«فورين بوليسي»: ماذا يحدث إذا نقض ترامب الاتفاق النووي الإيراني؟




نشرت مجلة «فورين بوليسي» تقريرًا تشرح فيه النتائج المتوقعة لتراجع الولايات المتحدة عن الاتقاق النووي مع إيران. وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قد أوردت الأسبوع الماضي خبرًا بأن ترامب ربما يعلن عن نقضه الاتفاق النووي الإيراني لأن الاستمرار في العمل به ليس من مصلحة الولايات المتحدة، ويُنتظر من إدارة ترامب أن تبلغ الكونجرس -في موعد أقصاه 15 أكتوبر (تشرين الأول)- إن كانت إيران تلتزم بالاتفاق وإن كان من مصلحة الولايات المتحدة الاستمرار فيه، وذلك وفق قانون مراجعة الاتفاق النووي مع إيران (INARA).

يصف التقرير هذا الإعلان بأنه جزء من التمهيد لاستراتيجية الولايات المتحدة الجديدة نحو إيران، والتي ستتعامل بها مع دعم إيران للإرهاب وتورطها في العنف في الشرق الأوسط وتطويرها للصواريخ الباليستية، بجانب المسألة النووية. انتقد ترامب سلوك إيران مجددًا الأسبوع الماضي في اجتماع مع كبار الضباط بالجيش وأكد أنها «لا تلتزم بروح الاتفاق»، لكنه لم يقل إن إيران قد خرقت أي من التعهدات المحددة في الاتفاقية.

لكن تقرير «واشنطن بوست» أوضح أنه لا توجد قرارات نهائية حتى الآن وأن ترامب حتى لو نقض الاتفاق فسوف «يؤجل توصيته للكونجرس بفرض العقوبات مجددًا». وهذا الحذر يوحي بأن نقض الاتفاق ربما لن يعيد العقوبات المفروضة ضد إيران على الفور وأن إجراءات إضافية -تنفيذية أو تشريعية- قد تكون ضرورية لإعادة فرض العقوبات.

قصة الاتفاق النووي

يسرد التقرير قصة الاتفاق النووي مع إيران، ويسمى أيضًا خطة العمل الشاملة المشتركة، والذي تم إبرامه بين إيران ومجموعة الدول الخمس زائد واحد (الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن وألمانيا) والاتحاد الأوروبي في يوليو (تموز) 2015. وافقت إيران على تقديم تنازلات متعلقة ببرنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الشديدة، وأيد مجلس الأمن الاتفاق في قراره رقم 2231، ثم رفعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي يوم دخول الاتفاق حيز التنفيذ في 16 يناير (كانون الثاني) 2016، ذلك بعدما أكدت الوكالة الدولية للطاقة النووية تنفيذ إيران لتعهداتها في خطة العمل الشاملة. كما ألغيت قرارات مجلس الأمن السابقة المتعلقة ببرنامج إيران النووي.

حرصت إدارة أوباما على ألا يكون الاتفاق النووي ملزمًا قانونيًا، ولهذا لم يتطلب موافقة تشريعية. يمكن للولايات المتحدة أن توقف العمل بالاتفاق في أي وقت دون خرق تعهداتها وفقًا للقانون الدولي. ولكي تفي الولايات المتحدة بالتزامها، اعتمدت إدارة أوباما على سلطات موجودة مسبقًا تتيح للرئيس حرية التصرف في تطبيق العقوبات على إيران. على وجه التحديد، استخدمت الإدارة سلطة الرئيس في رفع العقوبات والتي منحها له قانون سابق للعقوبات. وتسمح القرارات التنفيذية للرئيس بأن يفرض عقوبات أخرى ويمكن التراجع عنها بسهولة نسبية.

تقول إلينا تشاكو، معدة تقرير «فورين بوليسي»، إن إدارة أوباما أغضبت النواب بموقفها الذي اعتبر موافقة الكونجرس غير ضرورية لتمرير الاتفاق مع إيران، وهذا ما أدى لسن قانون مراجعة الاتفاق النووي (إنارا) وهو تعديل لقانون الطاقة النووية لعام 1954. ألزم القانون الرئيسَ بتقديم أي اتفاقية نووية مع إيران للكونجرس ليراجعها، وفرض متطلبات إضافية في التقارير والوثائق تسمح بمراقبة الكونجرس لتنفيذ الاتفاقية. وبالنسبة للوضع الحالي، البنود المهمة هي التي تتعلق بالمصادقة على الالتزام بالاتفاق. يفرض القانون على الرئيس أن يصادق -كل 90 يومًا- على التزام إيران بخطة العمل الشاملة المشتركة وعلى أن مصلحة الولايات المتحدة لا زالت تتحقق برفع العقوبات، ويسري هذا على تنفيذ أي اتفاق مع إيران. صادق ترامب من قبل على التزام إيران بالاتفاق رغم نقده اللاذع له ومزاعمه المتكررة بأنه ليس كافيًا، ولا زالت إدارة ترامب تمدد رفع العقوبات.

