قضية “الأسير” إلى الساحة اللبنانية مجددًا



أصدرت المحكمة العسكرية في لبنان، أمس الخميس، حكمًا بالإعدام على (أحمد الأسير)، بعد اعتقاله أكثر من عامَين، على خلفية أحداث منطقة عبرا، في محيط مدينة صيدا جنوبي لبنان، في وقتٍ اعتقدت فيه أصواتٌ لبنانية أن الحكم تجسيد لهيمنة طرف على حساب آخر في البلاد. وطالت الأحكام أيضًا عددًا من أنصار الأسير، حيث حُكم على شقيقه بالإعدام أيضًا، في حين كان نصيب الفنان فضل شاكر حكمًا غيابيًا بالسجن لمدة خمسة عشر عامًا مع الأشغال الشاقة، وحرمانه من حقوقه المدنية، بحسب (فرانس برس).

ترى أصوات لبنانية كثيرة أن الحكم على الأسير لم يأت وفق معايير قضائية، بل جاء سياسيًا، ويعبّر عن فرض طرف لبناني داخلي (في إشارة إلى حزب الله اللبناني) إرادته على كل مفاصل الدولة، خدمةً لمشاريعه المرتبطة بإيران وتحالفاتها في المنطقة، ومن جهةٍ أخرى يجسد رغبة ذلك الطرف في عقاب كل من حاول في لبنان أن يدين الدور الذي لعبه “حزب الله” في سورية والجرائم التي ارتكبها هناك نتيجة قتاله إلى جانب النظام.

تذهب بعض وجهات النظر اللبنانية أيضًا إلى أن توقيت الحكم يشير بوضوح إلى عنجهية الأطراف المتحالفة مع نظام الأسد في لبنان، خصوصًا أنها جاءت بعد أسابيع من كلام الأمين العام لـ (حزب الله) اللبناني حسن نصر الله، عن “انتصار النظام السوري”، وبالتالي تأتي أحكام المحكمة العسكرية؛ لتكريس هذا الانتصار -بالمعنى السياسي- داخل الساحة اللبنانية.

بدأت قضية ما سمي بـ (جماعة الأسير) مع انطلاق الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد في العام 2011، وتدخّل ميليشيات (حزب الله) اللبناني فيها إلى جانب الأسد، إذ سرعان ما أطلق (الأسير) تصريحات شديدة اللهجة ضد الحزب.

استمرت قضية (الأسير) تراوح، ضمن تصريحات الأخير وتحريض من (حزب الله) وإعلامه، وفق خلفية طائفية واضحة، كان المراد منها إشعال فتنة بين السنة والشيعة في لبنان، حسب رؤية الكثير من السياسيين اللبنانيين، إلى أن وقعت أحداث عبرا، في محيط مدينة صيدا الجنوبية، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين أنصار الأسير وعناصر الجيش وقوى الأمن اللبنانيين بدعم واضح من الحزب في حينها.

جاءت اللحظة الحاسمة في قضية الأسير -ضمن سياق الأحداث السورية وتداعياتها على لبنان- في 23 حزيران/ يونيو 2013 بعد أن قُتل نحو 19 جنديًا لبنانيًا، ونحو 15 من أنصار الأول، واعتقل العشرات منهم عقب اشتباكات عنيفة؛ اتُّهم الأسير على خلفيتها، بتفجير نزاع طائفي في لبنان.

إلا أن وجهات نظر لبنانية أكدت أن معركة عبرا اندلعت بعد أن أطلق عناصر لـ (حزب الله) النار على مسجد بلال بن رباح الذي يخطب فيه الأسير، بهدف إنهاء “ظاهرة الأسير”، وإسكات أي صوت معارض لتوجهات الأول ومشاريع طهران في لبنان.

من غير المعروف -حتى اللحظة- إن كان الحُكم الأخير سيسدل الستار على قضية (الأسير) وأنصاره، وكيف ستؤول المواجهة السياسية في لبنان، مع تعاظم دور (حزب الله) ومشروعه المرتبط بطموحات دولة الولي الفقيه في إيران، والدور المستقبلي للحزب.

تؤكد العديد من المصادر اللبنانية أن قضية الأسير ليست قضية لبنانية محلية، وأن لها ارتباطات إقليمية، ولا سيما فيما يخص القضية السورية والصراع المتصاعد في المنطقة، مشيرين إلى أن مسألة (الأسير) الآن سيكون لها ارتدادات على قضية المخيمات الفلسطينية في لبنان، بخاصة أن فضل شاكر المحكوم عليه غيابيًا في القضية متوارٍ داخل المخيم، ومعروف أن قضية المطلوبين داخل (عين الحلوة) قد تفجر صراعًا فلسطينيًا لبنانيًا، بفعل التحريض الكبير لـ (حزب الله) وأنصاره، ورغبتهم في إنهاء أي (كانتونات) مسلحة، لا تمتلك التوجهات السياسية والطائفية ذاتها.

في الوقت نفسه، يسعى الكونغرس الأميركي لفرض عقوبات جديدة على (حزب الله) اللبناني، عن طريق طرح مشاريع قوانين من المنتظر تمريرها.

تهدف مشاريع القوانين الجديدة إلى عرقلة حركة الحزب حول العالم، كما تعاقب الدول والأحزاب السياسية التي تقدّم دعمًا له، وهذه مقاربة جديدة تختلف عن الاستراتيجية السابقة التي اعتمدت على معاقبة عناصر من الحزب أو قطع التمويل في مصادره، وفق موقع (العربية). (م.ش).




المصدر
جيرون