زواج اللاجئات السوريات المبكر لـ”مواجهة العزلة والعنف المنزلي”




تتعرض العديد من اللاجئات السوريات لخطر الاتجار، والاعتداء عليهن جنسياً أثناء فرارهن من مناطق الحرب. ولكن بمجرد الوصول إلى منطقة آمنة من القنابل والرصاص، فإن مصاعب الحياة في المنفى يمكن أن تدفع الفتيات إلى العمل أو الزواج المبكر، الأمر الذي يجعلهن عرضة للعنف الزوجي والمنزلي على حد سواء.

داليا (اسم مستعار)، واحدة من ضحايا الزواج المبكر، تبلغ من العمر 15 عاماً، وأصبحت أماً ومطلقة في سن صغيرة، عادت لتعيش برفقة والدها ووالدتها هبة.

عائلة اللاجئة سورية تعيش في أنقرة، وفي العام الماضي زوّجها والدها من أحمد وهو شاب يبلغ من العمر 26 عاماً، وهو صديق العائلة، أصبحت حاملاً منه بعد أسبوع من زواجها، بحسب ما نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.

تبيّن بعد ذلك أن أحمد احتجز داليا في المنزل وحرمها من رؤية أي أحد أو التحدث مع أشخاص آخرين لأيام عدة، وعندما أخبرت والديها بالحقيقة، فأعاداها إلى بيتهم، حيث أنجبت داليا طفلها هذا الصيف. وتقول “اعتقدت أن وجود طفل سيجعل الأمور أفضل، ولكنه لم يفعل ذلك”.

وبحسب ما تنقل الصحيفة عن المصدر عينه، يساهم الآباء في تزويج بناتهم في سن مبكرة بمجرد وصولهم إلى البلدان المضيفة لهم، وهناك قصص لا تحصى في هذا السياق.

 يقول الباحث السوري في الشؤون الاجتماعية في مركز المجتمع المدني والديمقراطية في غازي عنتاب، نور برهان، “على بعد نحو 50 كيلومتراً من الحدود السورية، النزوح والفقر يجعلان الزواج المبكر أكثر احتمالاً. في منازل اللاجئين هناك اعتقاد راسخ بأن الزواج المبكر سيضمن مستقبل الفتاة، ويحافظ على سلامتها من خطر العنف الجنسي”.

لكن هذه الزيجات لا تنجح جميعها، كما حصل مع داليا التي نقلت “فايننشال تايمز” أن والديها قد يواجهان عقوبة السجن، لكونهما خرقا القوانين التركية التي تمنع الزواج في سن تقل عن 18 سنة.

تقول هبة والدة داليا “لم أكن أتوقع طلاق ابنتي، كنت أريدها متزوجة ومستقرة، لكن حصل العكس”.

يوجد في تركيا نحو ثلاثة ملايين سوري، وبفضل الاتفاق الذي وقع العام الماضي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا يمكن تسجيل الأطفال اللاجئين في المدارس التركية والحصول على الرعاية الصحية المجانية. ومع ذلك، لا يذهب سوى 40 في المائة من الأطفال السوريين إلى المدارس.

وقالت المتحدثة باسم منظمة “يونيسف” في تركيا، سيما هوستا، إن نحو 243 ألف فتاة سورية لاجئة مسجلة في مراكز التعليم المؤقتة والمدارس العامة التركية، إلا أن الالتحاق ينخفض ​​بشكل كبير بعد الصف الثامن لكل من الفتيات والفتيان. ويعمل كثيرون في المزارع مع أسرهم، أو الباعة المتجولين، أو في المصانع.

ويشكل العنف المنزلي مشكلة خطيرة أخرى. ووفقا لبعض الدراسات الاستقصائية، فإن ثلاث نساء من بين كل 10 نساء في تركيا يعانين من الإيذاء الجسدي في المنزل، وتوفي ما لا يقل عن 414 فتاة وامرأة بسبب الاعتداء المنزلي في عامي 2015 و2016 في تركيا.

واللاجئات السوريات ليس لهن حقوق بموجب القانون التركي: لا يوجد أي دعم للطفل أو النفقة أو الميراث إذا طلقن، كما يقول برهان.

وقد أطلقت الحكومة التركية ومنظمات غير حكومية متعددة برامج لتثقيف الأسر بشأن مخاطر زواج الأطفال وأهمية تحديد النسل، لتجنب الحمل المبكر الذي يمكن أن يسبب مشاكل صحية عند الفتيات الصغيرات، بل وحتى الموت. لكن رد الفعل، خاصة من الرجال في المجتمع، كان سلبياً.

تقول مديرة بحوث الهجرة والتقييم في مكتب البحوث التابع لـ “يونيسف” بينا دي كوستا، إن الحلول التي تشمل الأسر ستستغرق وقتاً طويلاً، مشيرةً إلى “أن حملات التوعية بشأن الحقوق الإنجابية والزواج المبكر يجب أن تأخذ في الاعتبار حقيقة أن هذه القرارات الأسرية تعتبر أحياناً مقدسة – خارج نطاق مهام الحكومة والمنظمات غير الحكومية”.




المصدر