‘تقرير: نحو 577 حالة اعتقال تعسفي في أيلول 2017’
5 تشرين الأول (أكتوبر)، 2017
فؤاد الصافي: المصدر
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها الشهري الخاص بتوثيق حالات الاعتقال التعسفي من قبل أطراف النزاع في سوريا.
يؤكد التقرير اتباع الشبكة السورية لحقوق الإنسان أعلى معايير التوثيق، ويذكر التحديات التي تواجه فريق تسجيل المعتقلين، لعلَّ أهمها عدم رغبة كثير من الأهالي في التعاون ونشر خبر اعتقال أبنائهم، أو حتى التعاون بشكل سري، وبشكل خاص في حال كون المعتقلة أنثى، وذلك لاعتقاد سائد في المجتمع السوري أن ذلك سوف يعرضها لمزيد من الخطر والتعذيب.
كما أشار التقرير إلى رسوخ قناعة تامة لدى المجتمع السوري من عدم جدوى التعاون في عمليات التوثيق، ذلك أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة بكافة مؤسساتها لم تتمكن من الضغط على السلطات السورية للإفراج عن حالة واحدة فقط، حتى لو كان معتقل رأي، بل إن معظم حالات الإفراج تمت ضمن صفقات تبادل مع فصائل في المعارضة المسلحة.
وذكر التقرير أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان تمتلك قوائم تتجاوز الـ 117 ألف شخصاً، بينهم نساء وأطفال، إلا أن تقديراتها تشير إلى أن أعداد المعتقلين تفوق حاجز الـ 215 ألف معتقل، 99% منهم لدى قوات النظام السوري بشكل رئيس، لا تشمل الحصيلة المعتقلين على خلفيات جنائية، وتشمل حالات الاعتقال على خلفية النزاع المسلح الداخلي، وبشكل رئيس بسبب النشاط المعارض لسلطة الحكم، كما تُنكر قوات النظام السوري قيامها بعمليات الخطف أو الاعتقال عند سؤال ذوي المعتقلين عنهم.
وعزا التقرير ارتفاع أعداد المعتقلين لدى قوات النظام السوري إلى عدة أسباب من أهمها أن كثيراً من المعتقلين لم يتم اعتقالهم لجريمة قاموا بارتكابها، بل بسبب نشاط أقربائهم في فصائل المعارضة المسلحة، أو بسبب تقديم مساعدة إنسانية، وإن أغلب حالات الاعتقال تتم بشكل عشوائي وبحق أناس ليس لديهم علاقة بالحراك الشعبي أو الإغاثي أو حتى العسكري إضافة إلى تعدد الجهات المخولة بعمليات الاعتقال والتابعة لقوات النظام السوري وقيامها بعمليات الاعتقال التعسفي واحتفاظ هذه الجهات بمعتقلات خاصة بها لا تخضع لأي رقابة قضائية من الجهات الحكومية ولا يعامل المعتقلون في مراكز الاحتجاز هذه وفق القوانين السورية المنصوص عليها.
وثَّق التقرير ما لايقل عن 4809 حالة اعتقال تعسفي على يد الأطراف الرئيسة الفاعلة في سوريا، منذ مطلع عام 2017 حتى تشرين الأول من العام ذاته.
وذكر أن الاعتقالات التعسفية في أيلول تميَّزت بقيام قوات النظام السوري بعمليات مداهمة واعتقال شبه يومية شملت المدنيين في الأحياء الرئيسة في مراكز المدن والتجمعات السكانية الخاضعة لسيطرته، حيث شملت عمليات الاعتقال الشرائح العمرية بين18 – 42 عاماً؛ بهدف التجنيد القسري، كما شملت عوائل النشطاء ومقاتلي فصائل في المعارضة المسلحة القاطنين في مناطق سيطرته، كما شملت عمليات الدهم والاعتقال بهدف التجنيد القسري عدة مناطق في محافظة ريف دمشق. يضاف إلى ذلك قيام قوات النظام السوري في أيلول بحملة دهم واعتقالات في أحياء مدينة حمص اعتقلت خلالها عدداً من الأطباء والمهندسين والسيدات الذين تربطهم صلات قربى بأفراد من فصائل المعارضة المسلحة.
