on
النظام يُذكي الخلافات العشائرية في القامشلي
يتعامل النظام مع الأزمات الاجتماعية العشائرية، بسلبية مفرطة، ويأبى أن يتدخل في المشكلات العالقة بين الأهالي، وآخرها نأيه عن التدخل في خلاف عشائري، اندلع منذ عدة أيام، في قرية (تل عودة) جنوب مدينة القامشلي، حيث رفض فرع الأمن العسكري وقيادة (الفوج 54) التابع لنظام الأسد، الفصلَ في هذا الخلاف الذي قُتل فيه رجلٌ وأصيب آخرون، وجاء الرفض بذريعة “عدم امتلاك الصلاحية لحلّ خلافات كهذي”، بحسب ما أفاد لـ (جيرون) أحد أقرباء القتيل.
شهدت القرية قبل يومين خلافًا عائليًا على قطعة أرض، بين شيخ عشيرة (حرب) محمد عاكوب، وابن أخيه؛ ما دفع الأخير إلى إطلاق النار وقتل ابن الشيخ (سفيان محمد العاكوب)، وأصيب الشيخ بعدة طلقات، دخل على إثرها العناية المشددة، كما أصيب أخوه الآخر بطلقات في قدميه.
عبد القادر عاكوب أحد أقارب العائلة قال لـ (جيرون): إن سبب عدم تدخل النظام يعود إلى محاولته تعزيز الخلافات العشائرية، والتحريض على الرجوع إلى مفهوم الثأر الذي ترفضه العشيرة حاليًا، بهدف التغطية على جرائمه السياسية بتعزيز جرائم اجتماعية.
أضاف: “امتناع النظام عن التدخل، على الرغم من انتشار حواجزه في المنطقة، يدل على رغبة حقيقية في إضعاف دور جهاز القضاء التابع له، وتمكين دور المحاكم العشائرية، في محاولة منه إلى العودة نحو مفهوم ما قبل الدولة، ومن أجل إبقاء الناس في حالة حاجة دائمة إليه”.
شهد ريف محافظة الحسكة، خلال الأسابيع الماضية، حالتَي قتل مماثلتين، بسبب خلافات عشائرية، حيث شهدت قرية (البجارية) في ريف القامشلي مقتل شابين، إثر خلاف على الزواج من ابنة عمهما، كما شهدت إحدى قرى رأس العين حادثةَ قتلٍ، أودت بحياة رجلين بسبب خلاف على طلاق امرأة.
يعزو عاكوب ما حصل من حوادث في المنطقة مؤخًرا، إلى “الضغط النفسي الكبير الذي يواجه من بقي من شبان العشائر محاصرين في منازلهم، بسبب فرض التجنيد الإجباري، وانعدام فرص العمل والدراسة، وانسداد أفق المستقبل أمامهم؛ ما دفع البعض إلى التصرف بعدوانية وتسرع، دون أي حساب للنتائج”.
يتخوف المدنيون من تطور هذه الحوادث وعدم توقفها عند هذا الحد في العرف العشائري، إذ قد تتطور إلى قتل المزيد بذريعة الثأر، في ظل غياب تام لسلطة النظام، ورفضٍ من جانب آخر لأي محاولة من قبل ما تسمى “الإدارة الذاتية” فرض قضائها الخاص على أبناء العشائر.
أكد محمود الناصر -وهو رئيس قسم أمن الدولة سابقًا في رأس العين- لـ (جيرون) أن “النظام يسعى، من خلال تعزيز الخلافات في الجزيرة السورية، إلى إحداث المزيد من التفكيك في الحالة العشائرية؛ بهدف إضعافها وتعزيز الحاجة إليه بشكل دائم”.
أضاف الناصر: “حاول النظام قبل عدة أشهر تحريض أبناء العشائر، على مهاجمة مقار ميليشيات (قسد) في القامشلي؛ بهدف إشعال صراع عربي-كردي، ولكنهم رفضوا الهجوم؛ ما عزز مخاوف النظام من محاولة هذه العشائر الخروج من عباءته، ولجوئها إلى تشكيل حالة معادية له مستقبلًا، فلجأ إلى تعزيز الخلافات، وتفكيك العشائر، ودعم أشخاص على حساب آخرين ضمن العشيرة الواحدة”.
يسعى النظام جاهدًا لإحلال التفرقة والتشرذم، والعودة بالمجتمع إلى الحالة ما قبل المدنيّة، ليتسنى له خلط الأوراق والتهرب من مسؤولياته وجرائمه، على حساب تكريس حالات الثأر التي تحاول العشائر في الحسكة جاهدةً التخلص منها. س. أ.
المصدر
جيرون