صعوبات اندماج الأطفال وكبار السن في ألمانيا



أطلقت الطبيبة الألمانية أنجليكا بيير مبادرة (بيت يوناس هاوس) التي تحمل شعار “لكم ولأولادكم”؛ بهدف تقديم خدمات مجانية للاجئين في العاصمة برلين، تساعدهم في تعلم اللغة الألمانية والاندماج في المجتمع الجديد، إضافة إلى خدمات ومساعدات أخرى. وفقًا لموقع (DW).

ياسر حميد، وهو لاجئ سوري وأحد المستفيدين من خدمات المبادرة، أوضح في حديث لوسيلة إعلام محلية: “إحساسنا بالضياع والخوف وسط الحرب والدمار في سورية دفعنا إلى الهروب وركوب البحر وصولًا إلى اللجوء في ألمانيا، حيث اصطدمنا بعائق اللغة الألمانية والاندماج”.

مضيفًا: “عدم معرفتنا اللغة الألمانية جعلنا نشعر بالضياع وعدم القدرة على اتخاذ أي قرار، إضافةً إلى الصعوبات الكبيرة التي تواجهنا كلاجئين، إلا أننا بدأنا نشعر بالأمن والسلام والسعادة، مع الخدمات التي تقدمها مبادرة (البيت)، خصوصًا عندما وجدت أبنائي يندمجون مع أقرانهم الألمانيين ويتعلمون اللغة، إلى درجة أن أطفالي بدؤوا يُلِحون يوميًا للذهاب إلى بيت (يوناس هاوس)، ليمارسوا نشاطات رياضية وتعليمية هم بحاجة كبيرة إليها”.

معاناة اللاجئين هي السبب الذي دفع الطبيبة أنجليكيا لإطلاق مبادرتها وتأسيس (يوناس هاوس)، الذي يستقبل حاليًا ما يقارب 85 طفلًا ويافعًا يلعبون كرة القدم والسلة. كما يوجد في البيت 15 غرفة، وصالة طعام تقدم وجبات مجانية لجميع الوافدين، إلى جانب مسرح صغير جميعها تعج بالنشاطات والألعاب الرياضة، فضلًا عن الموسيقا ودورات تعليم اللغة الألمانية.

تؤكد أنجيليكا أن (البيت) “يهتم كذلك بتنظيم رحلات خارجية للأطفال وزيارة مدارس حكومية، وتقديم مشورات ومساعدات للاجئين وإيجاد حلول لمشكلاتهم الاجتماعية؛ مما يساعد على سرعة اندماجهم، ومن ثم الاستفادة من قدراتهم وحصولهم على فرص عمل، وحياة كريمة تضمن مستقبل أبنائهم”.

انعكست الحرب الدائرة في سورية منذ نحو ست سنوات على الوضع النفسي للأطفال، وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيةٍ رسمية، تبيّن الاضطرابات النفسية التي عانى ويعاني منها الأطفال السوريون، وتقيس الأمراض (النفسية – العضوية) التي أصابتهم “إلا أن معظمهم يعانون حالة من الصدمة، من جراء العنف الذي شاهدوه في سورية، وانعكس ذلك على سلوكهم، إذ باتوا أكثر ميلًا للعدوانية وعدم التأقلم مع البيئة الجديدة، وهذا انعكس على مستوى تقبّلهم لتعلم لغة البلد المتواجدين فيه”، ذلك بحسب ما ذكره المختص النفسي نضال سعدون، في حديثه لـ (جيرون).

وفقًا لتقرير صادر عن (يونيسف) منتصف العام 2016 “هناك ما يُقدّر بنحو 3.7 مليون طفل سوري أو ما يعادل واحد من أصل كل ثلاثة أطفال سوريين، وُلدوا منذ بدء الحرب قبل خمس سنوات، وترك العنف والخوف والتشرّد أثرًا كبيرًا على حالتهم النفسية، ويشمل هذا الرقم 306 آلاف طفل، ولدوا لاجئين منذ عام 2011”.

من جهة ثانية، أكدت زابينا كنيبيل خبيرة مجتمعية في قضايا اللاجئين أن “الوصول إلى الاندماج يتطلب تعاونًا ومسؤولية من اللاجئين أيضًا”، لافتةً إلى أن تعلم اللغة “ليس بالأمر السهل، وبخاصة لمن يجهلون القراءة والكتابة بلغتهم الأم، وللسيدات والرجال كبار السن، فاللغة تكتسب من خلال الانخراط في العمل، كما لا يمكن فرض تعلم اللغة سياسيًا فقط”، حسب (دويتشه فيله).

في هذا الجانب، قال قصي محبّك وهو لاجئ في ألمانيا منذ سنتين لـ (جيرون): “إن أبرز المشكلات التي يعاني منها كبار السن تكمن في تعلم اللغة”، مضيفًا: “يجد الكبار في السن صعوبةً في الذهاب الى المدرسة والجلوس على مقاعد الدراسة من جديد، إضافةً إلى صعوبات الحفظ والتعلم، وتزداد المشكلة عندما يتعامل المُدرّس مع جميع الطلاب بالسوية نفسها، دون مراعاة بطء الاستيعاب عند الكبار، وهذا الأمر ينعكس على نفسيتهم؛ ويجعل بعضهم ينقطع عن متابعة التعليم”.


نسرين أنابلي


المصدر
جيرون