‘الغارديان: زيارة الملك السعودي لروسيا تبشر بتحولٍ في بنى القوة العالمية’

7 تشرين الأول (أكتوبر)، 2017
7 minutes

يأمل فلاديمير بوتين أولًا في أن زيارة رسمية للعاهل السعودي إلى موسكو ستثبت تحالفًا قويًا جديدًا يركّز على النفط، والصراعات في دول الخليج

يرحب نائب رئيس الوزراء الروسي، ديمتري روغوزين، بالملك سلمان لدى وصوله إلى موسكو. تصوير: إيفان سكريتاريف/ أسوشيتد برس

ستستضيف روسيا أولَّ زيارةٍ لها من قبل عاهلٍ سعودي، يوم الخميس، الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر، في محاولةٍ لضمان تحالفٍ يؤكّد دور موسكو كقوةٍ مستقلة كبيرة في الشرق الأوسط، قادرة على تحديد أسعار النفط العالمية، وصياغة نتائج الصراعات الإقليمية مثل تلك الموجودة في سورية وليبيا.

مع التحالفات الدبلوماسية المتغيرة في الشرق الأوسط؛ تأمل موسكو من زيارة الملك سلمان التاريخية التي تستمر أربعة أيام، أن تظهر أنّ بإمكانها أنْ تقيم تحالفاتٍ وثيقة مع جميع اللاعبين الرئيسين في الشرق الأوسط، بما في ذلك تركيا، وإيران، والآن السعودية.

قبل عامين فقط، كانت فكرة زيارة ملكٍ سعودي لموسكو تبدو بعيدة المنال؛ لأن موسكو والرياض كانتا تتعارضان، على مدى عقود، في جميع الصراعات الإقليمية الكبيرة، من أفغانستان إلى دور الإخوان المسلمين.

لكن الجانبين قررا إنهاء خصومتهما، حيث إنهما سيوقعان في جولة من الاجتماعات صفقاتٍ تجارية، وينسقان أسعار النفط، ويناقشان تسويةً سلمية محتملة في سورية، بما في ذلك الدور المستقبلي لإيران، حيث يبدو واضحًا الآن أنَّ إزالة الرئيس بشار الأسد غير واردة.

يرافق ما يصل إلى 100 رجل أعمالٍ سعودي الملكَ إلى موسكو، ومن المقرّر أنْ يتم الاتفاق على صندوق استثمارٍ نفطي مشترك، بقيمة مليار جنيه إسترليني.

السعوديون الذين يعتمدون -عادةً- اعتمادًا كبيرًا على حسن النية الأميركية، واستهلاك النفط، يميلون إلى التخلي عن سياسة خارجية طموحة، ويركزون بالتحديد على معارضة البلاد لإيران الشيعية. ولكن على مدى السنوات القليلة الماضية، وعلى نحوٍ متزايد، كانوا حذرين ومتحفظين من الاعتماد على أميركا، بدأ السعوديون في تنويع تحالفاتهم الدبلوماسية، بما في ذلك إقامة اتصالاتٍ مع القوات التي كانوا قد رفضوا في السابق التعاملَ معها، مثل الشخصيات الشيعية في العراق.

في الأشهر الأخيرة، استضافت السعودية، وهي التي تمثل القوة السنّية في المنطقة، مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي المؤثر. كما أعلنت الرياض وبغداد أنهما ستفتحان معبر (عرار) الحدودي، للمرة الأولى، وهو مغلق منذ 27 عامًا.

رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في زيارته إلى أبو ظبي، في آب/ أغسطس. تصوير: ريان كارتر/ أسوشيتد برس

إنَّ الكثير من النشاط السياسي الجديد يقوده ابنُ الملك الحداثي، والطموح، وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، قائد الأوركسترا الفعلي للسياسة الخارجية السعودية عالية المخاطر، بما في ذلك التدخل العسكري في اليمن، والمقاطعة التجارية لدولة قطر، شريكها السابق في مجلس التعاون الخليجي. وقد فُرض هذا التغيير جزئيًا على السعودية، بسبب النجاح الروسي الداعم لحكومة الأسد في سورية، وما أعقب ذلك من انعكاساتٍ عسكرية للمعارضة المدعومة من السعودية.

