التدخل الروسي في سورية.. ترجيح الكفة لا يعني الحسم



ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تقرير إحصائي، أن النظام السوري يسيطر اليوم على نحو 48 في المئة من مساحة الأراضي السورية، في حين لم تكن تزيد المساحات الخاضعة لسيطرته على 20 بالمئة، قبل تدخل موسكو. وأشارت إحصاءات المرصد إلى أن عدد القتلى في سورية، منذ بدء التدخل الروسي فيها في 30 أيلول، بلغ 13854 قتيلًا، بينهم 1399 طفلًا، و825 امرأة، و3479 بالغًا، و4258 عنصرًا من تنظيم (داعش).

لم يذكر التقرير أيّ بيان حول خسائر فصائل المعارضة المسلحة التي تقاتل لإسقاط نظام الأسد، على الرغم من أن غارات روسيا استهدفت ريفي إدلب وحماة مؤخرًا، وأسفرت عن مقتل ما يزيد عن 50 عنصرًا من مقاتلي الفصائل المنضوية تحت راية (الجيش السوري الحر)، الأمر الذي يضع العديد من إشارات الاستفهام، حول جدية موسكو في استهداف التنظيمات المتطرفة فحسب.

حول ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم (فيلق الرحمن) وائل علوان: إن “روسيا، منذ تدخلها قبل عامين، استهدفت المدنيين من النساء والأطفال، وارتكبت مجازر بحق الشعب السوري، واستهدفت مقار الفصائل الثورية ومؤسساتها الخدمية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وكل ذلك بذريعة مكافحة الإرهاب”. وأضاف في تصريحات لـ (جيرون) أن “النظام عندما تبنى عقيدة سحق الثورة منذ البداية، كان ذلك بتوجيه من الروس والإيرانيين حصرًا، وروسيا بتدخلها المباشر أصبحت تنفذ ما كانت تمليه على نظام الأسد”.

أكد علوان أن “ليس هناك أي جدية من الروس، لتصفية التنظيمات المتطرفة التي أوجدها النظام السوري، بعد أن أفرج عن معظم قادتها من سجن صيدنايا. لو كانت موسكو جادة؛ لما كانت دمرت البنى التحتية من مشافٍ ومدارس ومراكز تعليمية، في مناطق سيطرة الفصائل الثورية، في حين أن من شن الهجوم على القوات السورية والمواقع الروسية، في ريف حماة مؤخرًا، لم ينله من القصف الروسي ما يمكن مقارنته بما نال مناطق الثوار، على الرغم من أن مَن شن الهجوم مُدرج على اللوائح الدولية للإرهاب”.

في هذا السياق، ذكرت (الشبكة السورية لحقوق الإنسان) أن موسكو شنّت مئات الهجمات غير المبررة؛ أسفرت عن خسائر بشرية ومادية فادحة، وتركّزت في معظمها على مناطق تخضع لسيطرة فصائل في المعارضة السورية المسلّحة، بنسبة “تقارب 85 بالمئة”.

أكدت العديد من المصادر الميدانية، داخل المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، أن الطائرات الروسية دمرت العديد من المشافي التي تقدم خدماتها لآلاف المدنيين، إلى جانب المدارس ومراكز الدفاع المدني؛ ما يؤكد -وفق وجهة نظرهم- أن موسكو ليست طرفًا في أي حل سياسي، بل هي حامٍ لقوات الأسد، وتحاول من خلال دعمها إعادة إنتاج النظام، بعد الخسائر الفادحة التي مُني بها على مر سنوات الثورة.

علوان أشار إلى أن “فصائل الثورة لم تنظر في أي يوم إلى روسيا كضامن للحل السياسي، بل تعاملت معها كضامن لقوات الأسد وحلفائه، ونحن لن نقبل أي ضمانة لحل للقضية السورية، خارج إطار الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع الدولي. موسكو لم تنفذ أيًا من التزاماتها التي تعهدت بها؛ لأنها غير جادة في إيجاد حل سياسي”.

ورأى أن موسكو تهدف إلى “إضاعة الوقت والمراوغة في الأروقة الدولية؛ من أجل منح المزيد من الدعم السياسي واللوجستي للنظام السوري، لإمعانه في الحل العسكري والقضاء على ثورة الشعب السوري”. وشدد على أن “فصائل الثورة ستواصل صدّ جميع الحملات التي تنفذها قوات النظام وميليشيات طهران بدعم جوي من موسكو، إلى جانب المناورة السياسية حتى تحقيق أهداف الثورة، وسنسعى جاهدين لإجبار موسكو على الالتزام بتعهداتها في الاتفاقات الموقعة التي تنص على وقف إطلاق نار شامل في سورية، لتجنيب شعبنا المزيد من ويلات الحرب”.

من جهة ثانية، قال الناشط عمار عيسى لـ (جيرون): “التدخل الروسي جاء ليتبنى سلفًا عقيدة النظام العسكرية التي كانت تدعمها موسكو سابقًا، والمرتكزة على الحل العسكري لسحق المعارضة والثورة، ودعمت توجهات طهران في سياسات التغيير الديموغرافي والتبادل السكاني على أساس طائفي، وربما من غير المستبعد أن تطال هذه المخططات مناطقَ جنوب دمشق، على غرار ما حصل في قدسيّا والهامة وبرزة البلد”. (م.ش).




المصدر
جيرون