on
الأمم المتحدة مصدومة بالمجازر و”نيران صديقة” طاولت حزب الله
باتت صورة المشهد السوري اليوم متمحورة حول تقدم قوات النظام السوري والقوات الرديفة والحليفة المدعومة روسياً، شرقي البلاد، وزحف “قوات سورية الديمقراطية” المدعومة أميركياً، إلى مساحات إضافية ضمن المنطقة النفطية ذاتها، فضلاً عن تقهقر دفاعات تنظيم “داعش” وتقلّص نفوذه، ثم ارتداده قبل أيامٍ، بهجماتٍ مباغتة في محاور عدة ببادية الشام. كذلك احتدم السباق على “وراثة تركة داعش”، في ظلّ مأساة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة قبل يومين بـ”الصدمة الشديدة”؛ فعشرات الضحايا المدنيين تساقطوا، وآخرهم يوم الإثنين، عندما قُتل أكثر من خمسين شخصاً بحسب ناشطين و”المرصد السوري” في الرقة ودير الزور بغاراتٍ للتحالف وروسيا.
وسط هذا الصراع أيضاً، أثارت حادثة مقتل عناصر من “حزب الله” اللبناني بغارةٍ شرقي سورية، جدلاً حول هوية الطائرة التي نفذت الضربة الجوية، والتي رُجّح أنها “طائرة من دون طيار”؛ فبينما نفى التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضلوعه بالهجوم، لم تتكشّف معلوماتٌ رسمية حوله من قبل موسكو، أو دمشق، أو “حزب الله”. ورُجِّحَ أن “نيراناً صديقة” تسببت بمقتل ما بين 8 و10 عناصر للحزب اللبناني، والذي فقد في الأسبوع الأخير أكثر من 36 من عناصره في سورية.
مساء الإثنين، ذكرت “حملة الرقة تذبح بصمت”، والتي يديرها ناشطون مناوئون للنظام و”داعش”، أن “طائرات التحالف الدولي قصفت منطقة التوسعية، في مدينة الرقة، ما أدى إلى مقتل 45 مدنياً وإصابة العشرات”، في حين كشفت مصادر محلية أن “القصفَ استهدف مبنيين سكنيين، غرب الملعب البلدي، في منطقة التوسعية، ما أدى إلى تدميرهما بشكل شبه كامل”. وأضافت الحملة أن “طيران التحالف الدولي ضد داعش استهدف تجمّعاً للمدنيين حول بئري ماء في شارع القطار، شمال مدينة الرقة، ما أسفر عن مقتل 21 مدنياً على الأقل”. وذكرت أن “البئرين المستهدفين خرجا عن الخدمة بشكل كامل، وهما آخر آبار المياه الصالحة للاستعمال في المدينة”. وذكر ناشطون في الرقة أنهم “وثّقوا مقتل 194 مدنياً في سبتمبر/ أيلول الماضي في الرقة بنيران أطراف الصراع هناك، منهم 161 قضوا بنيران التحالف الدولي”.
في غضون ذلك، ذكرت “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، أمس الثلاثاء، أنها “تُسيطر على 83 في المائة من مساحة مدينة الرقة، في حين تستمر المعارك مع تنظيم داعش في الجزء المتبقي شمال المدينة”. وذكرت “غرفة عمليات غضب الفرات” التابعة لـ”قسد”، أن “نفوذ داعش تضاءل منذ بداية المعركة الكبرى التي أطلقتها قسد للسيطرة على مدينة الرقة في الأسبوع الأول من شهر يونيو/ حزيران الماضي”. وغير بعيدٍ عن الرقة، وثّق “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، مقتل 12 مدنياً في دير الزور، بـ”غارات الطائرات الروسية والتابعة للنظام”، والتي استهدفت يوم الإثنين الماضي مدناً وقرى وبلدات بريف دير الزور الشرقي. واستهدفت هذه الضربات مجدداً مناطق في قرى وبلدات الطوب وصبيخان والبوليل وبقرص. وذكر المرصد أن “ذلك يرفع عدد الضحايا إلى 114 على الأقل، بينهم 31 طفلاً، في الفترة الأخيرة، جراء القصف الجوي على محافظة دير الزور”.
