“لمسة حنان”: تذليل الصعوبات من أجل ذوي الاحتياجات الخاصة




لا يستطيع الزائر لمركز “لمسة حنان” لذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة كلّس التركية، أن يميّز ما إذا كان هؤلاء الأطفال فعلاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، أم هم كغيرهم من الأطفال العاديين.

في غرفةٍ كلُّ شيءٍ فيها ملوّن بألوان زاهية، يجلس أطفال يعانون من مشكلات في السمع حول طاولة مليئة بالألعاب، وهم منهمكون بفرز ألوان المكعبات عن بعضها بعضًا، وفي أخرى ترى 3 أطفال ممن يعانون من التوحد، يجلسون وأمامهم كمية من لعبة “السلايم”.

“لا بد من وجود صعوبات في التعامل معهم، لكن مع الوقت ما تلبث أن تختفي لتحل محلها البراءة الخالصة”، بهذه العبارة تشرح المعلمة فاطمة قهوجي لـ”صدى الشام”، كيفية تعاملها مع الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في هذا المركز.

التأسيس

تأُسّس مركز “لمسة حنان” من قبل الجمعية السورية للإغاثة والتنمية التي تعنى بالتنمية والإغاثة الفكرية قبل نحو عام من الآن، على خلفية غياب الجمعيات المتخصصة بذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة كلّس التركية، حسبما يذكر مدير المركز عيسى النجار.

يقول النجار “نُعتبر المركز الوحيد الذي يعلّم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة والذي يتعامل في هذا المجال، باستثناء الجمعيات التي كانت تقدّم الدعم النفسي لأطفال الاحتياجات الخاصة في كلِّس”.

ويضيف لـ”صدى الشام”:” قبل الانطلاق بعمل المركز أجرينا دورات متخصصة ومكثفة للمعلمات حتى يتم تأهليهم للتعامل مع هؤلاء الأطفال، وتعاقدنا مع طبيبة لكي تكون الخدمات التي نقدمها متكاملة، لأن غالبية الأطفال بحاجة إلى متابعة العلاج، واستغرقت فترة الإعداد نصف عام”.

ويتابع: “بعد التجهيز قمنا بتوثيق وإحصاء عدد حالات الأطفال السوريين من ذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة كلّس والمخيمات القريبة منها، من خلال زيارات لفريقنا لمنازل السوريين والمخيمات، وتبيّن لنا أن عدد الأطفال شبه الكامل يقارب 250 طفلًا وطفلة”.

صعوبات

من أبرز الصعوبات التي يواجهها المركز، العدد الكبير للأطفال السوريين من ذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة كلِّس، ويوضح مدير المركز عيسى النجار، أن استيعاب 250 طفلًا يعدّ أمراً صعباً أو مستحيلاً، لأنه يتطلب دعماً مالياً كبيراً.

ويضيف “كان لا بد من العمل وفق القدرات المتوفرة والإمكانيات المالية المحدودة، ولذلك انتقينا 40 طفلاً وطفلة على أساس الأكثر حاجة، وبدأنا العمل، ونأمل ونطمح في القريب أن نوسّع المركز لنستوعب كل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة”.

وبالإضافة إلى ذلك، يمثل نقل الأطفال من المنزل إلى المركز صعوبة أخرى، وفي سبيل مواجهة ذلك خصّص المركز حافلة لنقل الأطفال بشكل يومي.

ومن بين الصعوبات تأمين مكان يكون منعزلاً عن السكن، خشية إزعاج الأهالي من الضجيج الذي يحدثه الأطفال.

كما يشير النجار إلى صعوبة الحصول على ترخيص قانوني من السلطات التركية، “فالمركز يعمل في الوقت الحالي بطريقة تجاوزيّة، بعدما سمحت سلطات الولاية بذلك، لكن من دون إعطاء تصريح رسمي”.

وفي هذا الصدد، لا يغيب عن بال النجار توجيه الشكر للسلطات التركية لمساعدتها وغضها الطرف عن عمل المركز.

أقسام المركز

يستقبل المركز، حالات صعوبة النطق وصعوبات التعلم وأطفال التوحد ومتلازمة داون، من أعمار 3-14 سنة، وتعمل فيه 10 معلمات يغطّين جميع الأقسام؛ كلٌّ في اختصاصها، بحسب المعلمة ثناء جنيدي، التي تشرف على تعليم الأطفال الذين يعانون من عيوب السمع والنطق.

وتوضح جنيدي لـ”صدى الشام” أن أوّل ما تركز عليه في تعاملها مع الأطفال هو كسب ثقتهم، ومن ثم تعزيز هذه الثقة لاستخدامها في التعامل معهم، والتغلب على حالة “العناد” التي تكون صفة مشتركة لأكثرهم، كونها ناجمة عن ضعف السمع.

وتضيف “فور كسب الثقة نستطيع التغلب على حالة العناد، وهو الأمر الذي يساعدنا على تعليمهم القراءة والكتابة فيما بعد”.

مناشدة

يناشد مدير مركز “لمسة حنان” عيسى النجار المنظمات التي تتعاطى بالشأن السوري الالتفات إلى مأساة الأطفال السوريين من ذوي الاحتياجات الخاصة، فالمركز لا يغطي إلا 20 بالمئة من العدد الكامل، بينما لا يستقبل المركز التركي المخصص لهذا الغرض الأطفال السوريين، لأن حاجز اللغة لا يمكن تجاوزه مع الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.

ويضيف النجار: “عوضاً عن التركيز على النشاط الإغاثي والجوانب الثانوية الأخرى، فإنّه من الأَولى بالمنظمات الالتفات إلى الأطفال اللذين يحتاجون إلى اهتمام ورعاية خاصة”.

ويختم بالإشارة إلى أن الاهتمام بالأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة أمر بالغ في الأهمية، لا سيما أنه يزداد صعوبة في الظروف التي تمرّ على السوريين.




المصدر