مقتل الجنود الروس في سورية.. فاعلية الدعاية (البوتينية)



أكدّ الصحافي طه عبد الواحد، المختص بالشأن الروسي، أنّ “مقتل جنود روس في سورية، سيكون له تأثيره على الرأي العام الروسي”، وقال لـ (جيرون): إن “قتل وأسر جنود روس في سورية، سيثير استياءً واسعًا في الرأي العام الروسي”.

حذّر عبد الواحد، من “انفجار الوضع في روسيا، في  حال نفد صبر الناس من الخسائر البشرية المتوالية”، وأضاف: “مقتل جنودٍ روس في سورية يقوي موقف مناهضي التدخل العسكري الروسي في هذا البلد، ويجعلهم يمسكون بها كورقة واقعية، للتحذير من مغبة التورط أكثر في الشأن السوري”. ورأى أنّ “تأثير ما يجري في سورية، حتى الآن، على الرأي العام الروسي محدود؛ بفعل الضخ الإعلامي الهائل، و(البروباغندا) الإعلامية الرسمية؛ اللذين يجعلان نسبة تأييد الروس للتدخل العسكري في سورية، تراوح ما بين 30 إلى 60 بالمئة”.

الإعلام الروسي -بحسب عبد الواحد- “يُركز على دور القوات الجوية الروسية في سورية، من دون الإشارة إلى أي دور للقوات البرية، فهم لا يتناولون الجانب الأخير على الإطلاق، في وسائل الإعلام”. و

علل عدم تناول الإعلام الروسي لوجود قوات برية روسية في سورية بـ “خشية القيادة الروسية من إثارة مخاوف الرأي العام الروسي من تكرار التجربة الأفغانية، ما يُصعّد من إثارة الرأي العام”.

أظهر استطلاعٌ للرأي، أجراه مركز (ليفادا) لصالح وكالة (أنترفاكس) الروسية، في أيلول/ سبتمبر الماضي، ونشرته (جيرون)، أنّ “أقل من 30 بالمئة فقط من المستطلعة آراؤهم يريدون استمرار العمليات العسكرية الروسية الداعمة لنظام الأسد في سورية، فيما رأى 49 بالمئة أنّ على روسيا إنهاء تدخلها”.

أعلنت روسيا، أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي، مقتل الفريق (فاليري أسابوف) في دير الزور، مشيرة إلى وجود اختراق أمني يقف خلف عملية مقتله، فيما أعلن تنظيم (داعش)، الإثنين الماضي، أسر مقاتلين روس، وهو ما نفته وزارة الدفاع الروسية في وقت سابق.

على الرغم من النفي الرسمي الروسي لحادثة أسر (داعش) مقاتلين اثنيين روس، إلا أنّ المعارض السوري محمود الحمزة، أكدّ من موسكو “تلقي عائلة أحد الأسرى الروس لدى (داعش) اتصالًا هاتفيا -يُعتقد أنه من جهاز الاستخبارات الروسية- يطلب منهم الهدوء والصبر” ، مطمئنًا إياهم بأن “ابنهم سيعود إلى روسيا”.

لكنه في الوقت ذاته، قلّل من تأثير تلك الحوادث على الرأي العام الروسي، وقال لـ (جيرون): إنّ “التدخل الروسي في سورية لا يمكن أن يؤثر على الرأي العام، إلا  بعد سنوات طويلة، كون الإعلام المحلي يقول ما يناسب النظام الروسي، باستثناء بعض الأصوات الشريفة من معارضة ونخب مثقفة وسياسيين”.

أشار الحمزة إلى أن “السلطات الروسية لم تعترف سوى بمقتل 40 عسكري لها في سورية، في وقت تؤكد فيه مصادر مختلفة مقتلَ المئات”، وأوضح أنّ “الروس الذين يقاتلون في سورية، إما ينتمون إلى الاستخبارات العسكرية الروسية أو إلى الجيش الروسي والقوات الخاصة”. وأضاف: “ينتمي الجزء الأكبر من المقاتلين الروس في سورية، إلى شركات مأجورة، تسمى بـ (شركات أمنية خاصة) أي (مرتزقة)، ويقودها متقاعدون عسكريون، مثل شركة (فاغنر) وغيرها”.

على الرغم من الإعلان الروسي عن مقتل 40 جنديًا في سورية، منذ بدء تدخلها عسكريًا، في 30 أيلول/ سبتمبر 2015، إلا أنّ تقريرًا نشرته وكالة (رويترز) في آب/ أغسطس الماضي، أكدّ أن عدد القتلى الروس في سورية هو أربعة أضعاف العدد المعلَن عنه، موردةً شهادات موثّقة لأسر الضحايا، تُفيد بطلب السلطات الروسية منهم التكتم على قتلاهم. وتشير تقارير إعلامية روسية إلى “وجود مخاوف حقيقة من أن يكون مصير التدخل الروسي في سورية، مشابهًا للتدخل السوفيتي في أفغانستان، في ثمانينيات القرن الماضي”.

أظهرت دراسة أجرتها صحيفة (كوميرسانت)، في أيلول/ سبتمبر الماضي، أنّ “الحاجة مضاعفة إلى رجال الدين في أوساط المسلمين الروس؛ للحد من الاستياء الآخذ بالتنامي بينهم على خلفية التدخل العسكري الروسي في سورية”

، وهو ما يعزوه الناشط الخبير في تشريعات الهجرة (روستام قاسيموف)، في حديثه للصحيفة ذاتها، إلى وجود “توافق دائم في الآراء بين المسلمين المعتدلين والمتطرفين بأن بشار الأسد طاغية”.

على الرغم من محاذير التدخل الروسي في سورية، وانعكاساته على الرأي العام في البلاد، في حال ارتفع عدد القتلى، إلا أنّ الصحافي نصر اليوسف المذيع السابق في قناة (روسيا اليوم) رأى أنّ “أعداد القتلى الروس، سواء المعلن عنهم رسميًا أو المتوقع مقتلهم، قليلٌ جدًا للتأثير في الرأي العام”.

وقال لـ (جيرون): إنّ “الروس مخدّرين بـ (الدعاية البوتينية) التي تؤكد أن عدم القضاء على الإرهابيين في سورية، سيجعلهم يهاجمون الروس في عقر دارهم”، مشيرًا إلى أنّ “معظم القتلى هم مِن شركات خاصة، وليسوا من المجندين؛ ما يعني أنهم اختاروا المغامرة بحياتهم طوعًا”.




المصدر
منار عبد الرزاق