خطوات أردنية لتمكين الأطفال السوريين من حق التعلم



أكد تقرير جديد لمنظمة (هيومن رايتس ووتش) أن “الصورة، بخصوص الأطفال السوريين اللاجئين في الأردن، قاتمة، لكن الحكومة الأردنية اتخذت مؤخرًا خطوةً لضمان حق هؤلاء الأطفال في التعليم”، ولفت إلى أن “كل يوم يمرّ هو بمثابة نقطة اللاعودة بالنسبة إلى بعض الأطفال السوريين، لعدم تمكنهم من الذهاب إلى المدارس، وإنّ إلغاء الأردن لشرط الحصول على الوثائق للالتحاق بالمدارس هو بصيص أمل”.

بحسب المنظمة، فإن إعلان رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي، أواخر أيلول/ سبتمبر 2017، أن “المدارس الحكومية لن ترفض أي طفل يسعى للحصول على التعليم، سواءً كان يحمل وثائق خدمة أم لا”، هو خطوة في الاتجاه الصحيح، ويجب أن تعتمدها كافة البلدان التي تستضيف لاجئين على أراضيها.

في حين كانت عمان تطالب بحصول الأطفال السوريين على وثائق خدمة صادرة عن وزارة الداخلية للتسجيل في المدارس، وهو أمر صعب، إن لم يكن مستحيلًا، بالنسبة إلى الأسر السورية، بخاصة في حال انتقالها من مخيمات اللاجئين إلى بلدات أو مدن دون إذن رسمي، كذلك كانت التربية الأردنية تُلزم الطلاب السوريين بإحضار وثائق ثبوتية رسمية، للتسجيل في المدارس، وجاء في تقرير المنظمة الدولية: “إن هذا الشرط بالنسبة إلى العائلات التي أُرغمت على الفرار من ديارها وبلدانها، قد يحرم الأطفال من الدراسة، لأن الوثائق الثبوتية قد تكون أتلفت أو فقدت في أثناء الفرار”.

حول هذا القرار، قال فؤاد الحسين، وهو ناشط سوري في المجال التعليمي، من الأردن لـ (جيرون): “تطبّق الحكومة الأردنية هذه الإجراء منذ عام، وهو نافذ في معظم المدارس. لا شكّ أنه أسهم في ارتفاع نسبة الطلاب المنتسبين إلى التعليم، لأن عددًا كبيرًا من الطلاب السوريين لا يملكون أوراقًا ثبوتية، أو الأوراق الخاصة بمرحلتهم التعليمية، وشكّل هذا المطلب، على مدى السنوات الفائتة، أزمة بالنسبة إلى الكثير من الطلاب”.

وأضاف موضحًا: “وفقًا للقرار، يُستثنى من التسجيل في المدارس الحكومية الأردنية الطلاب الذين لا يملكون أي إثبات عن أنفسهم”، وهو “حق مشروع للجهات الأردنية التي لا تستطيع أن تسجّل في مدارسها طلابًا مجهولي الشخصية”.

أما في ما يخص العقبات التي تقف في وجه التعليم، بالنسبة إلى السوريين بشكل عام، فقد أكد الحسين أن “المشكلة الرئيسة تكمن في الوضع المعاشي السيئ، وهذا الوضع مستمر منذ 5 أعوام، إذ ما يزال اللاجئ السوري في الأردن غير مُهيّأ لتكاليف إضافية، مهما كانت بسيطة، وعلى رأسها تكاليف المواصلات بالنسبة إلى الطلاب، وخاصةً أن التقسيمات الجغرافية في الأردن مُعدةّ بطريقة (شرق، غرب، وسط)؛ ما يجعل المدارس بعيدة عن أماكن تواجد السوريين”.

أكدت مصادر محلية من الأردن أن “مشكلة المواصلات هي مشكلة مركزية، بالنسبة إلى تعليم السوريين في الأردن، وقد أجبرت كثيرًا من الآباء الذين سجلوا أبناءهم في المدارس، على إخراجهم منها”.

في سياقٍ آخر، عدّ الحسين أن الأوضاع، بالنسبة إلى تعليم السوريين في الأردن، مقبولةٌ بشكل عام، ويعود ذلك -من وجهة نظره- إلى تعاون التربية الأردنية مع البرامج التعليمية الدولية الداعمة للسوريين، وقال في هذا الصدد: “آليات التعليم للسوريين مشابهة إلى حد كبير لها في لبنان، إلا أن الوضع في الأردن أفضل؛ حيث إن التربية الأردنية تسعى جاهدة لتكثيف التعليم غير الرسمي (التعليم الداعم) للسوريين، عبر برامج تعويضية للطلاب من الأول الابتدائي وحتى الثالث الثانوي، فضلًا عن تعامل الأُطُر التعليمية الأردنية بشكل جيد مع الطلاب السوريين”.

وأضاف: “نظمت التربية الأردنية أخيرًا بالتعاون مع (يونيسف) برامج للطلاب السوريين المنقطعين عن التعليم لفترة طويلة، عبر رفدهم بالتعليم المكثف، في ثلاث دورات كل دورة مدتها 8 أشهر؛ ليصبح مستواهم التعليمي ملائمًا لمرحلتهم العمرية، ومن ثمّ يتم شملهم بالمدارس الرسمية”.

وفقًا لتقرير (هيومن رايتس ووتش) فقد اتخذ الأردن خطواتٍ جيدة، لتضمين المزيد من الأطفال السوريين في التعليم، “إذ استطاعت عمان، بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، العملَ في اتجاهين: الأول تنظيم برنامج لدروس التعويضية، بهدف الوصول إلى الأطفال غير الملتحقين بالمدارس، والثاني منح تصاريح عمل للاجئين السوريين أكثر من أي بلد مضيف آخر؛ ما يقلل من الفقر وعمالة الأطفال التي تمنعهم من الالتحاق بالمدارس”.

كانت مهى يحيى، خبيرة في مجال اللاجئين، أكدت أن مشكلات اللاجئين السوريين في الأردن، وعلى رأسها التعليم، لن تُحل جذريًا بهذه الطرق المُجزأة، ولا بدّ من حلول مُستدامة تساعد الأردن على النهوض الذاتي، واستدراك مشكلاته الأصل، ليتمكن من استيعاب اللاجئين والتصدي لاحتياجاتهم، وقالت في هذا الجانب: “يحتاج الأردن إلى إعادة إنشاء شبكة مواصلات، فضلًا عن ضرورة إعادة تهيئة البنية التعليمية التحتية والفوقية، لتكون قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من الطلاب”، في إشارة منها إلى أن “الأردن يعاني في الأصل من عدم اكتفاء ذاتي، على هذه الصعد”.

أشار تقرير (هيومن رايتس ووتش) إلى أنه “حتى الآن، يوجد في الأردن نحو 75 ألف طفل سوري، من أصل 220 ألف، لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس الحكومية العام الماضي، فيما ارتفع عدد الأطفال السوريين غير الملتحقين بالمدارس، في جميع أنحاء الشرق الأوسط، إلى نحو 730 ألفًا”.




المصدر
جيرون