المعهد الطبي في حمص يخرّج أولى دفعاته




بعد عمل متواصل بدأ قبل عامين حصد المعهد التقاني الطبي في ريف حمص الشمالي أولى ثمار تلك الجهود، وذلك بتخريج الدفعة الأولى من الطلاب الناجحين وعددهم 57 طالباً، ليكون هذا الإنجاز وفق القائمين عليه خطوة جديدة في مجال إعادة بناء المؤسسات التعليمية في الريف الحمصي المحاصر، وعاملاً مساعداً في سد الثغرات التي يعاني منها القطاع الطبي في الوقت الحالي.

ويعود الفضل في تأسيس المعهد التقاني الطبي إلى تضافر جهود وخبرات مجموعة من الأطباء العاملين في المنطقة، الذين قرروا إنشاء المعهد بعد التواصل مع مجلس محافظة حمص الحرة، وبالتنسيق مع جامعة حلب الحرة، ليكون هذا المعهد أول مؤسسة تتبع لهذه الجامعة.

مقدّمات ونتائج

ويلفت رئيس المعهد، الدكتور زياد واكية، في هذا السياق إلى أن التأسيس جاء انطلاقاً من فكرة دعم التعليم العالي الحرّ، وإيجاد بدائل مناسبة لنقص الكوادر العلمية والمهنية نتيجة سنوات “الحرب”، بالإضافة للتخفيف من البطالة في المنطقة.

ويوضح واكية لـ “صدى الشام” أنّ اختيار أقسام (المخابر، والأشعة، والتخدير، والمعالجة الفيزيائية، والتمريض العام) جاء بعد دراسة واستطلاع آراء العاملين في المشافي الميدانية والمراكز الصحية بخصوص احتياجاتهم.

وحول المنهج المعتمد ذكرَ واكية أنّ “المواد التعليمية معتمدة من قبل المجلس العالي للمعاهد الطبية، حيث تم تشكيل لجان علمية مختصة بإعداد المناهج في الاختصاصات كافة”، مضيفاً في الوقت ذاته أنّ المعهد استقبل خلال العامين الماضيين ما مجموعه 254 طالباً وطالبة من الذكور والإناث جرى اختيارهم عبر مفاضلة عامة أجرتها “وزارة التعليم العالي” بالتعاون مع “جامعة حلب الحرة”.

وبسبب صعوبات عديدة أبرزها الوضع الأمني وصعوبة التنقل، فقد تمّ توزيع الشعب الدراسية في المدن الثلاثة (الرستن تلبسية الحولة) بعد أن جرى افتتاح المركز الرئيسي في تلبيسة.

بناء القدرات

ورداً على سؤال حول جودة المحتوى العلمي المقدم في هذه المعاهد وإمكانيات المتخرجين الفعلية، أجاب واكية أنّ “طرق التدريس خلال العامين الماضيين حاولت الخروج عن الأساليب التقليدية النظرية المنتشرة في جامعات النظام ومعاهده، من خلال التدريب العملي الذي تلقاه الطلاب خلال فصل الصيف كاملاً في المشافي الميدانية، وحضورهم لمجموعة من المناظرات العلمية والمحاضرات والندوات التي تم التنسيق لها مع جامعات علمية خارجية مشهود لها في تركيا ومصر”.

وتسعى إدارة المعهد الطبي حالياً للتنسيق مع إدارات المشافي لتوظيف الخريجين، ورفد المجتمع المحلي بالكوادر المؤهلة، لاسيما بعد اضطرار معظم هذه المراكز لتشغيل متدربين خاضعين لبعض الدورات العملية البسيطة بسبب النقص الحاد في الكوادر.

كوادر جديدة

عانى ريف حمص الشمالي منذ خروجه عن سيطرة قوات النظام في العام 2012 من توقف التعليم لاسيما العالي منه لأسباب عديدة أهمها قلة الكادر التدريسي الأكاديمي، وصعوبة الحصول على المكان الآمن، وطريقة استجرار المواد اللازمة لهذه المعاهد في ظروف الحصار المطبق على المنطقة.

وأدى هذا الواقع بحسب تأكيد الإعلامي في ريف حمص الشمالي يعرب الدالي إلى “انصراف الشباب عن متابعة تعليمهم بعد دخول اليأس إلى قلوبهم، كما تسبب في زيادة معدلات البطالة بشكل كبير نتيجة غياب فرص العمل”.

وأوضح الدالي في تصريح لـ “صدى الشام” أنّ فكرة تأسيس المعهد الطبي كانت جيدة لكنها خطوة أولى فقط في الاتجاه الصحيح، مضيفاً أنه “يجب توفير فرص عمل لهؤلاء الخريجين، وتأمين الاعتراف بشهاداتهم العلمية في حال اضطرار أحدهم للسفر والخروج عند حدوث أي تغيير في الوضع الميداني”.

وفي السياق ذاته أكد الناشط الصحفي على “ضرورة استيعاب أعداد إضافية من الشبان الراغبين في متابعة دراستهم، وذلك من خلال توسيع الاختصاصات لتشمل كافة احتياجات السوق، بما فيها مراكز التأهيل الزرعية و الصناعية والتجارية”.

ضرورة لا بدّ منها

يرى أبو خالد، وهو أحد مسؤولي قطاع التعليم في مدينة الرستن، أنّ أزمة نقص الكوادر التدريسية والعلمية في مختلف الاختصاصات “جعلتنا نعتمد على توظيف من هم أقل كفاءة من ذوي الخبرات المتواضعة، حيث لا يحمل بعضهم سوى الشهادة الثانوية العامة”، ويضيف: “بسبب هذا الأمر ظهرت العديد من المشاكل خاصة في المجالين التعليمي والطبي حيث أصبح لدينا موظفون بلا خلفية علميّة جيدة ولا يمتلكون خبرات كافية”.

وحول فكرة انشاء معاهد متخصصة في ريف حمص الشمالي ومدى قدرتها على تفادي هذه المشكلة، قال أبو خالد: “إنها ضرورة لا بدّ منها”، مضيفاً “يجب أن تكون تدريباتها مكثفة، وموادها العلمية ذات محتوى مفيد، كونها ستحل بديلاً مؤقتا عن التعليم الجامعي الغائب”.

يشار إلى أنّ تجربة إنشاء المعهد الطبي التقني تلاه خلال الفترة السابقة استحداث معهدين آخرين هما المعهد المتوسط التقاني، ويضم اختصاصات (حاسبات وميكانيك وكهرباء)، ومقره في الرستن، والمعهد المتوسط لإعداد المدرسين ومقره منطقة الحولة، ويضم اختصاصات (رياضيات ولغة عربية ولغة انكليزية ومعلم صف وعلوم عامة وقسم معهد شرعي).




المصدر