on
“الولاية القضائية” هي الحلّ لمعاقبة مجرمي الحرب في سوريا
رأت صحيفة لوموند دبلوماتيك، أنه في الوقت الذي تستأنف فيه المحادثات حول مستقبل سوريا في جنيف، تستفيد القوات الموالية لـ بشار الأسد من وقف إطلاق النار مع المعارضة لتقليص المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم “داعش، مضيفة أن احتمال السلام يبدو بعيداً بُعد إصدار أحكام في الانتهاكات المرتكبة منذ ست سنوات.
جاء ذلك في مقال للصحفي للكاتب أمانويل حداد الذي أكّد أن جرائم الحرب التي شهدتها سوريا خلال هذه الفترة لا تقف عند حد.
الإفلات من العقاب
استهلّ حداد مقاله بما قالته المدعية العامة السابقة المتخصصة في جرائم الحرب كارلا دل بونتي، وهي تعلن نيتها الاستقالة من لجنة التحقيق في جرائم الحرب بسوريا إذ قالت “أنا محبطة، لقد استسلمت، لم يعد بإمكاني أن أبقى في هذه اللجنة التي لا تفعل شيئا”.
واعتبر أن هذه الاستقالة التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة ما هي إلا اعتراف بالعجز، وهو ما من شأنه تذكيرنا بالإفلات القضائي من العقاب الذي تتمتع به حكومة النظام السوري.
ويضيف حداد أن “الجرائم والفظائع ارتكبت من قبل جميع أطراف النزاع، بما في ذلك الجماعات الإسلامية المسلحة، لكن مسؤولية الحكومة السورية في مقتل المدنيين لا يمكن مقارنتها بغيرها، إذ أنها -وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان- مسؤولة عن 90% من الذين قتلوا ما بين مارس/آذار 2011 ومارس/آذار 2017”.
ونبّه الكاتب إلى أن نظام الأسد يخضع لبعض العقوبات المفروضة من الأوروبيين والأميركيين والتي طالت مئات الشخصيات وعدداً من الشركات الحكومية بما في ذلك البنك المركزي السوري، إضافة إلى حصار نفطي وقيود على فئات معينة من الاستثمارات والصادرات.
ولكن دون أن تتخذ أي إجراءات قانونية دولية ضد المسؤولين السياسيين رغم أن الوثائق التي تدينهم لا تنقص، إذ تندد المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة لـ الأمم المتحدة بحالات “الاختفاء القسري التي ينفذها النظام السوري بحق المعارضين لإسكاتهم ونشر الخوف بين أقارب المتظاهرين”.
صُوَر “قيصر”
وينقل الكاتب قصة المصوّر السابق لدى الشرطة العسكرية السورية المعروف بــ “قيصر” والذي هرب من سوريا وبحوزته 53275 صورة تثبت وجود التعذيب والإعدام الجماعي بشكل منتظم في السجون السورية، وتتيح الدراسة الدقيقة لهذه الصور والتي قامت بها هيومن رايتس ووتش التعرف على 6786 شخصا توفوا أثناء الاحتجاز.
ويقول مدير مكتب الشرق الأدنى بتلك المنظمة نديم حوري، إن ثمة “أدلة حقيقية وشاملة على الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية” والواقع أن هذه مفارقة كبيرة، فالأدلة موجودة لكن المحاكمات لم تتم.
وهنا ينقل حداد عن أستاذة العلوم الإنسانية بجامعة ستانفورد بيث فان شاك، قولها “حتى عندما يتم الاعتراف بوضوح بجرائم الحرب، ليس من السهل دائما العثور على محكمة يمكن التقاضي أمامها”.
خطوات بديلة
ويتابع حداد أنه في غياب محكمة متخصصة، فإن آخر سبيل لطلب الإنصاف من إفلات المجرمين من العقاب هو “الولاية القضائية العالمية” التي تسمح لمحكمة وطنية بمحاكمة مسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي في بلد آخر.
وهذا ما تم بالفعل، إذ قدمت شكوى أمام القضاء الفرنسي خلال عام 2016 وأخرى أمام القضاء الإسباني، لكن القضاء الفرنسي لم يفعل شيئاً حتى الآن، في حين اعتذر القاضي الإسباني عن البت في القضية بدعوى أنها “لا تدخل ضمن مجال اختصاصه” لكن وفق حداد فإن المحامين يحضرون حالياً لتقديم القضية أمام محكمة الاستئناف.
المصدر