من الشوّالي إلى سارية السوّاس.. بازار “المنتخب” يتّسع للجميع




تتنقل في عالم الميديا بين صفحة وأخرى، تسمع أو تقرأ التعليقات فتجد من يضرب بـ “سيف” المعلق الرياضي الشهير “عصام الشوالي” وعبارته التي توّج بها تشجيعه العُصابي لمنتخب النظام خلال مباراة ذهاب الملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم “من لا يشجع المنتخب السوري اليوم هو مريض نفسي”، هذه العبارة تحوّلت بين ليلة وضحاها إلى تميمة يضعها السوري الموالي للنظام على صدره أو تعويذة تردّ عنها “شرور” الفكر المعارض ولو بأدنى احتمالاته.

لكن هل كان حُكم الشوالي بريئاً؟ هل يغيب عنه أو عن أي إنسان على هذا الكوكب أن شريحة كبيرة من السوريين ترفض هذا الممنتخب جملة وتفصيلاً وبالتالي فهو بما قل يُهين جمهوراً كاملاً؟

موجة

تعكس المبالغة والتطرف في الأحكام عادةً أحد أمرين: موقف يحمل رد فعل قاسٍ ثأري، أو مغالاة في المحاباة والتزلف، وقد تعكس جوانب أخرى لكن “تشجيع” الشوالي قد يندرج في إحدى الخانتين، وهو الذي يدرك كما غيره من الإعلاميين والفنانين وسواهم أن منتخب النظام أصبح علامة “تجارية” في عالم الميديا لأسباب تتعدّد.

والمقصود بكملة “تجارية” هنا ليس المعنى المباشر أي البيع والشراء بالتأكيد، وإنما إتاحة الموضوع المتابَع جماهيرياً فُرصاً غير مسبوقة لمن يريد للحصول على مكاسب ترويجية تتعدى الموقف السياسي والبروباعندا المرافقة إلى منافع تتقاطع في أمكنة وتفترق في أخرى، لكن ما يجمعها هو الإطار أو المحيط الواحد ألا وهو “بازار” المنتخب حيث يستطيع أياً كان تعليق وربط ما يشاء بالمنتخب، أكان ذلك على سبيل تحقيق “النصر” المتكامل عسكرياً ورياضياً وفنياً، أم أسطرة الحالة وإلباس فريق رياضي ثوب النجاح الاستثنائي الذي عاند ظروفاً وقوى قاهرة.

ولعل من المفيد الإشارة إلى أن حالة الشوالي- على خصوصيتها المرتبطة بأدائه المعروف بالشطط اللارياضي، وإقحام ما لا يلزم في عالم كرة القدم (شعر، سياسة، جغرافية..)- تشكّل أولاً وأخيراً نموذجاً آنيّاً لموجة سائدة قرّر كثير من السوريين وغيرهم ركوبها.

ومن الطبيعي في أية دولة في العالم أن نشهد حملات دعم للمنتخب “الوطني” حتى في بلاد القمع والحكم البوليسي، لكن الصعب في الحالة السورية هو إمكانية تمييز خيوط “الدعم” من بعضها، باعتباره هدفاً جامعاً نظرياً يستقطب أطرافاً من مشارب مختلفة وغايات متعددة.

هذه الغايات قد نختزلها بكلمة شهرة في بعض الأحيان، وفي عصر السوشال ميديا يمكن استخدام مصطلح “الانتشار” مشفوعاً بإعجابات ومشاركات وتعليقات، وضمن هذا المناخ من الاستقطاب الحادّ يصبح كل شيء محتملاً من المواقف الهجومية الحادة ككلمات الشوالي، إلى الأغاني الحماسية، أو حتى الرهانات الخلاعية كموضة خلع الملابس التي شاعت مؤخراً.

فردية وجماعية

قبل سنوات طويلة- ربما في فترة التسعينات غالباً- أنتجت أغنية “دقوا ع الخشب” للمطرب السوري عصمت رشيد، ومنذ ذلك الحين لم تشهد الساحة الفنية أغانٍ داعمة لمنتخب سوريا بشكل فعلي، مع بعض المساهمات المحدودة، إلى أن خرجت الممثلة أمل عرفة بأغنية “قولوا الله”، لكن الملفت اليوم هو أننا أصبحاً نعيش ما يشبه السباق الذي لا يقتصر على مبادرات فردية يقول فيها أصحابها “نحن هنا ما زلنا في الساحة الفنية”، لفتاً للانتباه بطريقة ما، كما حدث في أغنية سارية السواس “يانسور بلادي”، وإنما يصل إلى مستوى إنتاج جماعي كما هو الحال في فيديو كليب أغنية “الفرحة سورية” التي يؤديها محمد مجذوب ووفيق حبيب ويظهر فيها عدد كبير من النجوم السوريين من داخل سوريا وخارجها أمثال قصي خولي وباسل خياط وعابد فهد وزوجته زينة يازجي وشكران مرتجى وباسم ياخور وسامر المصري وسامر اسماعيل وديمة بياعة و يزن السيد و كرم الشعراني وميلاد يوسف و نظلي الرواس وأيمن عبد السلام ودانة مارديني وروعة ياسين وطلال مارديني.