ماذا لو نقض ترامب الاتفاق النووي؟

يقول التقرير إن نقض ترامب للاتفاق النووي سيتسبب في انتكاسة دبلوماسية وسياسية خطيرة من الأطراف الأخرى للاتفاق وأهمها إيران، فقد تسبب مجرد احتمال نقض الاتفاق في إطلاق أطراف أخرى تصريحات تحث الولايات المتحدة على الاستمرار في تنفيذ الاتفاق. رغم ذلك، لن يتبع نقض الاتفاق أي عواقب فورية بخصوص التزام الولايات المتحدة برفع العقوبات التي رفعت بموجب الاتفاق النووي. ولا يمكن هذا إلا في حال أتى نقض الاتفاق مصحوبًا بقرارات تعيد فرض العقوبات.

فرض العقوبات مجددًا قد يتم بطرق عدة، بحسب التقرير. يمكن للكونجرس أن يصدر تشريعًا بفرض العقوبات مرة أخرى بعد 60 يومًا من نقض الاتفاق، ولكنه سيكون مرتبطًا بالإجراءات العاجلة لقانون المراجعة. بدلًا من ذلك، يمكن للرئيس ألا يستخدم سلطته في التنازل عن العقوبات وهي سبب وقف استخدام قانون العقوبات من بداية الاتفاق حتى الآن. ويمكنه كذلك أن يدرج مجددًا جهات ومسؤولين إيرانيين ضمن قائمة SDN للأفراد والمؤسسات التي يحظر التعامل معها وذلك بموجب قرار تنفيذي، وهو ما يمكن أن يتبعه عقوبات أخرى ثانوية مثل قانون العقوبات ضد إيران في 2010، والذي قيد تعاملات السوق الأمريكي مع المؤسسات المالية للدول التي ترتبط بالأشخاص والهيئات الإيرانية المحظورة.

أما الطريقة الأخيرة هي أن تتحرك الولايات المتحدة لتعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، وذلك وفقًا لـ«التراجع» المنصوص عليه في الاتفاق النووي. لكن -حتى الآن- لم تلمح إدارة ترامب إلى نيتها في اتخاذ أي من هذه الخطوات لتعيد فرض العقوبات من جانبها فقط.

لذا تظن الكاتبة أن خبر واشنطن بوست عن تأجيل ترامب لطرح توصيته للكونجرس بخصوص فرض العقوبات على إيران مجددًا يعد خبرًا محيرًا، فلا يحتاج الرئيس للكونجرس ليعيد فرض العقوبات التي رفعت بموجب الاتفاق النووي. يمكنه أن يفعل ذلك بممارسة سلطاته التي يملكها بالفعل بموجب قرارات تنفيذية. وتذكر الكاتبة تقريرًا لإدارة خدمة الأبحاث في الكونجرس استنتج أن «من غير المحتمل أن يحتاج الرئيس موافقة الكونجرس ليعيد فرض العقوبات». ما قاله ترامب يوحي بأن إدارته ليست في عجلة لتدمر الاتفاق عن طريق التراجع عن التزامات الولايات المتحدة الأساسية.

وتختم الكاتبة بالقول إن نقض الاتفاق دون إعادة فرض العقوبات سيسمح لإدارة ترامب بالتعبير عن سخطها تجاه الاتفاق النووي من أجل المنافع السياسية، بينما تستمر في الحفاظ على مضمونه وهو ما يعطي دافعًا لإيران لتلتزم بتعهداتها النووية، إلا بالطبع إن تحرك الكونجرس وفرض العقوبات بعد نقض الرئيس للاتفاق النووي. هذا التصرف من الإدارة الأمريكية يرجح التفاوض مجددًا بخصوص الاتفاق النووي، رغم أن الأطراف الأخرى تبدو غير مهتمة. وعلى كل، يبدو أن الكرة الآن في ملعب الكونجرس.

رابط المادة الاصلي: http://foreignpolicy.com/2017/10/06/heres-what-happens-if-trump-really-decides-to-decertify-the-iran-deal/




المصدر