم خارجي، وتحديداً أميركي؟
– لا أبداً، جربنا الأميركيين خلال السنوات الخمس، فهم يبحثون عن مصالحهم فقط، ولا تلتقي مصالحنا كسوريين مع مصالح الأميركيين. وكنا نتمنى أن تلتقي مصالحنا مع مصالح أي دولة، إقليمية أو دولية، وأجرينا مشاورات مع عدة دول، سواء إيطاليا أو أميركا، لإنشاء جيش وطني، وللأسف الشديد لا يوجد قرار بدعم المؤسسة العسكرية السورية. القرار هو دعم فصائل معينة تعمل لصالح هذه الدول أو القوى فقط. ولدينا على سبيل المثال فصيل حزب الاتحاد الديمقراطي (بي واي دي)، الذي يتلقى دعماً لأنه يعمل لصالح، أو بتعليمات، أو في إطار الخطة الأميركية القائمة. طرح علينا الأميركيون العمل معهم من أجل محاربة تنظيم “داعش” فقط، وعندما ننتهي من ذلك نفكر بمحاربة النظام، فرفضنا لأننا بذلك أصبحنا مرتزقة وليس وطنيين. هذه مشكلة لم يفهمها الآخرون، بودنا أن يفهمونا، فليس لدينا مانع أن نوائم مصالح الدول مع مصالحنا الوطنية. نعي أن الدول لا تعمل إلا لمصالحها، لكن في الوقت ذاته لا يجوز أن نعمل إلا وفق منظومة مصالح سورية تصب في هذا الاتجاه. ليست لدينا عداوة أو رفض لعلاقات مع الدول، بل نحن نبحث عن علاقة سليمة قائمة على المصالح المتبادلة بيننا وبين هذه الدول.
* ما رأيك بمخرجات مؤتمرات واجتماعات أستانة بما يتعلق بمناطق خفض التصعيد؟ وكعسكري ماذا يعني هذا المصطلح (خفض التصعيد)؟
– دعنا نتساءل، من أين أتت فكرة اجتماعات أستانة. برأيي أن أستانة أتت كمخرج لفشل مؤتمرات جنيف. الروس والنظام أفشلوا اجتماعات جنيف، وخرجوا باجتماعات أستانة، وإذا هم (الروس والنظام) أوقفوا الصراع المسلح فلا حاجة لمؤتمرات جنيف. لأن مشكلتنا في الداخل السوري هي الصراع المسلح مع هذا النظام المجرم. وبتقديري الشخصي، فإن اجتماعات أستانة نوع من السياسة الروسية بالتعاون مع تركيا وإيران لتدجين المعارضة، وبالتالي تسكين الوضع العسكري القائم، وفي ما بعد إعادة هذه المناطق بشكل تدريجي إلى سلطة النظام، عبر طرق مختلفة، كإدخال المدارس والمستوصفات وإدخال “النفوس” السجلات المدنية، وهكذا عبر خطوات متتالية تصبح المسألة شبه محسومة لصالح النظام، وهذا هو هدف مؤتمرات أستانة. نحن ضدها، لأنها إعادة تجميل لصورة النظام وإعادته بطريقة أخرى، ليس بطريقة القتال والنصر، وإنما بطريقة القبول، وما سياسة المصالحات التي تجريها روسيا والنظام إلا خدمة رديفة في هذا الاتجاه. وقد استخدموا مصطلح خفض التصعيد بدلاً من وقف إطلاق النار، من أجل ان تكون الأمور مطاطة، حيث ينفذون أعمالاً عسكرية عندما يشاؤون، فليس ما يمنع من وقف إطلاق النار في تلك المناطق، حسب “خفض التصعيد”.
* ماذا تتوقع من مؤتمر جنيف، الذي تجري التحضيرات لعقده قبل نهاية العام الحالي؟
– لست عضواً في الوفد، ولا علاقة لي بالاتصالات التي تجرى بشأن انعقاده، لكني لا أرى حلاً سياسياً في سورية، لأن الحل السياسي قائم على إبعاد النظام، أو إبعاد رأس النظام كحد أدنى، وهذا غير وارد في الحسابات القائمة، ولا أحد يقدم على التوقيع بيده على قتله، وواهم كل من يعتقد أن النظام سيوقع على عملية سلام أو انتقال سياسي للسلطة في سورية. ومن هنا أقول إن مشكلتنا مستمرة وطويلة، وقد لا ننجح في البداية، وقد نتعثر كثيراً، وهذا متوقع بالنسبة لنا في الجيش السوري الموحد، لكن لا بد من بدء العمل، ولا بد من جمع طاقاتنا وإمكانياتنا لمواجهة المرحلة المقبلة بكل إفرازاتها وإشكالياتها.