دولارات وعارضات

لو أن المسألة بقيت في حدود الغناء لكان في الأمر وجهة نظر يختلف السوريون أو يتفقون عليها، لكنّ مزايدات غير معهودة باتت تتسيّد المشهد بطريقة غريبة، وأبسط مثال هنا هو الممثل السوري نزار أبو حجر، الذي أعلن عن مكافأةٍ سيُقدمها للاعبي المنتخب ومدربهم، في حال فوزهم على المنتخب الأسترالي، في مباراة الذهاب ضمن الملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم،  وقال أبو حجر، في تسجيل مصور نشرته الصفحات الموالية الأربعاء الماضي إنه سيُعطي المدرب أيمن الحكيم، مبلغ 25 ألف دولار، ومدير منتخب النظام فادي دباس، 25 ألف دولار، وكل لاعب في المنتخب 10 آلاف دولار، في حال تجاوز أستراليا، وأضاف “هذه مقدمة من الفنان محمد نزار أبو حجر، الملقب بـ (أبو غالب) بياع البليلة”، على حد قوله.

ومع اختلاط المزاح بالجدّ في موضوع دعم منتخب النظام، كان لعارضات الأزياء نصيبهنّ من هذا المعترك الدعائي، فقد قررت العارضتان صبا خضور ورهف عبود، أن يعبّرا عن مساندتهما للمنتخب السوري بطريقتهما الخاصة من خلال جلسات تصوير بقميص المنتخب.

وارتدت صبا خضور، كما ظهر في الفيديوهات التي نشرتها قناة “ترافل أراوند” على YouTube، القميص الأحمر للمنتخب إلا أنها قامت بربطه من الأسفل ليرتفع فوق خصرها ويظهر منطقة البطن وأسفله “شورت” جينز، كما رفعت وشاح يحمل علم واسم سوريا في بعض الصور.

أما رهف عبود، فارتدت القميص الأبيض والشورت الأحمر للمنتخب السوري، وقبعة بعلم سوريا، كما التقطت صورًا بقفازات حراسة المرمى.

أزمة ثياب

قبل هاتين العارضتين كانت عارضة أزياء سورية أخرى قد أثارت جدلًا كبيرًا بين روّاد مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن أكدت أنها ستقوم بتنفيذ وعدها بالتعري في بث حي ومباشر.

وفي التفاصيل، كانت العارضة عفراء حمشو قد كتبت في تعليق لها عبر حسابها على موقع “فيسبوك” قبل أسبوعين أنها ستتعرى وتخلع ملابسها بالكامل عبر بث مباشر من خلال صفحتها في حال خسارة المنتخب السوري في مباراة الملحق (ضد إيران) أو تعادله في المبارة، الأمر الذي أثار هرجاً ومرجاً على مواقع التواصل.

وردًا على هذه التعليقات التي وصلتها على صفحتها نشرت عفراء تهديدًا انتقدت فيه الهجوم الناري الذي تعرضت له، وأكدت من خلاله أنه ستقوم بهذه الخطوة قريبًا جدًا.

وقالت في تعليقها الثاني: “فكرة وقت بدي اعمل بث واشلح ما تفكروني ناطرة آراءكن المحترمة ..وجكر بالكل قريباً عاملة بث مباشر وشالحة فيو وطقو موتو”.

ومع كل ما ذكرنا من نماذج “الدعم” في هذا التقرير لنا أن نتساءل ببساطة: “إذا كانت الظروف الدولية والمحلية السياسية منها والرياضية أفضت إلى ما نراه، ودفعت نجوماً معروفين أو مغمورين لاستخدام أشكال مختلفة من التشجيع وحتى المزايدة والرهان، وبلغت مرحلة الوعد والتهديد بالتعرّي في حال قيام منتخب النظام بخطوة على طريق كأس العالم، فماذا يمكن أن يحدث لو نال هذا المنتخب كأس العالم مثلاً؟”.




المصدر