‘فزغلياد: الفيديو الذي بثّه تنظيم الدولة مع “أسرى روس”، يثير جملةً من الأسئلة’
9 تشرين الأول (أكتوبر)، 2017
الصورة: لقطة من الفيديو
الرجلان اللذان أظهرهما تنظيم الدولة في الشريط، كدليلٍ على أسره جنودًا من القوات المسلحة الروسية، قد يكونان بالفعل كما ادّعيا في التسجيل. على الأقل، هناك عددٌ من المصادر التي تؤكد صحة اسميهما. في الوقت الذي استُخدم تاريخ الرجلين الثري لتوجيه ضرباتٍ إعلامية لروسيا؛ فإن هناك عدة تساؤلاتٍ حول الشريط نفسه.
يؤكد أحد المواقع المرتبطة بـ “تنظيم الدولة الإسلامية” أن الأسيرين الناطقين بالروسية قد ألقي القبض عليهما غرب دير الزور. أحد الرجلين يدّعي أنه رومان فاسيليفيتش زابالوتني، ويذكر مكان وتاريخ ولادته: عام 1979 في منطقة (أكسايسكسي) مقاطعة روستوف. كما أنه ذكر أن اسم الأسير الآخر: غريغوري تسوركان.
لم يتطرق الأسيران إلى الخدمة في الجيش الروسي. أما وزارة الدفاع الروسية، فتقول: لم تقع حوادث أسرٍ لأيّ من جنودها في سورية.
حول هذا الموضوع، تحدث الكرملين أيضًا، عندما صرح الناطق الإعلامي باسم الرئيس، ديمتري بيسكوف لوسائل الإعلام، قائلًا عن أسر مواطنين روس: “بالكاد من الممكن اعتباره رسميًا”، وأضاف: “ولكنْ أكرر مرةً أُخرى، سيتم التأكد من هذه المعلومات من كل المصادر الممكنة؛ للتأكد من أن هؤلاء مواطنون من بلادنا”. بالطبع، أجهزة الاستخبارات الروسية هي من سيتولى هذا الأمر.
من جانبه، أعلن ممثل قوات دونسكوي(*) العظيم، أن (القوزاق)(**) تعرفوا بالفعل على الرجل الذي ظهر في شريط الفيديو، وأكدوا أنه رومان زابالوتني. وقال: “الجميع عرفه، ليس هناك شك. هو من رجال القوزاق من أكسايسكي”، وكانت آخر مرةٍ شوهد فيها زابالوتني قبل أسبوعين أو ثلاثة. وأوضح ممثل (القوزاق): “كان يعمل كجوّال، وقد سافر كثيرًا عبر روسيا”. ومن الملفت للنظر، أن رفاق زابالوتين عبّروا عن دهشتهم حول كيفية وصوله إلى سورية: “لم يكن أحدٌ يعرف أن بمقدوره الوصول هناك”.
كما أعلن النائب في مجلس الدوما فيكتور فودالاتسكي، أنه على معرفةٍ بالرجل: “أعرفه جيدًا، هو من أكساي، وكان ضمن المتطوعين، وشارك في نشاطٍ في حركة (القوزاق) التي يتزعمها نائب الدوما نفسه. لقد أوكلت إلى رئيس اتحاد محاربي (القوزاق) الروس مهمةً خارج البلاد، للتدقيق بالمعلومات الواردة ومعرفة مدى صحتها”.
لاحقًا، بحسب وسائل التواصل الاجتماعي، قيل إنه قد تم التعرف على الرجل الثاني الذي ظهر في شريط الفيديو. وإن اسمه بالفعل غريغوري تسوركان، من مواليد 1978، ويقطن في منطقة دوماديديفا قرب موسكو، وهو من قوات الإنزال سابقًا، وعضوٌ في تنظيم “الأخوية المقاتلة”. وبالفعل، يظهر في صورٍ، شخص يشبهه تمامًا، وهو يشارك في مشروع تدريبي لوحدة منطقة موسكو التابعة لتنظيم الأخوية المقاتلة. ومن المؤكد أنه شارك في أعمالٍ قتاليةٍ في سورية، ومن قبلها في يوغوسلافيا.
بسرعة، ظهرت مواد في وسائل الإعلام الدعائية (على سبيل المثال، راديو الحرية)، تؤكد أن تسوركان ظهر في الدونباس عام 2014. ونُشرت مقابلةٌ مع شخصٍ، يدعي أنه شقيق الأسير رومان، وأُشير في المقابلة إلى الشركة العسكرية الخاصة (فاغنر)، و “الفرقة السلافية” المزعومة. ومع ذلك، هناك صورٌ التقطت لغريغوري ورومان معًا في جمهورية صربيا، في أثناء الانتخابات المحلية صيف عام 2014. وأما عن تواجدهما في (الدونباس) في الوقت نفسه، فمن الواضح أنه أمرٌ غير ممكن.