ووصف نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، التقارير الواردة من سورية حول مقتل وإصابة عشرات المدنيين السوريين بـ”الصدمة الشديدة”، قائلاً: “يشعر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالصدمة الشديدة، إثر تلقيه تقارير تفيد بمواصلة القتال والغارات الجوية في مناطق عدة من سورية أدت لمقتل وإصابة عشرات المدنيين وإلحاق أضرار بالبنية التحتية المدنية الحرجة مثل المدارس والمستشفيات ومراكز للنازحين”.
وأضاف المسؤول الأممي، أثناء حديثٍ للصحافيين في نيويورك، أنه “لا يزال يجري إبلاغنا بتواصل القتال والهجمات في مدينة الرقة والغوطة الشرقية في ريف دمشق ومحافظة إدلب”، مطالباً أطراف الصراع بـ”تسهيل وصول المساعدات الانسانية للمناطق المنكوبة والمحاصرة”. وشدّد على أن “المنظمة الدولية تُذكر جميع الأطراف بالتزامها بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك تسهيل الوصول إلى المحتاجين بشكل منتظم ومستدام ونزيه، بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
إلى ذلك، واصلت مختلف أطراف الهجوم على “داعش” في دير الزور الغنية بالنفط، حشد تعزيزاتٍ عسكرية هناك، في معركة تداخلت فيها حسابات السياسة بالاقتصاد. وواصلت قوات النظام هجومها على مواقع “داعش” في محور الجفرة، شرقي مطار دير الزور العسكري، كذلك ذكرت مصادر محلية أن “معداتٍ عسكرية للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش وصلت إلى منطقة الشدادي في ريف الحسكة الجنوبي، تمهيداً لنقلها إلى جبهات القتال مع التنظيم في ريف دير الزور الشمالي (الغربي). وضمّت المعدات آليات ومدرعات وأسلحة وذخائر لقسد”.
ولفَ غموضٌ هجوماً جوياً أدى إلى مقتل عناصر من “حزب الله” اللبناني في ريف حمص الشرقي الإثنين؛ إذ نفى التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد “داعش”، على لسان المتحدث باسمه رايان ديلون، أن تكون طائرات أميركية قد نفذت الغارة، قائلاً في تغريدة على حسابه في موقع “تويتر” إن “الضربات الجوية لم تنفذ في منطقة عمليات التحالف”.
ولم تعلق موسكو أو دمشق رسمياً على الهجوم، والذي وقع قرب قرية حميمة بريف حمص الشرقي، وأدى لمقتل ثمانية عناصر من “حزب الله” اللبناني، فيما أكدت مواقع لبنانية مؤيدة، وأخرى مناوئة، للحزب المدعوم من طهران، سقوط القتلى، والذين نُشرت أسماؤهم، وبينهم قيادي بارز يدعى علي هادي العاشق، ولقبه “الحاج عباس”، وهو من قيادات “وحدة الرضوان”؛ إحدى أبرز وحدات الحزب اللبناني العسكرية.
ورجّحت مصادر مختلفة أن “تكون طائرات روسية، أو تابعة للنظام، قد استهدفت موقع عناصر الحزب اللبناني بالخطأ؛ وتتداخل في منطقة الهجوم نقاط سيطرة داعش مع تلك التي تسيطر عليها القوات التي تهاجمه”. وذكرت مصادر أن “مزيداً من عناصر حزب الله اللبناني فارقوا الحياة متأثرين بإصاباتهم، في البادية السورية، وتمّ توثيق مقتل 36 مقاتلاً من حزب الله في سورية، خلال الأيام الأخيرة”.
المصدر