المنظمات المعنية بالشأن السوري… فساد بنيوي



يدور الحديث كثيرًا هذه الأيام عن خراب بنيوي، وفساد متعدد الأوجه، داخل مفاصل بعض المنظمات المعنية بالشأن السوري في تركيا وغيرها من الدول التي تستضيف اللاجئين السوريين. ومن أوجه الفساد أن يغادر كثيرٌ من العاملين فيها إلى بلدان اللجوء، بعدما أتاحت لهم وظائفهم أو منظماتهم نسج علاقات طيبة، وفتحت لهم آفاقًا جميلة للعمل والعيش الكريم.

(جيرون) استطلعت بعض آراء من هم على اطلاع على ما جرى ويجري في هذه المنظمات، وسألتهم عن الواقع، وعن التأثيرات السلبية على المواطن السوري.

أسوان نهار مديرة مؤسسة فريق (نور) التطوعي لكسر الحصار قالت لـ (جيرون): “أوافق تمامًا على تسمية الخراب البنيوي والفساد؛ لأن هذا ما حدث ويحدث بالضبط، فبعض المنظمات لا تعتمد على الخبرة أو جودة عمل الكادر، وإنما تبرئ نفسها من أعباء وصعوبات العمل بزيادة الأجور؛ ما أدى إلى التأثير السلبي على فرق تطوعية جادة”.

وأضافت مبينة بعض النتائج: “يتسبب كل ذلك بغياب العمل التطوعي. والشيء الآخر هو عدم عمل الموظف بشكل قانوني، داخل المنظمة في تركيا، كغياب أذون العمل المرخصة، الأمر الذي سيؤدي إلى ضرر يصل إلى التوقيف، نتيجة إغلاق الحكومة التركية المنظمات المخالفة”.

المعارضة السورية مرح البقاعي أكدت لـ (جيرون): “في الحقيقة، غياب المحاسبة والمساءلة هما السبب الرئيس في فشل معظم منظومات المعارضة، السياسية منها والمدنية، حيث لا مساءلة سياسية لمن يعملون في تمثيل الثورة في المحافل الدولية، ولا محاسبة لمن يستلم الأموال العامة باسم الشعب السوري الجريح. طبعًا هناك استثناءات على المستوى الضيق في الحالتين.

(المسؤولية والمساءلة) هما المبدأين اللذين حاربتُ لتطبيقهما، منذ البدايات في المجلس الوطني السوري، وفشل الآخرون باستيعاب هذه الشروط التي هي سبب نجاح المؤسسات والمنظمات في العالم كله، وهو ما دفعني إلى الاستقالة في وقت مبكّر من المجلس”.

في الموضوع ذاته، قال سعيد نحاس رئيس رابطة المهندسين السوريين في تركيا لـ (جيرون): “فعلًا هو خراب بنيوي، وهذا التعبير جيّد وسائد ومتعدد الأوجه، والفساد هو انعكاس لهذا الخراب البنيوي. وجود المنظمات ألغى العمل التطوعي، وانحسرت بسببها كل قيم التكافل والتراحم والتعاضد والتعاون والرحمة، واستبدلت بأعمال امتهان لهذه المساعدات، أو الخدمات، وخاصة بوجود رواتب مغرية جدًا”. وأكد أن “الفروقات المادية أدت إلى تغيير حياة الناس؛ وصار هناك تفاوت طبقي بين أصحاب الثورة الواحدة، أدى إلى حالة احتقان أو استقطاب، وبالتالي سنحت الفرصة ليتخلوا عن كثير من المبادئ، وينضموا إلى لوبي الفساد، أو يهاجروا. علينا معرفة أنه لا أحد يدفع أموالًا (لسواد عيوننا)، فهي عمليات متعددة الأهداف، بحسب أجندة المانح، ووزارات الخارجية التي تمنح الأموال، مثل الخارجية الأميركية والنرويجية والأوروبية وغيرها”.

عبو الحسو كاتب وصحافي سوري وخبير في شؤون المنظمات قال لـ (جيرون): “هناك بالفعل منظمات تشكو من فساد بنيوي وإداري، من ناحية الكوادر العاملة، ولا سيّما الصف الأول منهم، حيث يكون من عائلة واحدة أو من تيّار أو مجموعة أو منطقة واحدة أو إثنية معينة؛ ما يؤدي إلى التمييز في توزيع المشاريع أو المساعدات، ومن ناحية أخرى، تحولت بعض المنظمات إلى متعهدين يسعون إلى الربح والاستثمار فقط، وتأمين رواتب كوادرها العالية، بغض النظر عن فاعلية مشاريعها وأثرها في المجتمع، فتجد القصور وسوء التنفيذ في كل مراحل المشروع، ابتداء من الدراسة وانتهاء بتقرير المراقبة والتقييم، وفي معظم الأحيان تهتم بعض المنظمات بإرضاء المانح أكثر من تحقيق أثرٍ للمشروع على الأرض، ينعكس بشكل إيجابي على حياة المستهدفين أو المستفيدين من المشروع”.

وأضاف: “كما أن بعض المنظمات تحولت إلى أذرع استخباراتية لبعض الجهات الدولية، تنفذ مشاريع شكلية وبمبالغ خيالية، مقابل جمع معلومات تفصيلية عن القوى العسكرية والتركيبة الاجتماعية والمزاج العام للناس، وما إلى ذلك. ورأى أنّ الحلَّ يكمن في “وجود سقف أو هيئة جامعة، تنظم عمل المنظمات وتنسق المشاريع وتوزعها توزيعًا عادلًا، وأن تُجرى أعمال المراقبة والتقييم من قبل طرف ثالث موثوق ومعتمد”.




المصدر
أحمد مظهر سعدو