مستقبل دير الزور.. تناحر أميركي روسي



تعكس معارك دير الزور “التناحر بين القوتين العظميين: واشنطن وموسكو؛ بهدف وراثة مُلك (داعش)، إن صح التعبير، في شمال شرق سورية”، وفق سعيد سيف الناطق الإعلامي لـ (قوات الشهيد أحمد العبدو).

يرى سيف، في حديثه لـ (جيرون)، أن “الإيرانيين ما زالوا طامحين لصناعة الهلال الشيعي عبر ربط بغداد – دمشق بلبنان؛ ولذلك هم يستميتون للبقاء في البادية، ويبحثون عن موطئ قدم في دير الزور، من خلال تحالفهم مع موسكو”. وأضاف: “أعتقد أن مصير دير الزور، في ظل الأحداث المتسارعة، سيكون عن طريق تقاسم النفوذ، بين واشنطن وموسكو، بمعنى أن المناطق الخالية من تواجد (قسد) المدعومة أميركيًا ستصبح مناطق نفوذ لروسيا وحلفائها، أي ستلعب روسيا دور الضامن لمصالح الدول الكبرى صاحبة الأطماع في سورية، سواء الولايات المتحدة أو غيرها”.

غير أن الباحث في الشؤون الاستراتيجية عبد الناصر العايد يرى أنه “لا يمكن الآن التكهن بمن سيحدد مصير دير الزور. مناطق شمال نهر الفرات هي منطقة نفوذ أميركي، أما جنوب النهر؛ فستكون حصة موسكو والنظام وحليفتهم طهران”. وأوضح خلال حديثه لـ (جيرون) أن “الأميركيين لديهم خطط للبقاء على المدى الطويل في سورية، ولدينا معلومات مؤكدة أن أميركا تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية دائمة، بين دير الزور والبوكمال، بذريعة ضمان عدم نهوض (داعش) مجددًا”. وقال مبينًا: “هناك تنافس كبير بل سباق بين روسيا وأميركا، من خلال القوات التي يدعمها كلّ طرف على الأرض، لاحتلال أكبر رقعة من المدينة، بخاصة مناطق النفط والمناطق الحدودية، وتحديدًا البوكمال”.

أشار العايد إلى أن “هناك خشية، لدى موسكو والنظام وطهران، من أن تُحكم ميليشيات (قسد) سيطرتها على بعض منابع النفط المهمة؛ ما يؤهلها لامتلاك القوة والتمويل الذاتي، بما يساعدها على الاستقلال ومواجهة أي مشروع مضاد؛ من هنا تحاول روسيا قطع الطريق على مثل هذه المخططات، من خلال دعمها لقوات النظام والميليشيات الإيرانية”.

في حين قال سيف “معارك دير الزور تجسد التناحر بين القوى الكبرى، لوراثة مُلك (داعش) في شمال شرق سورية الغني بالنفط والغار، أما بالنسبة إلى اللاعبين الإقليميين فما زالت تطمح طهران لصناعة الهلال الشيعي، عبر الربط بين بغداد ودمشق ولبنان؛ ولذلك يستميت الإيرانيون من أجل البقاء في البادية، ويحاولون إيجاد موطئ قدم لهم في دير الزور ومحيطها، عبر التحالف مع موسكو”.

من جهته، قال الناشط سائد شخلها لـ (جيرون): إن “مصير دير الزور حُدّد سلفًا، من خلال تفاهمات أميركية-روسية، قبل بداية الحملة على المدينة، بحيث تسيطر قوات النظام وميليشيات طهران على منطقة غرب النهر الممتدة من الرقة إلى حدود دير الزور، وتسمى الشامية، في حين تحكم (قسد) المدعومة أميركيًا سيطرتها على شرق النهر والتي تسمى الجزيرة”. وأضاف أن “في مناطق نفوذ موسكو، ستكون هناك سطوة لقوات النظام مع محاولات واضحة لتشييع المنطقة من خلال الإيرانيين، بينما في مناطق النفوذ الأميركي ستكون هناك سطوة واضحة لـ (قسد)”، ورأى أن “دور الأميركيين يقتصر على منابع النفط والمناطق الحدودية مع العراق، مع وجود عدة بؤر صغيرة لـ “تنظيم الدولة”، للإبقاء على ذريعة مكافحة الإرهاب التي يحتاج إليها الجميع لشرعنة بقائه في سورية”.

معارضة بلا دور

يقول سيف: “حتى اللحظة، لا يوجد أي دور لفصائل الثوار في معارك دير الزور، وتراجع دورها كثيرًا في البادية، بفعل الضغوطات الكبيرة من كافة الأطراف، أضف إلى ذلك أن اتفاقات خفض التصعيد لم تشمل إلى الآن مناطق سيطرة الفصائل في البادية أو القلمون”، وأوضح أن “هناك مخططًا واضحًا؛ لإضعاف المكون العربي السني أو للقضاء عليه، في تلك المنطقة، بذريعة مكافحة الإرهاب”.

من جهته، قال العايد: “للأسف لا يوجد أي دور لفصائل المعارضة، في ما يحاك أو يرسم لدير الزور”، معقّبًا أن تلك الفصائل “للأسف، لم تدرك التغييرات الاستراتيجية للمعادلات السياسية، وانحسر وجودها في مناطق معزولة ضمن الصحراء، ولم تبادر إلى اتخاذ أي خطوة لفتح طريق باتجاه دير الزور الذي أغلقه النظام السوري”. وأضاف: “اليوم يبدو، وفق مشاريع الدول الفاعلة، أن لا حاجة لفصائل المعارضة، وأعتقد أنه وفق الخطط الأميركية يمكن أن تلعب الفصائل دورًا في المرحلة اللاحقة، بعد انتزاع المدينة من (داعش)، دورًا يقتصر على حفظ الأمن والاستقرار الداخلي، بمعنى أن تتحول إلى جهاز شرطة محلي، يعمل تحت إمرة (قسد)”.

لم يختلف شخلها مع العايد، إذ رأى أن فصائل المعارضة “خرجت من معادلات دير الزور، بـ (خفّي حُنين)، وذلك لأن معظم الفصائل التي تمتلك حاضنة شعبية رفضت المشاركة في المعارك، تحت راية (قسد)”، أما مَن قبِلَ؛ فقد خسر القواعد الشعبية وبات تابعًا بشكل كامل للميليشيات الكردية، ولن يستطيع على المدى القريب أو المتوسط حشدَ قوى شعبية، تساعده على المبادرة أو تدعم موقفه أمام بقية القوى العسكرية التي تعمل على الأرض والمدعومة من قوى كبرى”. (م.ش).




المصدر
جيرون