«الجارديان»: صندوق النقد الدولي يدعو إلى فرض المزيد من الضرائب على الأثرياء




«زيادة ضرائب الدخل على الأغنياء سوف تساعد في تقليص عدم المساواة دون أن يكون لها أثر عكسي على النمو»، هذا ما خلَصَ إليه مؤخرًا «صندوق النقد الدولي» الذي يتخذ من واشنطن العاصمة مقرًا له، وفقَ ما نقلت صحيفة «الجارديان»البريطانية في تقرير لها مؤخرًا.

وبحسب تقرير «الراصد المالي» نصف السنوي الذي يعده الصندوق، يمكن دحض الحجة القائلة إن النمو الاقتصادي سوف يتأثر سلبًا إذا أجبرت الحكومات في البلدان الغربية المتقدمة أعلى 1% دخلًا من السكان على دفع المزيد من الضرائب.

وبحسب البنك فإن النظرية الضريبية تشير إلى أنه ينبغي أن تفرض على أصحاب الدخول العالية ضرائب «كبيرة بشكل ملحوظ»، لكن الحجة ضد القيام بذلك كانت دومًا أن استهداف الأغنياء سوف يكون ضارًا بالنمو. وتردف المنظمة صاحبة التأثير الدولي الواسع :«لا تدعم النتائج التجريبية تلك الحجة، على الأقل بالنسبة إلى مستويات الزيادة غير المفرطة». كما أنه من الممكن أيضًا وضع أنواع مختلفة من ضريبة الثروة في الاعتبار.

«حزب العمال» ينتهز الفرصة.. و«ماي» و«ترامب»ينحازان للأغنياء

وبحسب  الجارديان، فقد استغل حزب العمال البريطاني التقرير، ودعا إلى زيادة الضرائب على الأغنياء، مستشهدًا بملاحظة البنك الدولي كدليلٍ على الحاجة إلى نظامٍ ضريبي أكثر عدالة. وقد اقترح الحزب في برنامجه الانتخابي فئةً ضريبية جديدة تبلغ نسبتها 45% على هؤلاء الذين يجنون أكثر من 80 ألف جنيه إسترليني سنويًا، و50% على هؤلاء الذين يجنون أكثر من 123 ألف جنيه إسترليني.

ونقلت الصحيفة عن «جون ماكدونل»، وزير الخزانة في «حكومة الظل»، قوله: «يدعم صندوق النقد الدولي الحجة التي قدمناها في الانتخابات العامة والتي تهدف إلى نظام ضريبي أكثر عدالة. ليس هناك أدلة تدعم هؤلاء الذين يثيرون الخوف بشأن آثار جعل الأغنياء يؤدون ضريبةً أكثر عدلًا». وأضاف: «لم يكتف حزب المحافظين فقط بتخفيض الحد الأقصى للضرائب، وإنما ما زالوا يخططون لمليارات من «الهبات الضريبية» الأخرى لشديدي الثراء والشركات الكبيرة من خلال البرلمان الحالي».

ورغم ادعاءات وزراء بأن خطط حزب العمال الضريبية سوف تكون ضارة على المستويين السياسي والاقتصادي، إلا أن ماكدونل يعتقد أن زيادة الضرائب على الأغنياء سوف تكون قابلة للتطبيق وذات شعبية، مؤكدًا: «بمرور كل يوم تزداد الأدلة على ضرورة التغيير في وزارة الخزانة. بدلًا من الانخراط في اقتتال داخل حزبه، على وزير الخزانة أن ينصت إلى دعوات حزب العمال إلى ضرائب أكثر عدلًا وزيادة الاستثمار، حتى يمكننا بناء اقتصاد يحقق مصالح الأغلبية لا الأقلية».

وأشارت الجارديان إلى أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي قد هاجمت مرارًا نهج حزب العمال واصفةً إياه بـ«المتطرف»، مدعيةً أن كوربن وماكدونل يعيشان على «كوكب فنزويلا». لكن رئيسة الوزراء اعترفت في اجتماعٍ هامشيٍ بمؤتمر حزبها في مانشستر بأن الرأي العام يبدو أنه أكثر تأييدًا لبعض الأفكار الاقتصادية لحزب العمال مقارنةً بما افترضه الاستراتيجيون المحافظون قبيل الانتخابات العامة في يونيو(حزيران) الماضي. «لقد اعتقدنا بوجود إجماعٍ سياسي»، قالت ماي، وتابعت: «لكن جيرمي كوربن قد غيّر ذلك».

ومع تقديم وزير الخزانة «فيلين هاموند» لميزانيته الشهر المقبل، من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة سوف تمضي قدمًا في خفض الضرائب لذوي الدخول الأعلى، بما في ذلك خطط لزيادة العتبة الضريبية للفئة الأعلى من ضريبة الدخل إلى 50 ألف جنيه إسترليني.