كانت هناك اتهاماتٍ مضادة في جميع أنحاء الخليج لفشل المعارضة السورية، ونجاح روسيا، مع بعض اللوم على رفض السعودية لتسليح الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين. وقد أعرب العديد من المعلقين السعوديين عن إحباطهم، إزاء ترامب، لعدم وجود سياسة حول سورية، لما بعد هزيمة “تنظيم الدولة الإسلامية”.

لكن نجاح روسيا يعني أنّ القدرة الدبلوماسية في سورية قد تحولّت نحو تشكيلٍ تركي روسي إيراني، لأربع مناطق لتخفيف حدّة التصعيد في سورية، وهي عمليةٌ أجبرتْ السعودية الآن على دعمها. ومن المقرّر أنْ يعقد السعوديون اجتماعًا آخر للمعارضة السورية في الرياض، في منتصف الشهر الجاري، في محاولةٍ لتوحيد المعارضة السورية، وإعادة هيكلة مطالبها السياسية. وفي الوقت نفسه، فإنَّ الرياض، بالتشارك مع (إسرائيل)، ستثير مع موسكو قلقها من أنَّ هذه المناطق قد تضمن وجودًا طويل الأمد للقوات الإيرانية، و(حزب الله) داخل سورية.

تخشى كل من (إسرائيل)، والمملكة العربية السعودية أنْ تقوم إيران، بناءً على موافقة روسيا، بإنشاء ممرٍ للسيطرة على الأراضي، من خلال العراق وسورية إلى وكيلها القوي، (حزب الله) على الحدود الإسرائيلية في جنوب لبنان.

كما تأمل روسيا في أنْ تؤدي جولة الاجتماعات الحالية إلى توثيق التعاون بين الدولتين العملاقتين، في إنتاج النفط؛ ما يؤدى إلى اتفاقٍ طويل الأجل لتقييد الإنتاج، ومنع المزيد من التدهور في أسعاره، مع أنَّ روسيا ليست عضوًا في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).

في أواخر عام 2016، وافقت 24 دولة منتجةٍ للنفط، بما في ذلك السعودية وروسيا، على خفض الإنتاج الإجمالي بنحو 1.8 مليون برميل يوميًا. وقد تمّ تمديد الاتفاق إلى الأول من آذار/ مارس 2018، ويهدف إلى خفض الفائض النفطي العالمي الذي أدى إلى انخفاض سعر النفط الخام، إلى أدنى مستوى له خلال 13 عامًا، إذ بلغ أقل من 30 دولارًا للبرميل، في العام الماضي.

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في موسكو، قبيل زيارة الملك سلمان: “إنَّ ما قمنا به يخدم الاقتصاد العالمي بشكلٍ جيد”. وهي تصريحاتٌ تشير إلى أنَّ روسيا ترغب في أنْ تتوسع الصفقة. وأضاف: “سنعيد تقويم الوضع في آواخر آذار/ مارس، وأعتقدُ أنَّ ذلك ممكنٌ”. وأشار ضمنًا إلى أنَّ أيَّ تجديدٍ سوف يمدد الاتفاق حتى نهاية عام 2018.

اسم المقالة الأصلي
Saudi king’s visit to Russia heralds shift in global power structures

الكاتب
باتريك وينتور، Patrick Wintour

مكان النشر وتاريخه
الغارديان، The guardian، 5/10

رابط المقالة
https://www.theguardian.com/world/2017/oct/05/saudi-russia-visit-putin-oil-middle-east

عدد الكلمات
742

ترجمة
أحمد عيشة

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

أحمد عيشة