معارضون: موسكو تنسّق مع (داعش) وتدّعي محاربة الإرهاب



أثار تقدّم (داعش) مؤخرًا، في البادية وريف حمص الشرقي، شكوكَ فصائل المعارضة المسلحة حول وجود تنسيق بين التنظيم والنظام؛ لحصار الفصائل مجددًا في مناطق القلمون الشرقي، خصوصًا بعد سيطرة (داعش) على بلدة القريتين، وحصار مدينة السخنة.

يقول العميد الطيار المنشق عبد الهادي ساري: إن “هناك تنسيقًا بين الروس والتنظيم”، مضيفًا لـ (جيرون) أن “موسكو هي المستفيد من وجود التنظيم وتحركه، لتحقيق مجموعة من الأهداف التي تمنح وجودَها مبررًا في سورية، وتوفر غطاء لمشروعها في إعادة إنتاج نظام الأسد، بوصفه شريكًا في محاربة الإرهاب؛ ما يعطيها المبرر لاستمرار استهدافها لفصائل الثورة، وإنهاء وجودها”.

أضاف ساري أن “التنظيم أصبح وكيل خدمات لأطراف عديدة ضمن الصراع في سورية، وتبدو (إسرائيل) أحد أبرز الأطراف في استثمار وجود (داعش)، أولًا لاستنزاف روسيا وإيران ضمن الحرب في سورية، ثم لإيجاد صراع متواصل بعيدٍ من حدودها، ريثما ينجز الصراع بين العرب والأكراد شمالًا أهدافه، وأخيرًا تمزيق سورية واستنزاف مواردها ومقدراتها حتى الرمق الأخير”.

الناطق الإعلامي لـ (قوات أحمد العبدو) سعيد سيف يرى أن موسكو تحاول “إيصال رسائل لأكثر من طرف، عن طريق التحركات الأخيرة لـ (داعش)”، مضيفًا في تصريحات لـ (جيرون) أنه “لا يمكن أن يتحرك (داعش) بهذه الأرتال الكبيرة دون معرفة موسكو، لأنه يتقدم في مناطق مكشوفة مرصودة من الأقمار الصناعية وطائرات التجسس”.

أشار سيف إلى أهداف أخرى للروس، تتجسد في “الضغط على فصائل المعارضة المسلحة للانصياع للشروط المطلوبة مقابل التهدئة أو ضم مناطقها لاتفاقات خفض التصعيد، وهذا ليس بعيدًا عن الأميركيين؛ إذ لا يمكن تجاهل الثقل والنفوذ الأميركي في تلك المنطقة الاستراتيجية”.

رجحت العديد من المصادر داخل المعارضة السورية أن تكون الغلبة في البادية لإيران ومشروعها، إلا أن هناك فريقًا يرى أن من المبكر الخوض في مثل هذه النتائج، ولا سيّما أن المنطقة تجسد جزءًا من الصراع، بين القوتين العظميين موسكو وواشنطن.

التفاهمات بين الروس والأميركيين -بحسب سيف- “منحت طهرانَ مبتغاها بالسيطرة على معظم مناطق البادية، وهذا يُعدّ نصرًا عسكريًا وسياسيًا، إلا أن عدم اكتراث طهران بالقرارات الدولية وتعهدات روسيا؛ دفع موسكو إلى إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة”.

وأشار إلى أن مستقبل البادية سيكون على شكل “مناطق للنفوذ، يتقاسم السيطرةَ عليها اللاعبون الأساسيون في سورية، حيث تُعدّ المنطقة الشمالية الشرقية خاضعة لنفوذ موسكو، تستخدمها لتحقيق المزيد من المكاسب السياسية، من خلال شعار مكافحة الإرهاب والسيطرة على موارد اقتصادية مهمة، لتشريع مبدأ الاقتصاد مقابل الخدمات، وهو ما سيكون له تداعيات سياسية كبيرة على عموم سورية”.

في حين يرى ساري أن من المبكر الحديث عن حسم مستقبل البادية الشامية، وقال: “لا أظن أن الروس هم من سيتحكمون في رسم ملامح هذا المستقبل، لاعتبارات عديدة، منها أن الأميركيين يعدّون هذه المنطقة استراتيجية، بالنسبة إلى مصالحهم، وسيلقون بكامل ثقلهم خلال المرحلة القادمة من معارك البادية”.

واعتقد أن “الأميركيين ليسوا بهذه السذاجة، ليمنحوا الروس ما يريدون. التفاهمات الحالية ما هي إلا فخّ سقطت فيه موسكو، واستطاعت واشنطن إغراقها في (مستنقع) الشرق الأوسط، وروسيا ستدفع ثمنها غاليًا، برأيي. سورية ستكون أفغانستان ثانية بالنسبة إلى روسيا، وسنشهد تفككًا جديدًا لروسيا الاتحادية التي تنفق أكثر من ثلاثة مليارات دولار سنويًا، من أجل الحرب في سورية، وهذا رقم كبير جدًا على اقتصاد متهاوٍ”.

حول تداعيات ما يحصل في البادية على واقع الجنوب السوري، بخاصة بعد إجبار فصائل المعارضة المسلحة على الانسحاب باتجاه (التنف) والضغط عليها من عدة أطراف؛ للانسحاب خارج البلاد، قال ساري: “سورية جسد واحد، والتداعيات تطول كل قطعة من هذا الجسد، فما يحصل في الشمال يؤثر على الجنوب، والعكس صحيح”.

وتابع: “لا بد من التأكيد -للتاريخ- أن كل هذه التداعيات والإرهاصات التي تحصل على الأرض السورية ستعود إلى شعبها الذي ضحى بكل ما يملك من أجل دولة العدالة والحرية، على الرغم من المأساة الكبيرة التي تعرّض لها -وما يزال- الشعب السوري، بفعل وجود نظام الأسد وما جرّه على البلاد من تدخلات؛ دمّرت البلاد واستنزفت مواردها الاقتصادية والبشرية”. (م.ش).




المصدر
جيرون