والدان مكلومان يرويان كيف اكتوى فلذة أكبادهما بنيران الروس في إدلب




عبد الرزاق الصبيح: المصدر

طريقة جديدة للموت في سوريا (الموت حرقاً) لمعارضي نظام بشار الأسد وعن طريق أحدث سلاح روسي ذكي في اختيار المكان، ولكنّه غبي في اختيار الهدف، مضيفاً الأطفال لبنك أهدافه.

يروي خالد والد الطّفل محمد قسوم، الذي قضى حرقاً بريف ادلب الجنوبي يوم الجمعة الماضية مأساته بعد استهداف مكان عمله بصاروخ بعيد المدى وبغارات روسية.

في الوقت نفسه أعلنت روسيا عن استهداف بوارجها في المتوسط لإدلب بصواريخ بعيدة المدى، مدعية استهداف مواقع عسكرية، إلا أن إحدى هذه الصواريخ كانت على غربال للحبوب في بلدة كفرسجنة بريف ادلب الجنوبي، وتسبب الصّاروخ بمقتل الطفل “محمد” حرقاً، بعد اشتعال النيران بخزان المازوت القريب من مولدة كهربائية للغربال، كما أصيبت والدته وأخته الصغيرة بجروح.

وخلال لقاء “المصدر” لـ “خالد” والد الطفل قال “أنا أعمل حارساً في غربال للحبوب في أطراف بلدة كفرسجنة بريف إدلب الجنوبي منذ سنتين، وأتقاضى 30 ألف ليرة كراتب شهري لقاء حراستي للغربال الخاص بالمحاصيل الزراعية لأهالي المنطقة”.

وعن الحادثة قال “سبقتني النّار إلى ولدي وفلذة كبدي الوحيد، بعد استهداف مكان عملي في غربال الحبوب في أطراف البلدة، بعد استهداف المكان بصاروخ بعيد المدى وبغارات جوية روسية … كنت أشتري الطّعام لعائلتي من السّوق لحظة سقوط الصّاروخ، ووصلت وكانت فرق الإسعاف، قد نقلت طفلي مع والدته وأخواته إلى المستشفى، ووجدت الغربال بات كومة رماد والنّيران تلتهمه من كل جانب.

“اعتقدت أن الجميع قد قتلوا، وبعد سؤال المسعفين عن عائلتي قالوا لي تم نقلهم للمستشفى، اسودّت الدنيا في عيني عندما رأيت طفلي جثّة متفحّمة، والنّاس تجتمع حوله في المستشفى”.

[youtube https://www.youtube.com/watch?v=eiYCiiKePZU?feature=oembed&w=500&h=281]

والدة الطفل لم تستطع هي الأخرى مقاومة دموعها حين تحدثت “المصدر”، وحاولت كبت دموعها قائلة “كان ولدي محمد يلعب في ساحة الغربال، عندما كنت أنظّف المكان القريب من البيت الصغير في غربال الحبوب، ولحظة سقوط الصّاروخ، اعتقدت بأنها القيامة فكلّ شيء حولي اشتعلت فيه النيران فجأة، وسقطت على الأرض، وبدأت أبحث عن أولادي”.

وأضافت والدة الطّفل: نظرت عن يميني فلم أجد أحداً، وكانت قد انطلقت آخر صيحة لطفل يا أمي وهو وسط النّيران الملتهبة، كانت النيران تأكل جسده الطريّ النّاعم.

حاولت الأم الاقتراب لتسحب فلذت كبدها من النيران النيران التي بدأت تلتهم جسده الغض، فوقعت على الأرض ولم تستطع النهوض، وبعد دقائق بسيطة اقترب شاب من المكان، وأخذ عصاً وحاول أن يسحب جثة الطفل، والتي كانت تحيط به النّيران من كل جانب فلم يستطع، فقد فارق الطفل الحياة، وبعد عدّة محاولات استطاع أن يخرج الطّفل من النيران، ولكن بعد فوات الأوان فقد أصبح الطفل جثّة متفحّمة.

تابعت الام المكلومة حديثها “وصلت سيارات الإسعاف، وكانت الدّماء تنزف من رأسي دون شعوري بها، وبعد دقائق قليلة تم استهدف الطيران الغربال بغارة جوية أولى ومن ثم غارة جوية ثانية، واستطعنا الخروج بأعجوبة من بين أكوام الدمار”.

“محمد كان الذّكر الوحيد بعد سبع سنوات من الانتظار، يفارق الحياة حرقاً أمام عيني، هذه مشهد لن أنساه أبداً في حياتي، نعم لقد استطاع الرّوس قتل الإرهابي ابني ابن السنتين، والذي كان يحمل كسرة خبز مبلولة في المياه والسّكر، وينتظر الحلوى والذي وعده فيها والده”.

والد الطفل “محمد خالد القسوم” هو والد لثلاثة أطفال وهم محمد الذّكر الوحيد بالإضافة إلى أختيه “نورة” وفاطمة” كان يعمل في الغربال منذ سنتين، وهو معاق ولا يستطيع العمل، وكانت حراسته وسكنه الوحيد في الغربال مقابل بضع ليرات يسدّ بها رمق عائلته، ويستعين بها على حوائج الحياة.

مأساة السّوريين وبلون جديد هذه المرّة، بعد أن ذاق السّوريين كؤوساً من المرارة والبؤس الشّقاء والموت بأنواعه المختلفة، دون أن يلتفت إليهم العالم منذ أكثر من ستّة سنوات.




المصدر