شبان سوريون لاجئون إلى الأردن يرفضون العودة




يرفض الكثير من الشبان السوريين اللاجئين إلى الأردن العودة إلى بلدهم، على رغم تسهيل الأردن العودة لعائلاتهم وفتح حدوده أمامها، بخاصة بعد شمول محافظات الجنوب السوري، والتي ينتمي إليها أغلب اللاجئين في المملكة، بمنطقة تخفيض التوتر الأولى في سورية أو ما سمي «هدنة عمان».

ومبعث رفض الشباب العودة ليس كرهاً ببلدهم، ولكن حفاظاً على مصادر رزقهم الجديدة التي ذاقوا من اجل الحصول عليها المر والمعاناة، ودفع بعضهم كل مدخرات عائلته من اجل ذلك، وأصبح من الصعب التخلي عنها، بعد ان اكتسبت مصالح تجارية اقاموها سمعة، وبدأت تحقق ارباحاً سهّلت من معاناة لجوئهم.

لا بل ان بعض الشبان ممن اسسوا مصالح لهم في الأردن وكوّنوا عائلات وتملكوا بيوتاً، اصبحوا حبيسي هذه المصالح ولا يمكنهم العودة الى بلدهم الذي لم يجدوا فيه فرصة للعمل حتى خروجهم منه في رحلة اللجوء، وبالتالي فإن العودة تعني لهم مستقبلاً مجهولاً، بخاصة في ظل عدم وجود ثقة باستمرار الهدوء في مناطقهم.

وكان كل من الأردن والولايات المتحدة الأميركية وروسيا توصلوا في عمان في السابع من تموز(يوليو) الماضي الى اتفاق لوقف اطلاق النار في ثلاث محافظات سورية جنوبية هي درعا والقنيطرة والسويداء.

ونجح هذا الاتفاق الى حد كبير منذ دخوله حيز التنفيذ في التاسع من الشهر ذاته في وقف اطلاق النار في هذه المحافظات الثلاث، وعودة الحياة الى طبيعتها، ما شجع الكثير من اللاجئين السوريين في الأردن على العودة الى بلداتهم وقراهم.

غير ان الكثير من الشباب اللاجئين لديهم سبب آخر في عدم العودة حتى مع عائلاتهم، وهو الخوف من التجنيد القسري، بخاصة أن الكثير منهم والذين هم اصلاً من سكان قرى ما زال يسيطر عليها النظام، كانوا اطفالاً عند لجوئهم الى الأردن وأصبحوا حاليًا شباناً في سن التجنيد.

ويرفض هؤلاء الشبان فكرة التجنيد في الجيش السوري الذي جرّعهم معاناة اللجوء، ودمر قراهم وبيوتهم، وقتل الكثير من أقاربهم وأعزائهم، وجيرانهم، وشتّت عائلاتهم، كما يقولون، لا سيما ان الكثيرين منهم افترقوا عن عائلاتهم او فقدوها نتيجة القتل تحت القصف، واضطروا الى العيش في خيام ايواء للأطفال غير المصطحبين مع ذويهم في مخيمات اللجوء في المملكة.

ويسمح الأردن للاجئين السوريين فقط من بين كل الجنسيات الوافدة بالعمل في السوق الأردنية اسوة بالشباب الأردني، ومن دون الحصول على تصريح عمل، فيما يمنح الشباب الذين يقطنون المخيمات تصاريح مغادرة من المخيم من اجل العمل والعودة اليه مساء، لمساعدتهم على تلبية حاجات اسرهم التي لا تكفيها مساعدات المنظمات الدولية، وتطبيقاً لشروط الدول المانحة.

محمد كوسا (35 سنة) يقطن مخيم الزعتري اكبر مخيمات اللاجئين السوريين السته في الأردن، يؤكد رفضه العودة الى بلدته في محافظة درعا، على رغم عودة عائلته اليها.

ويقول انه لا يريد ان يخسر وظيفته التي حصل عليها في احدى الشركات الصناعية في مدينة اربد، ويتقاضى منها اجراً يعتبره ممتازاً، فهو يخشى ان لا يجد في بلده فرصة عمل مماثلة، مع الشلل الذي اصاب العجلة الاقتصادية فيها بسبب الاقتتال، وإغلاقات الطرق في سورية.

اما أحمد حمادة (19سنة) فيؤكد انه يخشى العودة الى بلدته في القنيطرة، خشيته تعرضه للتجنيد الإجباري في الجيش السوري، بعد ان وصل الى عمر التجنيد، خوفاً من ان يضطر الى قتل اهالي محافظته، التي يحاصرها الجيش السوري والمليشيات الطائفية المتحالفه معه.

ويؤكد انه في الأردن مسموح له بالعمل في مهنة الخياطه، والتي تلقى تدريبات عليها في مخيم الزعتري من قبل منظمات دولية عملت على تدريب الشبان على أشغال وحرف لمساعدتهم على العثور على فرصة عمل.

ويؤكد عثمان الديري أنه دفع كل مدخرات عائلته لتأسيس مطعم شاورما في احدى مناطق عمان الراقية، وأن مطعمه يحقق حالياً ارباحاً مجزية.

ويشير إلى أن السمعة التي أصبح يتمتع بها مطعمه والدخل الذي يحققه يدفعانه الى عدم التخلي عنه والعودة الى سورية، خصوصاً ان القوانيين الأردنية تسمح له بالبقاء في المملكة من دون إقامة.

ويضيف ان سورية اصبحت بالنسبه إليه ذكرى، والأردن وطناً، وجد فيه الأمان والرزق، مؤكداً انه سيتعامل مع سورية كما يتعامل معها المغتربون بالزيارة فقط في حال الاشتياق للأهل واستتباب الأمن فيها.

وكانت ارتفعت أخيراً وتيرة عودة اللاجئين السوريين الطوعية من المملكة إلى مناطق الجنوب السوري من 28 عائداً كل ثلاثة أيام إلى 200 عائد، وذلك مع استمرار حال الهدوء في هذه المناطق منذ قرابة الشهرين، والتي فرضها اتفاق عمان لوقف إطلاق النار، وفق تنسيقية اللاجئين في مخيم الزعتري.

وأكد الناطق الإعلامي باسم التنسيقية محمد الحوراني أن «حوالى 200 لاجئ يعودون من مختلف المناطق الأردنية الى سورية كل ثلاثة ايام وهي موعد رحلات الحافلات الى تنظمها السلطات الأردنية إلى نقطة عبور في منطقة الرويشد».

وأضاف الحوراني أن حوالى 200 لاجئ سوري ايضاً يحضرون يومياً من مختلف مناطق المملكة الى المخيم من اجل التسجيل للعودة، لدى مكتب خاص بطلبات العودة في المخيم.




المصدر