المخيمات لقوننة وجود الفلسطينيين السوريين في الأردن



اتبعت السلطات الأردنية، في الآونة الأخيرة، آليةً جديدة في تعاملها مع اللاجئين الفلسطينيين السوريين، تخوّلهم تسويةَ أوضاعهم القانونية، إلا أنها في الوقت ذاته تحرمهم العيش خارج حدود المخيم الذي خُصّص لهم.

تقوم الجهات الأردنية المسؤولة، بعد تسوية أوضاع اللاجئين الفلسطينيين السوريين، بجمعهم في مخيم (الحديقة) قرب مدينة الرمثا، ويحصلون هناك على مساعدات دورية من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين و(الأونروا)، إلا أن تشتت الأسر المؤلفة من زوجين، أحداهما سوري والآخر فلسطيني شكّل أزمة للكثيرين، ولا سيما أن إجراءات لمّ الشمل تطول، فضلًا عن حرمان مَنْ يقطن خارج المخيم، من هذه الفرصة (لمّ الشمل).

قالت (أمل)، وهي سيدة فلسطينية سورية، متزوجة من سوري لـ (جيرون): “اتصل بي موظف من مكتب المخابرات الأردني، وسألني عن اسمي وجنسيتي، وطلب مني مراجعة مكتب المخابرات، فذهبت في اليوم التالي، وأدخلوني إلى غرفة المحقق، شعرت بالخوف من أن يتم ترحيلي إلى سورية مع الإبقاء على زوجي وأطفالي السوريين في الأردن”. وأضافت: “أخبرني المحقّق في نهاية اللقاء أن لن يتم ترحيلي، وأنّ هناك بعض الإجراءات التي لا بدّ من استكمالها لتصويب وضعي القانوني في الأردن”.

بعد انتهاء التحقيق مع أي فلسطيني سوري، ينقل إلى مخيم الحديقة في الرمثا، حيث يُعطى سكنًا عبارة عن (كرفان)، ويُنقل في اليوم التالي إلى منطقة مربع السرحان الحدودية مع سورية، وهي النقطة التي عادة ما يعود السوريون عبرها، وهناك يتم إعادة إدخال المعلومات الصحيحة عنه، مع أخذ بصمة عينه، ليُسجّل دخوله إلى الأردن بشكل قانوني، كما حدث مع (أمل) والعديد من اللاجئين. بعد ذلك تُصحّح المعلومات الخاصة باللاجئين والمرتبطة بتسجيلهم في المفوضية، وتسُجّل بياناتهم في (الأونروا)، وبناء عليه يُمنحون ما يسمى بالبطاقة البيضاء التي تثبت شخصيتهم، ويتم عبرها تقديم المساعدات لهم.

أكدت (أمل) أنها ليست الفلسطينية السورية الوحيدة التي سُويّت أوضاعها، إذ يوجد العديد من العائلات التي حصل معها الأمر عينه، وأضافت في هذا الجانب: “لم يعد هناك ترحيل قسري للفلسطينيين إلى سورية، كما كان الأمر في السابق، إلا من كان لديه سوابق أمنية، أو من أراد العودة بشكل طوعي، حيث يعيش نحو 500 لاجئ في المخيم حاليًا”.

يحصل اللاجئون في مخيم الحديقة على مساعدات مزدوجة، فهي تصلهم من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ومن منظمة (الأونروا)، وتنقسم إلى نوعين، مادية على شكل بطاقة بنكية من المفوضية، تصرف كقسائم غذائية كبقية اللاجئين السوريين في مخيمات اللجوء الأخرى، ومبلغ مالي من (الأونروا) يتم صرفه كل ثلاثة أشهر، تبلغ قيمته 85 دينارًا أردنيًا للشخص الواحد، إضافة إلى المساعدات العينية، والأغطية الشتوية والمدافئ التي تم جلبها مؤخرًا لتوزيعها استعدادًا لفصل الشتاء.

يحقّ لأبناء المرأة الفلسطينية، وإن كانوا من أب سوري، الحصول على مساعدات من (الأونروا)، وكذلك الزوجة السورية لزوج فلسطيني سوري، كما تسمح إدارة المخيم للاجئين الفلسطينيين الذين أُحضروا مؤخرًا، بعد تسوية أوضاعهم، بجلب مقتنياتهم المنزلية من خارج المخيم، دون أي تعقيدات، في هذا الجانب قال أبو جهاد لـ (جيرون): “بعد أن سوّيت أوضاع عائلتي في المخيم، أُعطيت إذن مغادرة لمدة يوم واحد من إدارة المخيم، فذهبت إلى منزلي الذي كنت أستأجره وسلمته لمالكه، وأحضرت الأثاث والفرش إلى المخيم”.

كما يسمح للاجئين في المخيم بالخروج منه بإجازات، تُعطى من قبل الإدارة، وهي تختلف من شخص لآخر، فمن حيث المبدأ يحق للشخص المقيم في المخيم الحصول على إجازة لا تتجاوز مدتها أربعة أيام، يقضيها خارج المخيم في الشهر الواحد، ولكن من الممكن أن تزيد عن ذلك، فبعض المقيمين في المخيم يحصلون على إجازات لمدة تقارب الأسبوع كل 15 يوم. يذهبون للعمل خارج المخيم، لإعالة أسرهم التي ما تزال مقيمة خارجه أيضًا، حيث تكون الزوجة سورية أو أردنية في حالات عديدة.

من ناحية ثانية، يُعدّ قسم كبير من اللاجئين الذين سُوّيت أوضاعهم، أن هذا الإجراء شكّل عاملًا مضافًا في تفريقهم عن أسرهم، لكنهم في الوقت ذاته يقولون: “إنه أفضل من الترحيل”.

في هذا الصدد قال أبو أحمد لـ (جيرون):” انتقلت زوجتي (فلسطينية- سورية) إلى مخيم الحديقة بعد تسوية أوضاعها، وأنا سوري الجنسية، بقيت خارج المخيم مع طفلَتَيَّ، أعاني كثيرًا لأوفّر لهما احتياجاتهما، وخصوصًا أنهما في المدرسة، وأضطر للتغيب عن عملي لأعتني بهما”.

كانت الجهات الرسمية الأردنية قد منعت دخول الفلسطينيين السوريين الأردن، بعد العام 2012، ومنذ ذلك الحين يدخل الفلسطينيون إلى الأردن، بأسماء مستعارة لأشخاص سوريين، ويعيش المئات منهم في المدن الأردنية، ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين بشكل مستتر، نتيجة أوضاعهم غير القانونية، فضلًا عن حرمانهم من كل أنواع المساعدات الإنسانية، وحرمان معظم أطفالهم من الدراسة.




المصدر
جيرون