* كنت عضواً في الوفد الذي زار موسكو خلال العام 2014، أي قبل تدخل روسيا العسكري المعلن، وتواجدها العسكري والقتالي فوق الأراضي السورية، فهل كانت نتائج تلك الزيارة إيجابية؟
– أخشى، في ظل غياب حل سياسي صحيح ووسطية لدمج النظام والمعارضة، وأعتقد أن سورية لن تعود كما كانت، وإذا عادت ستعود تحت الاحتلال أو سيطرة قوى إقليمية أو دولية، وهذا ما نقاومه كجيش سوري موحد.- لم تكن نتائجها إيجابية على الإطلاق. زرنا موسكو بناء على دعوة من الروس، واعتقدنا أن لديهم معطى جديداً في التعامل مع الأزمة السورية. والتقينا في اليوم الأول مع نائب وزير الخارجية الروسي، وكانت المباحثات تدور حول المخرج للأزمة، وفي اليوم الثاني التقينا مع وزير الخارجية، سيرغي لافروف، ووعد بأن يتم تشكيل لجنة أزمة من ست دول، أميركا وروسيا والسعودية وتركيا ومصر وإيران، كما وعد لافروف أيضاً بأن يعقد اجتماعاً موسعاً لوفد من المعارضة السورية في نهاية ذلك الشهر (فبراير/ شباط 2014)، وفعلاً حصل الاجتماع، لكن للأسف لم تدع المعارضة السورية، وإنما حضرت تكوينات النظام الاستخباراتية، وبالتالي رأينا أن هذا الموضوع لا يشجعنا نهائياً، وأن الروس يناورون ويداورون المسألة بما يخدم النظام وليس حل القضية السورية.
* كيف تنظر إلى اجتماع الهيئة العليا للمفاوضات المزمع عقده في الرياض، والحديث عن توسيع دائرة التمثيل لتضم أطيافاً جديدة من المعارضة؟
– ليست ذات جدوى إلا إذا كنا نريد الترتيب لأمر آخر، بمعنى تغيير وجوه من ناحية، ومن ناحية ثانية تعديل موقف المتشددين من المعارضة نحو القبول ببشار الأسد لمرحلة انتقالية.
* ما تعليقك على إعلان رأس النظام عن انتصاره الوشيك، ودحره للإرهاب حسب وصفه؟
– أريد أن أفهم كيف انتصر؟ إذا كانت سورية سلمت لإيران، وهي التي تسيطر على البلد، ومن يعمل في الميادين السورية القتالية هم مليشيات من أتباع إيران، سواء “حزب الله” أو المليشيات العراقية والأفغانية وغيرها. بالأمس، على سبيل المثال، قتل قائد لواء روسي في دير الزور، ما يعني أيضاً وجود قوات روسية على الأرض. هل من الممكن أن يفهمنا هذا المنتصر أين جيشه؟ منذ 2013 حتى الآن لم أجد معركة نفذها الجيش السوري. من ينفذ المعركة هي المليشيات، وكل القوى التي نواجهها في الميدان هي مليشيات، حتى السوريين مليشيات أيضاً من قوات ما يسمى الدفاع الوطني، وليس الجيش السوري الذي تحول إلى الحواجز والحراسات الأمنية. وهنا أسأل رأس النظام ماذا بقي لك من سورية، وأين قرارك؟ كل المتتبعين للشأن السوري يعرفون أنقرار النظام في موسكو وليس في دمشق، وسورية تحت الاحتلال اليوم، سواء كان الاحتلال الإيراني أو الروسي، وهناك تقاسم نفوذ، وللأسف الشديد تم تقاسم نفوذ في الشمال من قبل تركيا، وفي الجنوب من قبل إسرائيل والأردن، فكيف انتصر هذا النظام؟ هل هو انتصر على الشعب؟
* قد يكون المقصود استعادة مساحات من الأراضي والمواقع التي كانت بحوزة المعارضة المسلحة أو التنظيمات الإسلامية؟
– الصحراء التي يتحدث عنها النظام هي بالأساس مفارز متنقلة وغير ثابتة، وتوجد فيها عناصر قليلة. إذا أخذنا البادية، ابتداء من منطقة الضمير إلى دير الزور، توجد فيها مفارز لـ”داعش”، وليس فيها وجود لقوات، لأنها منطقة ذات مساحة واسعة وصحراوية تصعب الإقامة فيها.
