استخراج الأوراق الثبوتية في حلب مصدر رزقٍ للضباط والسماسرة




زياد عدوان: المصدر

يضطر معظم المدنيين في مدينة حلب والتي يسيطر عليها النظام وميليشياته، لاستخراج الأوراق الثبوتية وكل ما يتعلق بشهادات الولادة وتسجيل المواليد الجدد وإخراج صورة عن السجل المدني وغيرها من الوثائق الممهورة بأختام مؤسسات النظام، لإبرازها عند المرور بالحواجز العسكرية أو عند تعرض المدنيين للاعتقال بسبب تشابه الأسماء، ونتيجة القصف الذي تعرضت له مدينة حلب، فقد مئات الآلاف من المدنيين أوراقهم الثبوتية، ومنها الهويات الشخصية ودفاتر العائلة وغيرها من الأوراق التي بات استخراجها في الوقت الحالي لا يتطلب سوى عدة أيام مقابل دفع مبلغ مالي قد يكون كبيراً بالنسبة للعائلات الفقيرة.

وارتفعت أسعار استخراج الأوراق الثبوتية خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب استغلال مسيري المعاملات والمدنيين الذين أصبحوا يقومون بالتنسيق مع الموظفين في الدوائر الحكومية التابعة للنظام لاستخراج السجلات المدنية، والتي لم تعد تستغرق وقتاً طويلاً لاستخراجها، وذلك مقابل التسعيرات التي تم وضعها لكل ورقة صادرة عن سجلات القيد المدني، وقد أصبح استخراج هذه الأوراق مصدر رزق للكثيرين من المدنيين الذين يتعاملون مع بعض الموظفين أو عناصر النظام لاستخراج معظم الأوراق الثبوتية، وحتى جوازات السفر وشهادات الوفاة وغيرها، وبالرغم من أنها لا تستغرق وقتاً طويلاً إلا أن كلفتها مرتفعة.

في السابق كان استخراج الأوراق الثبوتية يستغرق وقتاً طويلاً ولكن بتكلفة قليلة نسبة لانهيار الليرة السورية، بالإضافة لعدم استعجال المدنيين لتلك الأوراق إذا استغرقت عدة أيام لاستخراجها، كما أن موظفي النظام يعتمدون بشكل مباشر على المردود المالي الذي يتقاضونه من خلال تسيير المعاملات بشكل فوري، إذ أن صورة عن سجلات القيد المدني تستغرق نحو ثلاثة ساعات لإصدارها ولكن بإمكان الموظفين إصدار هذه الوثيقة التي تُعتبر بمثابة تعريف شخصي للمدنيين خلال نصف ساعة، ولكن تبلغ تكلفتها نحو عشرة آلاف ليرة سورية كحد أقصى، بينما يتقاضى آخرون مبلغ خمسين ألف ليرة سورية إذا كان الشخص مطلوباً للنظام بغية اعتقاله.

وتحدثت (المصدر) مع سيدة تعمل في مجال استخراج الأوراق الثبوتية وكل ما يتعلق بها من شهادات ولادة وجوازات سفر وغيرها من تلك الأوراق، وقالت السيدة “سلوى ع”، إن معظم المدنيين في مدينة حلب ممن تزوجوا خلال العام الحالي بحاجة لاستخراج دفتر العائلة وغيرها من الأوراق، ولكن قد يستغرق استخراجها وقتاً طويلاً وبالتالي يقوم بعض المدنيين باللجوء لمن يقوم بتسيير المعاملات ومن يعمل على استخراجها، كما أن بعض المدنيين القاطنين في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية لا يستطيعون الوصول إلى مناطق سيطرة النظام في مركز مدينة حلب، وهو ما يضطرهم لتكليف أحد مسيري المعاملات للقيام باستخراج ما يطلبه، وهنا تكون التكلفة مرتفعة بحسب كل شخص يقوم بتسيير المعاملات ويقوم باستخراجها.

وأشارت السيدة “سلوى” إلى أن للموظفين نسبة من المبالغ التي يدفعها صاحب العلاقة، وقد وصلت تكلفة استخراج دفتر عائلة مع تسجيل طفلين لأكثر من 160 ألف ليرة سورية، وهذه حالات نادرة لمدنيين لا يستطيعون الذهاب إلى مركز مدينة حلب والتي تشهد انتشاراً أمنياً مكثفا، كما أن المدنيين القاطنين في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية معظمهم لا يستطيعون الذهاب، لذلك يضطرون لدفع مبالغ مالية كبيرة مقابل الحصول على أوراق ثبوتية، وتتألف من دفتر عائلة وصور عن إخراج قيد مدني، وشهادات ولادة وغيرها.

ولا يقتصر الأمر فقط على استخراج الأوراق الثبوتية ومتعلقاتها من شهادات الولادة وغير ذلك، بل تعدى الأمر لما يسمى تفييش الهوية الشخصية ومعرفة ما إذا كان الشخص مطلوباً للنظام، حيث يقوم السماسرة المتعاملين مع عناصر للنظام بأخذ مبلغ 5000 ليرة سورية وأحياناً نحو 10000 ليرة على تفييش الهوية ومعرفة ما إذا كان الشخص مطلوباً للنظام أم لا، وهذا الأمر يعتمد عليه العديد من المدنيين الذين لا يستطيعون الذهاب إلى مناطق سيطرة النظام وخصوصاً القاطنين في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، ونتيجة الاعتقالات العشوائية التي تطال الذكور في مدينة حلب، فلم يعد الاعتقال بموجب التفييش أو إذا كان مطلوباً للنظام.

ويقوم عناصر المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية بمراقبة الشبان والرجال الذين يتجولون في مناطق سيطرة النظام ومن ثم يقومون باعتقالهم خلسة، ومعظمهم ليسوا مطلوبين ولم يصدر بحقهم مذكرات توقيف سابقاً أو خلال فترة اندلاع الثورة.

كما أن موظفي الدوائر الحكومية التابعة للنظام والتي تقوم باستخراج الأوراق الثبوتية يلجؤون للاعتماد على ما يسمى عمولة أو أتعاب لقاء استخراج الأوراق أو العمل على تسهيل استخراجها، وتتطلب بعض الأوراق الثبوتية أن يتم استخراجها من قبل عناصر النظام أو حرس تلك الدوائر الحكومية، وغالباً ما يكون هؤلاء العناصر متعاملين مع الضباط الذين يديرون فرع الهجرة والجوازات أو شعب التجنيد وغيرها من تلك الدوائر.

ويبلغ دخل الضابط جراء تسهيل بعض الأوراق الثبوتية وحتى التوقيع على تأجيل الدراسة أكثر من 500 ألف ليرة سورية خلال الأسبوع الواحد، لذلك أصبح تسيير المعاملات وتسهيلها من قبل الضباط وعناصر النظام إلى جانب الموظفين وبعض السماسرة المدنيين مصدر رزق، وخاصة بعد ضياع وتلف الأوراق الثبوتية لدى العديد من المدنيين في مدينة حلب.




المصدر