الهيئات السياسية.. هل تُبعد العسكر؟
28 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2017
لوحظ مؤخرًا أن هناك سباقًا مع الزمن، لإطلاق وإنتاج الهيئات السياسية في العديد من المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، حيث شُكلت هيئات سياسية في الغوطة الشرقية لدمشق، وفي إدلب، وريف حلب، والقنيطرة والجولان، وسط تساؤلات حول مُسببات ظهورها في الآونة الأخيرة، وإمكانية أن تكون بديلًا، لتمظهر الحالة العسكرية عمومًا على المدنيين ومؤسساتهم الإدارية.
يرى رئيس الهيئة السياسية في ريف حلب محمد يحيى نعناع أن الذي “دفع الثوار في المناطق المحررة إلى العمل على تشكيل هيئات سياسية هو الفشل المتكرر، وعدم تلمس آلام السوريين بشكل كامل، والنظر إلى الثورة السورية على أنها ثورة شعبية، وليست معارضة سياسية”، معتبرًا خلال حديثه لـ (جيرون) أن “هذا أدى إلى انتكاسات وتراجعات في القرار السوري، في المحطة الدولية؛ ومن هنا انطلقت فكرة الهيئات السياسية”.
حول غاية المؤتمر السياسي الذي عقد مؤخرًا في حلب، قال: “نحن من خلال الهيئات السياسية سوف نُفعِّل الحراك الشعبي الكامل في الأراضي المحررة، ونسعى لإعادة القرار إلى أهله بشكل صحيح، والضغط على المجتمع الدولي لتلمس آلام وعذاب السوريين”.
إيمان حرصوني عضو الهيئة السياسية في مدينة أريحا قالت: “لا يمكن أن تقوم دولة بلا سلطة سياسية، أو هيئة سياسية حاكمة يخضع لها الجميع، وتقوم فيها الحكومة بوظائفها، في تنظيم شؤون الأفراد والجماعات، تعتمد على الإقناع وتؤمن بالتداول السلمي للسلطة، وتساعد المواطن على المشاركة بصنع القرار، وإنهاء الظواهر المسلحة، عبر سحب السلاح من الجميع، ومن الفصائل التي تتصارع لاستلام السلطة، وإهمال شؤون المواطنين”، وأوضحت لـ (جيرون) أن غياب هذا المفهوم “شجّع على الفلتان الأمني، وساهم في انتشار أعمال السرقة والخطف والقتل”.
عضو الهيئة السياسية في الغوطة الشرقية، عزو فليطاني قال لـ (جيرون): إن “الهدف من تجمع الهيئات السياسية هو أن نصل إلى جسم سياسي جامع للثورة، إذ لا يمكن أن تنتصر إلا بجناحيها السياسي والعسكري”، وعدّ أن “الهيئات السياسية ليست بديلًا عن قوى الثورة العسكرية وتشكيلات الجيش الحر”، موضحًا أن “الثورة أصيبت بإخفاقات وعثرات، منها غياب الجناح المدني السياسي، وتفكك قوى الثورة بالداخل والخارج. نحن لسنا بديلًا عن الجناح العسكري، وإنما نكمّل بعضنا، ونرى أن الفترة القادمة هي عمل سياسي بامتياز”.
في الشأن ذاته، قال خالد الخطيب رئيس الهيئة السياسية في القنيطرة والجولان: إن “الثورة السورية المباركة تتعرض لضغوط كبيرة، منها العسكرية ومنها السياسية، والدور العسكري (تقريبًا) جمّد لصالح النظام، بضغوط دولية”، مضيفًا أن الهيئة العليا للمفاوضات هي الأخرى “تتعرض لضغوط دولية، وهي تفاوض العالم بأسره، من دون صديق أو مساند أو معين، فكلهم ضدّ الثورة السورية”. وعن ولادة الهيئات السياسية بهذه السرعة، قال الخطيب لـ (جيرون): إنها “حاجتنا إلى دور سياسي فعّال في الداخل السوري المحرر، يكون متوازيًا مع اللجنة العليا للمفاوضات سياسيًا، وليس بديلًا عنه، ولا عن الدور العسكري”.
أما رضوان الأطرش، رئيس الهيئة السياسية في إدلب، فقد عدّ أن “مشروع الهيئات السياسية انطلق من إدلب في البداية”، وقال لـ (جيرون): إن “هذا المشروع يهدف إلى إعداد تمثيل حقيقي للثورة السورية، وعندما لاحظنا أن هناك ضعفًا شديدًا في المعارضة متمثلة بالائتلاف الوطني وترهله وابتعاده كل البعد عن الواقع؛ أدركنا هذه الخطورة، وقمنا بتشكيل هيئات سياسية في إدلب، ثم انطلقنا باتجاه باقي المحافظات”.
وأشار إلى أنهم “بصدد عقد اجتماع في المحافظات الشمالية، بالحضور الشخصي وعبر الإنترنت، للخروج بمخرج سليم، قد يكون هيئة سياسية جامعة على مستوى الساحة السورية، وبالتأكيد هذا الجسم الجديد سيكون له موقف واضح وصريح، من تغول الفصائل”.
في السياق ذاته، قال عضو الهيئة السياسية في الحسكة، فواز المفلح: “بعد الفشل الواضح في إدارة ملف الثورة، ونقل الصورة الحقيقية إلى الرأي العام المحلي والدولي، والتخبط في الأفكار والآراء، وعدم الاتفاق على تقديم المصلحة العامة على الشخصية في الائتلاف وكل المؤسسات الثورية، ورفضهم التنحي وتقديم اعتذار للشعب والثوار، وتسليم دفة القيادة لمن هم أكثر كفاءة وأصلب عودًا في مواجهة الضغوط والمغريات؛ كان لا بد من البحث عن بديل لجسم سياسي يمثل الثورة، ويكون له مشروعية من الداخل، ويحظى بقبول الخارج بعيدًا عن الأجندات العسكرية التي ارتبط موقفها بموقف الداعمين”، وأضاف لـ (جيرون): “من هذا المنطلق؛ بدأ العمل على تشكيل جسم ثوري شرعي، يمثل الثورة بعيدًا عن كل تلك الأجسام الغريبة التي أضرت بالثورة”.
[sociallocker] [/sociallocker]أحمد مظهر سعدو