* هل تخشى على سورية من التقسيم؟
* يتهم النظام السوري دائماً بأنه طائفي، خصوصاً من جهة المؤسسة العسكرية، فها أنت من درعا ولست من الأقليات، ووصلت إلى رتبة لواء في الجيش السوري. هل تشرح لنا تركيبة جيش النظام من هذه الناحية؟
– لا يستطيع النظام تشكيل جيش كامل من العلويين، لكن لا بد من تطعيمه بفئات أخرى. لكني عندما أجد 40 ألف ضابط من الطائفة العلوية، من أصل 48 ألف ضابط منتسبين للجيش قبل انطلاق الثورة، فأسأل 500 ألف سؤال، لماذا هذا الرقم الكبير جداً من الضباط العلويين، ونسبة هذه الطائفة لا تتجاوز 8 في المائة في سورية؟ قد أقبل أن تكون نسبة الضباط 40 في المائة، أما أن يصل عدد الضباط العلويين إلى 85 في المائة، فهذه النسبة توضح أن هذا الجيش طائفي. أضف إلى ذلك السلوكيات التي كانت تحصل في المؤسسة العسكرية، سواء أكانت استخباراتية أو ميدانية، كلها تدل على أنه جيش طائفي. مسموح للضباط العلويين أن يجتمعوا ويتشاوروا وينسقوا آليات التفكير والعمل، لكن ممنوع على الضباط السنة أن يفكروا في هذا الإطار. يعني إذا زارك ضابط سني وأنت قائد، فسيكتب بك تقريراً أن فلان زارك. لا تستطيع أن تنصف ضابطاً إذا كان سنياً، لأنه إذا أنصفته يقولون هذا سني أنصف ابن طائفته، وليس أنصف الحق. كل السوريين يعلمون طائفية النظام، والمسألة ليست سراً، وعملية التغيير الديموغرافي للجيش بدأت منذ أن استلم حافظ الأسد وزارة الدفاع. وأعطي مثالاً في دورتي بالكلية الحربية في العام 1974، كان 60 في المائة من المشاركين في الدورة من الطائفة العلوية، و40 في المائة من الطوائف الأخرى. وزادت نسبة العلويين في دورات الكليات، خصوصاً بعد أحداث الثمانينيات، وهذا واقع لا يستطيع أحد أن يختبئ خلفه. والأسد الأب يرتب لذلك، لأنه يشعر بعدم مشروعيته للحكم كونه يحكم بالقوة من خلال الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة، والأسد هو من حوّل الدولة السورية لدولة طائفية، وكل الناس تعرف ذلك.
* برأيك لماذا توقفت الانشقاقات عن النظام، سواء العسكرية من ضباط وصف ضباط وجنود، أو مدنية من وزراء وبرلمانيين وقضاة ودبلوماسيين وغير ذلك؟
– للأسف المعارضة لم تنشئ مؤسسات سياسية تستوعب المنشقين. بالعكس تم تهميش المنشقين، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، وبالتالي أين يذهب المنشق؟ كانت المعارضة تفرح وترحب بانشقاق الضابط، لكنه يُرفض في الميدان، والدول المجاورة أنشأت للضباط مخيمات ومنعتهم من دخول الأراضي السورية للعمل في الميدان العسكري إلى جانب المدنيين الذين تعسكروا، والسوريون الذين استلموا المواقع القيادية الميدانية أيضاً منعوا الضباط من تولي مهام عملهم العسكري، أو يقبلونهم كمرؤوسين عندهم.
* هل أنت نادم على انشقاقك عن جيش النظام؟
أبداً بالعكس، لأنه يصعب علينا أن نبقى في صفوف جيش يقتل الشعب، جيش بيت آل الأسد وليس جيش سورية. هذه النقطة كانت حاسمة في عملية الانشقاق، وواجبي الوقوف مع أهلي ومع الشعب الذي يُقتل ويُباد ويُشرد، ولا أقف مع الظالم. وكنت على اطلاع كامل على الفبركات التي يصطنعها النظام، وتتضمن تزييف الحقائق، “كلها شايفها”، فمن غير المعقول أن أقف مناصراً لهذا الاتجاه، لذلك أخذت هذا القرار وتحملت كل نتائجه ومسؤولياته.
المصدر