استثمار داعش على حدود “خفض التصعيد” جنوب شرق إدلب



برزت منطقة الجنوب الشرقي لمحافظة إدلب -بالتزامن مع تحضيرات دخول الجيش التركي إلى المحافظة ضمن اتفاق (خفض التصعيد)- كنقطة جذب لعناصر تنظيم (داعش) الهاربين من المناطق التي خسروها في ناحية عقيربات ومحيطها، بعد عمليات عسكرية نفذها النظام السوري خلال الشهر الماضي، وسيطر خلالها على مناطق في أطراف البادية السورية شرق حماة.

مراقبون اعتبروا أن ما يحدث في مدخل محافظة إدلب من جهة حماة -بخاصة بعد هجوم (النصرة) على مواقع للنظام، وسعي (داعش) لانتزاع مناطق من (النصرة) في تلك المنطقة- عبارة عن خلط للأوراق، وتغيير لقواعد الاشتباك العسكرية التي كانت معروفة، على مدى سنوات وعلى طول الساحة السورية، خصوصًا أن قوات النظام دفعت بعناصر (داعش) للجوء والفرار إلى تلك المناطق لتأزيم المشهد العسكري والأمني فيها، ولاستثمارهم وظيفيًا في هذا الجيب الجغرافي المستحدث.

العميد أحمد رحال يشكك بدوافع تشكيل هذا الجيب الجغرافي “الذي صار نقطة تماس بين مختلف القوى المتصارعة”، ويرى أن “الدفع بوصول عناصر (داعش) إلى المنطقة هدفه جرّ تركيا إلى مستنقع الصراع المباشر بعد دخولها إلى محافظة إدلب”، مؤكدًا أن هناك “مصلحة أسدية” مباشرة في هذا الأمر.

أضاف رحال خلال حديثه لـ (جيرون) أن “ما يحدث هو عبارة عن خلط الأوراق من جديد.. إن وجود (داعش) في تلك المنطقة يشكل تهديدًا للاستقرار في إدلب، على الأقل هؤلاء لديهم القدرة على الأذية”، مشيرًا إلى أن “الأتراك متنبهين إلى هذا الموضوع، لذلك كان التردد التركي الذي يندرج ضمن مساعيها، لعدم التورط بحرب استنزاف”.

شدد رحال على أن “العمل على التخلص من الإرهاب يعني أنه لا بد من التخلص من كل مسبباته دفعة واحدة، بما في ذلك وجود (حزب الله) وإيران وغيرها من الميليشيات، إضافة إلى بشار الأسد.. الحلول لهذا الإرهاب لا يمكن أن تكون جزئية، لا بد من حل جذري يقطع مع مسببات العنف”، معتقدًا أن “بوادر استمرار العنف أو إعادة انفجار الأمور مرتبط بعدم القضاء على كل العوامل المحفزة للإرهاب، بل هناك قوى تقوم بدعمه، وهناك مصلحة لعدة قوى بعدم إنهاء (داعش)، بل يتم دومًا تأمين ممرات آمنة لعناصر التنظيم للفرار”.

من جهته، يرى المعارض محمد حجي درويش أن الدفع بعناصر تنظيم (داعش) إلى جنوب شرق إدلب عبارة “عن تبديل لمواقع الاشتباك”، مشيرًا إلى أن “الفترة القادمة ولمدة غير قصيرة ستكون البادية السورية وأطرافها ساحة للمعركة الأساسية في سورية”.

لفت درويش الانتباه، خلال حديثه لـ (جيرون)، إلى أن “تثبيت مناطق خفض التصعيد في منطقة الشمال رسَم خريطة جغرافية جديدة ممتدة من جبل الباير (على السلسلة الجبلية الساحلية قرب اللاذقية) مرورًا بشمال محافظة حماة، وصولًا إلى أطراف البادية وجنوب وغرب حلب”، وعقّب: “من هنا كان التحول في فتح الطريق لـ (داعش) من أجل استثمارهم في الفترات اللاحقة، وبالتالي يمكن أن يكون هناك منطقة اشتباك مع الأتراك”.

يركز درويش على أن “تحركات (داعش) مكشوفة، ومن الواضح وجود تواطؤ من قبل مختلف القوى، لزجهم في مراحل لاحقة بمعارك حسب الطلب، ومن الممكن لنظام الأسد استثمارهم، في مرحلة من المراحل، ضد التواجد التركي”. وتابع: “القتال عمومًا سيظل محصورًا في البادية السورية حول آبار النفط من حمص إلى تدمر إلى دير الزور، واتجاه الحدود الأردنية العراقية. هناك ستكون المعركة الأساسية، ولذلك سيتم استجلاب (داعش) برعاية إيرانية-أسدية”. (م. ص).


جيرون


المصدر
جيرون