تنظيم داعش استمر أيضاً في سياسة الاعتقال التعسفي بحق المدنيين الذين يحاولون النزوح من مناطق سيطرة التنظيم إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة أو قوات النظام.
قوات الإدارة الذاتية من جهتها، استمرت في سياسة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بحق المدنيين والنشطاء السياسيين والإعلاميين المعارضين لتوجهاتها في المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث سجلت في أيلول أعلى مستوى من عمليات الاعتقال التعسفي منذ مطلع 2017، وتركزت عمليات الاعتقال هذه بحق النشطاء السياسيين الذين دعوا لدعم استفتاء انفصال إقليم كردستان العراق.
هيئة تحرير الشام استمرَّت في أيلول بعمليات الاعتقال التعسفي والخطف بحق أفراد من فصائل في المعارضة المسلحة الأخرى، وتركزت عمليات الاعتقال هذه في قرى وبلدات ريف محافظة إدلب الجنوبي.
قدّم التقرير إحصائية حالات الاعتقال التعسفي في أيلول، حيث سجَّل ما لايقل عن 557 معتقلاً، منهم403 على يد قوات النظام السوري، يتوزعون إلى 317 رجلاً، و31 طفلاً، و55 سيدة (أنثى بالغة).
بينما اعتقلت قوات الإدارة الذاتية 97 شخصاً، يتوزعون إلى 87 رجلاً، و6 أطفال، و4 سيدات. واعتقل تنظيم داعش 26 شخصاً، يتوزعون إلى 21 من الرجال، و5 أطفال. فيما اعتقلت هيئة تحرير الشام 19 شخصاً جميعهم من الرجال. واعتقلت فصائل في المعارضة المسلحة 12 شخصاً جميعهم من الرجال.
وأشار التقرير إلى ما لايقل عن 133 نقطة تفتيش نتج عنها حالات حجز للحرية متوزعة على المحافظات، حيث كان أكثرها في محافظة الحسكة، بينما تصدرت قوات النظام السوري الجهات المسؤولة عن المداهمات تليها قوات الإدارة الذاتية.
وأورد التقرير إحصائية تتحدث عن 93 حالة خطف لم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من تحديد الجهة التي نفَّذتها إلا أن 59 حالة منها حدثت في مناطق خاضعة لسيطرة قوات النظام السوري.
وذكر التقرير أن قضية المعتقلين تكاد تكون المعضلة الوحيدة التي لم يحدث فيها أي تقدم يذكر على الرغم من تضمينها في بيان وقف الأعمال العدائية، لذا أوصى التقرير بضرورة توقف عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والسماح لذوي المعتقلين بزيارهم فوراً. وإطلاق سراح كافة النساء والأطفال، والتوقف عن اتخاذهم رهائن حرب.
وأشار التقرير إلى ضرورة منح المراقبين الدوليين المستقلين من قبيل أعضاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، زيارة كافة مراكز الاحتجاز النظامية وغير النظامية، دون ترتيب مسبق، ودون أي قيد أو شرط. وتشكيل لجنة أممية لمراقبة إطلاق سراح المعتقلين بشكل دوري وفق جدول زمني يطلب من كافة الجهات التي تحتجزهم، وبشكل رئيس من الحكومة السورية التي تحتجز 99% من مجموع المعتقلين.
كما أوصى التقرير مجلس الأمن بمتابعة تنفيذ القرارات 2042 الصادر بتاريخ 14/ نيسان/ 2012، والقرار 2043 الصادر بتاريخ 21/ نيسان/ 2012، والقرار 2139 الصادر بتاريخ 22/ شباط/ 2014، والقاضي بوضع حد للاختفاء القسري.
وأكد على ضرورة تحمل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مسؤولياته تجاه مئات آلاف المحتجزين والمختفين في سوريا.
[sociallocker] [/sociallocker]