نازحو تدمر في شمال سورية.. خارج حساب المنظمات



يعاني نازحو مدينة تدمر الذين قصدوا منطقة الباب، في ريف حلب، أوضاعًا إنسانية بالغة الصعوبة، نتيجة عجز المنظمات الأهلية والمدنية عن الاستجابة لمتطلبات آلاف النازحين الذين تضاعف عددهم، مع موجة النزوح من مدينة الرقة التي تشهد قصفًا متعدد المصادر.

تؤكد مصادر من مدينة تدمر أن نزوح الأهالي لم يقتصر على مدينة الباب فحسب، إذ إن هناك مئات العوائل اتجهت إلى مخيمات وتجمعات، أقامها الأهالي في الصحراء، بخاصة على الحدود الأردنية.

في هذا الشأن، قال محمد جمعة، رئيس المجلس المحلي لمدينة تدمر لـ (جيرون): “نزح عدد من العائلات إلى الصحراء، حيث استقبل مخيم الركبان 900 عائلة، بينما تمكن نحو 200 عائلة أخرى من العبور إلى مخيم الأزرق في الأردن، وهناك من اتجه إلى مناطق إدلب، حيث أحصى المجلس المحلي وجود 1600 عائلة منتشرة في ريف المحافظة، بينما استقبلت مدينة الباب في ريف حلب الشمالي 1300 عائلة، ويتوزع الباقون بين مناطق سيطرة تنظيم (داعش)، وميليشيات (قسد)”.

بدوره أكد الناشط قتيبة العايد أن العوائل التدمرية لم تتجه إلى مناطق سيطرة النظام، بسبب “منع الميليشيات التابعة له من دخول مدينة حمص؛ ما أجبرهم على التوجه نحو الرقة”. وأوضح في حديثه لـ (جيرون) أن “تدمر مدمرة بشكل كامل تقريبًا، كما أنها لم تشهد عودة أي عائلة، ولا يوجد فيها سوى ميليشيات النظام المعروفة باسم اللجان الشعبية، وهؤلاء أخرجوا عائلاتهم، وعددها نحو 100، بعد معاودة تنظيم (داعش) الاقتراب من المدينة”.

وأشار إلى أن غالبية عناصر الميليشيات التي تسيطر على تدمر الآن هي “إما من (حزب الله) أو من الميليشيات الأفغانية والعراقية، وقد تم تحويل مسجدين في المدينة إلى حسينيات شيعية، إضافةً إلى نشر رموزهم الدينية في كل مكان”.

اضطرت العوائل التدمرية التي وصلت إلى الرقة إلى دفع كل ما لديها للمهربين، لتأمين الخروج إلى مناطق ريف حلب، بعد اشتداد القصف على الرقة.

عن هذا الموضوع قال رابح محمد، أحد سكان تدمر لـ (جيرون): “خروجنا من الرقة كلفنا بيعَ جميع ممتلكاتنا، من أجل تأمين المبلغ الذي تطلبه شبكات التهريب، ويصل إلى نحو 120 ألف ليرة سورية على الشخص الواحد، وهذا يعني أن العائلة قد تدفع أكثر من مليون ليرة، للوصول إلى مكان آمن، هذا دون الحديث عن احتمال الموت في أي لحظة، بسبب الألغام والقنص”.

أضاف: “في أثناء الخروج، لا بد من المرور بمخيمات هي أشبه بالسجون، تديرها ميليشيات (قسد) في ريف الرقة الشمالي، وعلينا الانتظار حتى نحصل على كفيل كي تمنحنا إدارة المخيم إذنًا بالمغادرة، وبعدها عليك أن تتأقلم مع جشع سائقي السيارات، مقابل إيصالك إلى مدينة الباب”.

أوضح محمد لـ (جيرون) أن “العائلات التدمرية حين تصل إلى الباب تكون مفلسة تمامًا، ولا تملك أي شيء؛ وتضطر إلى المبيت في الشوارع أو في البيوت المهدمة، لأن إيجارات المنازل بلغت نحو 100 دولار، وهو ما يفوق قدرة أي عائلة، وخلال الشهرين الماضيين وصل إلى الباب ما يقارب 150 عائلة، جمعيها اتخذت من البيوت المدمرة سكنًا لها”.

يشتكي النازحون المنحدرون من تدمر، في مدينة الباب، من تجاهل المنظمات والمجلس المحلي لهم، كما يقول محمد الذي بيّن “أن المجلس المحلي في الباب يوزع عشرة بالمئة فقط من المساعدات على النازحين، أما بقية المساعدات فيوزعها على بعض سكان المدينة أو يخزنها في مستودعاته”، متهمًا المحلّي بأنه “يحتكر مواد الإغاثة، ولا يسمح للمنظمات بتقديم المساعدات على العوائل النازحة التي تعاني أوضاعًا معيشية صعبة”.

في حين أوضح جمعة: “نسعى لتأمين الحاجات الأساسية للمدنيين، وبخاصة في مناطق إدلب والباب، ونناشد جميع الجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية التدخلَ، وتقديم ما يمكن من مساعدة”، مضيفًا: “أطلق بعض الناشطين من أبناء المدينة مؤخرًا حملة بعنوان (أنقذوا نازحي تدمر)، ونجحت في جمع مبلغ مالي من بعض المغتربين، استطعنا من خلاله تأمين بطانيات لمئات العوائل، ولكنها لم تكن كافية”.

يبلغ تعداد سكان تدمر -حسب آخر إحصائية أعلنها النظام مع بداية الثورة السورية- نحو 80 ألف نسمة، وبدأت حركة النزوح مع الدخول الأول لتنظيم (داعش) للمدينة، قبل عامين، وقد ترافق مع قصف عنيف، وصولًا إلى الوضع الأسوأ مع عودة المدينة إلى سيطرة النظام، في بداية العام 2017؛ ما تسبب بنزوح جماعي.




المصدر
سامر الأحمد