الأسبوع الماضي، جاء النبأ الأول عن “الأسرى الروس” باللغة العربية. حينئذ، حاول مقاتلو “تنظيم الدولة الإسلامية” القيامَ بهجومٍ معاكس مفاجئٍ على طريق السخنة-دير الزور، واضطر الجيش الحكومي الذي لم يكن مستعدًا لهجوم كهذا، إلى الانسحاب من مواقعه. وبالنتيجة، أصبح الطريق الاستراتيجي مقطوعًا من قبل الجهاديين، في مناطق ثلاث: جنوب وادي عدنان، وعلى مقطع كباكب، وصولًا إلى الشولا.
الآن، استقر الوضع بعد إيقاف هجوم الإسلاميين، وتجري عملية تمشيطٍ للأماكن الزراعية، ولا يعتقد بأنه سيكون بمقدور “تنظيم الدولة الإسلامية” التمسك طويلًا بأجزاء الطريق التي استولى عليها. بيد أن وتيرة تقدم القوات الحكومية عند دير الزور قد تباطأت، في حين كان الجميع منشغلين فيه بإعادة السيطرة على الطريق السريع (دير الزور-السخنة)؛ استغل الأميركيون والأكراد الفرصة، ليحققوا تقدمًا سريعًا باتجاه حقول النفط على الشاطئ الشرقي من نهر الفرات.
في منطقة الشولا بالتحديد، زُعم أن الرجلين الروسيين قد أُسرا. في الوقت نفسه، وردت أنباءٌ عن إعدام الأسيرين. فإما أنه قد تم قطع رأسيهما مباشرةً، أو أنهما نُقِلا إلى مدينة الميادين وأُحرِقا. ولكن لم يرد أي تأكيد موثق.
هناك رأيٌ يقول إن التسجيل قام به بعضٌ من أفراد “تنظيم الدولة الإسلامية” الناطقين بالروسية، وهناك وفرةٌ منهم في دير الزور. من الملفت للنظر، أن التسجيل لا يحتوي تلك العناصر والمؤثرات التي عرفت من قبل، كالإعلانات الدعائية والموسيقى. كان الشريط بمثابة مادةٍ إعلامية، أو خبر. ولو كنا نتعامل مع تجار “عاديين”؛ لقلنا إن الشريط بيانٌ على أن المحتجزين على قيد الحياة، ولكان عرضُ الشريط خطوةً أولى للتفاوض حول الفدية. إلا أن غياب أي بيان إضافي آخر من جانب التنظيم، لا يسمح بتوقع ما يرمي إليه الجهاديون من تسجيل الشريط وبثه.
إذا كان ما قاله المحتجزون صحيحًا؛ فإن بالإمكان تقريبًا تأكيد أنهم كانوا يعملون في شركةٍ عسكرية خاصة. بهذا المعنى، كانت ردةُ فعل وزارة الدفاع مفهومة، فالوزارة لا تعلق عادةً على الأمور التي لا ترتبط بها مباشرةً. المعلومات المتوفرة حتى الآن غير كافيةٍ للتوصل إلى استنتاجاتٍ وتوقعاتٍ مقنعة.. ولهذا، بدأت تظهر على شبكات التواصل رواياتٌ مثيرة عما جرى.
على سبيل المثال، كلمات رئيس تنظيم (القوزاق) حول طبيعة عمل زابالوتني كجوالٍ متنقل، ولّدت إشاعاتٍ حول اختطافه من قبل “تنظيم الدولة الإسلامية” على أراضي روسيا الاتحادية، وأن شريط الفيديو الذي يظهره في سورية مفبرك.
أما التخمينات بشأن تاريخ الرجلين، فإنها فقط تزيد الإثارة. فعلى سبيل المثال، لم يستطع أحدٌ تذكر تسوركان في حروب كرواتيا والبوسنة، منتصف تسعينيات القرن الماضي؛ إذ كان وقتذاك بالكاد قد بلغ من العمر 13 عامًا، فأي يوغوسلافيا تلك؟
تقريبًا، الشيء نفسه ينطبق على الافتراضات بشأن مشاركتهما في حرب (الدونباس)، وكذلك الأمر بخصوص تلك التسميات الوهمية، من قبيل “الفرقة السلافية”.
في نهاية الأمر، ليس مهمًا أين كان الرجلان يخدمان في السابق. فإن كانا ما يزالان على قيد الحياة حتى الآن (ونرجو ذلك)؛ فإن العمل على تحريرهما لن يقتصر على الشركة العسكرية الخاصة التي كانا يعملان فيها.
——————————————————————————————-
(*) ديمتري دونسكوي: أحد أمراء وقادة روسيا من القرن الرابع عشر، ينسب إليه فضلٌ كبير في تحويل الإمارات الروسية إلى دولة.
(**) القوزاق: مجموعة من الهاربين من الحكم القيصري. تجمعوا في مناطق الدون؛ ثم شكّل القياصرة فرقَ خيالةٍ منهم، ساهمت بقمع الثورات ضد الحكم القيصري. وعُرفوا بالبسالة وحب الحرية.
اسم المقالة الأصلية
Видео ИГИЛ с «российскими заложниками» оставляет массу вопросов
الكاتب
يفغيني كروتيكوف
مكان وتاريخ النشر
فزغلياد. 4 تشرين أول 2017
رابط المقالة
https://vz.ru/society/2017/10/4/889657.html
ترجمة
سمير رمان
سمير رمان