صراعات وتحالفات معقّدة جنوب غربي سوريا




رأى المحلل السياسي في المركز العربي لنزاعات الشرق الأوسط في واشنطن، جو ماكارون، أن كلاً من روسيا وإيران وإسرائيل تعمل على دعم مواقفها وترسيخ وقف إطلاق النار في آن واحد جنوب غربي سوريا، كما يسعى الأردن لصون مصالحه في هذه المنطقة الحدودية.

وقال المحلل في مقال له بمجلة لوريان 21 الفرنسية، إن السوريين وبعد ست سنوات من بداية ثورتهم، لم يعودوا متحكمين في مصير بلدهم ولا أدل على ذلك مما يشهده الجنوب الغربي للبلاد.

موقع استراتيجي

هنا لا تزال أطراف النزاع مترددة في ترك سلاحها، حتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار الأميركي الروسي المبرم في 9 تموز الماضي، فهذه المنطقة نظراً لموقعها الاستراتيجي تساعد في فهم أفضل للرهانات الجيوسياسية للنزاع وهو ما يمثل اختباراً للسيناريوهات التي قد توصل إلى حل لـ “الأزمة السورية” ككل.

وقد ارتكز هذا الاتفاق على ثلاث مراحل متتالية:

ـ الاستجابة للقلق الأردني والإسرائيلي عبر فصل الجنوب الغربي السوري عن مسار مفاوضات أستانا وإبقاء القوات الإيرانية بعيدة عن الحدود الأردنية وعن منطقة هضبة الجولان المحتلة من طرف إسرائيل، وبعد ذلك الفصل بين قوات النظام وقوات المعارضة مع تحديد انتشار جغرافي مختلف لكل منهما، ثم ضمان عودة السوريين اللاجئين في الأردن إلى محافظات درعا والقنيطرة.

خطوة غير متوقعة

ومنذ التدخل العسكري الروسي في أيلول 2015، دخلت حكومتا الأردن ودولة الاحتلال الإسرائيلي في مفاوضات مع موسكو تمخضت عن تفاهمات أوقفت موسكو بموجبها استهدافها لقوات المعارضة في الجنوب الغربي السوري وسمحت لإسرائيل بضرب “حزب الله” كما قام بنقل أسلحة أو التخطيط لعمل قرب هضبة الجولان.

غير أن الاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا أربك لعبة التحالفات الإقليمية تلك، مقوّضاً تطابق المصالح الأردنية والإسرائيلية في سوريا، إذ إن قلق إسرائيل ينصب في الأساس على تحركات “حزب الله”.

وهذا هو ما دفع كل من واشنطن وموسكو إلى طمأنة إسرائيل عبر الضغط على “حزب الله” وجعله يتخلى عن نقل 3000 مقاتل تابع له من منطقة القلمون إلى الجنوب السوري.

ويبدو، على المدى البعيد، أن احتمالات المواجهة بين إسرائيل و”حزب الله” مرتبطة بشكل كبير بطريقة تنفيذ الاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا.

رهان

ويبقى الرهان الأساسي بالنسبة للأردن وإسرائيل هو تأمين وجود قوى حليفة في “المنطقة العازلة” القريبة من حدودهما، وتلك مهمة غير صعبة بالنسبة للأردن، أولاً لأنه بلد عربي وثانياً لأنه يشرف مع الولايات المتحدة الأميركية على هيئة “قيادة العمليات العسكرية” التي تدعم الجماعات المعارضة في جنوب سوريا.

ويشكل البعد الوطني للنزاع السوري عائقاً كبيراً آخر للاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا، فالمجموعات المعارضة تقاوم محاولة فرض واقع جديد بالقوة، في حين أن نظام الأسد لا يعترف بوجود المجموعات المسلحة للمعارضة، ويعكس تنفيذ الاتفاق المبرم بين روسيا والأردن هذا الإشكال.

وإن دام وقف إطلاق النار في جنوب سوريا وتطور يمكن لعمّان أن تلعب دور الوسيط في النزاع السوري وأن يكون لها دور في مجهودات إعادة بناء الجنوب، وسيتعين ربما على السلطات الأردنية أن تجد طريقة للدخول في اتصال مباشر مع نظام الأسد دون معاداة قوى المعارضة في الجنوب.

وإذا كان الأردن هو أول المستفيدين من اتفاق أميركي روسي ناجح في الجنوب الغربي السوري، فسيكون بالمقابل الضحية الأولى في حال انهياره، فالاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا وضع الجبهة الجنوبية في تحول يفرض على عمان اختيار صفها، حسب ماكارون.

وختم الكاتب مقاله بالقول إن الطريق لحل النزاع السوري في جنوبي البلاد يشكل مرحلة أولى ضرورية ولكنها غير كافية لحل النزاع ككل، ومن المصلحة الاستراتيجية للقوى الإقليمية والعالمية أن تأخذ الآن بعين الاعتبار إرادة جميع السوريين.




المصدر