وتشير الجارديان إلى أن تقرير صندوق النقد لا يذكر أي دولة بالاسم، ولا يحدد عند أي مستوى تحديدًا ينبغي على الحكومات وضع النسبة الأعلى للضرائب على أصحاب الدخول الأعلى، إلا أنه يؤكد على أن تخفيض الضرائب المفروض على الـ1% الأعلى دخلًا «قد ذهب بعيدًا للغاية»، في تلميح قوي إلى شكوك الصندوق بشأن الخطة الضريبية المنحازة للأغنياء التي يقترحها دونالد ترامب للولايات المتحدة.
بدلًا من ذلك، قال صندوق النقد إن زيادة الضرائب على الأغنياء ضرورية لكبح جماح عدم المساواة المتصاعد في الدخل، وهي الحجة التي استخدمها «ماكدونل» وزعيم حزب العمال «جيرمي كوربن».

الفجوة تزداد بين الأغنياء والفقراء

ويذكر التقرير أن أغلب الاقتصادات المتقدمة في الغرب قد شهدت زيادةً كبيرة في عدم المساواة في الدخل في العقود الثلاثة الماضية، مدفوعةً بشكلٍ رئيسي بنمو دخل نسبة الـ1% المذكورة. وتقليديًا، سعت الحكومات إلى جعل مجتمعاتها أكثر مساواةً عبر فرض ضرائب دخل أعلى على الأغنياء، واستخدام تلك الأموال لمساعدة الأكثر فقرًا حالًا سواء بصورةٍ مباشرة أو من خلال الخدمات العامة.
لكن – وبحسب التقرير – فقد وُجد أن الأنظمة ضريبية الدخل قد أصبحت أقل تصاعدية على نحوٍ ملحوظ في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وظلت مستقرة منذ ذلك الحين، على الرغم من أن تزايد حالة انعدام عدم المساواة زادت الحاجة إلى نهجٍ أكثر تصاعدية.

في تدوينةٍ لصندوق النقد الدولي، قال رئيس وحدة الشؤون المالية بالصندوق «فيتور جاسبر»، إن متوسط أعلى ضريبة دخل في الدول الغنية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد انخفض من 62% عام 1981 إلى 35% عام 2015. وأعلن جاسبر في تدوينةٍ مشتركة مع الاقتصادي بالصندوق «مرسيدس جارسيا-إسكريبانو»: «بالإضافة إلى ذلك فإن أنظمة الضرائب أقل تصاعدية مما يبدو من النسب القانونية، لأن الأفراد الأغنياء لديهم قدرة أكبر على الاستفادة من الإعفاءات الضريبية». وأضافت التدوينة: «الأمر المهم هنا هو أننا نجد أن بعض الاقتصادات المتقدمة يمكنها زيادة التصاعدية دون الإضرار بالنمو، طالما كانت التصاعدية غير مفرطة».

وأشارت الصحيفة إلى أن بحث صندوق النقد وجد أنه بين عامي 1985 و1995، عوضت إعادة التوزيع من خلال النظام الضريبي 60% من الزيادة في عدم المساواة التي سببتها قوى السوق، لكن بين عامي 1995 و2010 فشلت أنظمة ضريبة الدخل في الاستجابة لاستمرار تعمّق حالة انعدام المساواة. كما ذكر أيضًا أنه ينبغي الحد من عدم المساواة عبر الانحياز بشكل أكبر للفقراء في الإنفاق العام.

ويضيف كل من جاسبر وجارسيا-إسكريبانو: «رغم التقدم، تظل الفجوات في القدرة على الوصول إلى تعليمٍ جيد وخدماتٍ صحية جيدة بين مجموعات الدخل المختلفة من السكان في دولٍ عديدة»، ويضيفان أنه في الدول الغنية يعيش الرجال الحاصلون على شهادةٍ جامعية ما يصل إلى 14 عامًا أطول من هؤلاء الحاصلين على تعليمٍ ثانوي أو أقل: «يمكن لتحسين الإنفاق عام أفضل أن يساعد – على سبيل المثال – عبر إعادة توجيه الإنفاق على التعليم أو الصحة من الأغنياء إلى الفقراء، مع الحفاظ على المستوى الإجمالي العام للإنفاق على التعليم أو الصحة».

وفي تقرير منفصل يستعرض الاستقرار المالي العالمي، يذكر صندوق النقد الدولي أن الأمر سوف يستغرق عدة سنوات حتى تعيد البنوك المركزية معدلات الفائدة إلى مستوياتٍ أكثر طبيعية بسبب ما يحمله من مخاطرة قد تؤدي إلى إجهاض التعافي المالي. لكن التقرير ألقى أيضًا الضوء على خطر أن يقود الدعم المالي طويل الأمد إلى المزيد من الفوائض المالية.

وتنقل الصحيفة تصريحًا للمتحدث باسم وزارة الخزانة يقول فيه «إن نظامًا ضريبيًا عادلًا هو جزءٌ محوري من خطتنا لبناء مجتمعٍ أكثر عدلًا. اليوم، يدفع الـ1% الأغنى ما يزيد على ربع إجمالي ضريبة الدخل بينما تم إعفاء الأربعة ملايين من ذوي الدخل المنخفض من ضريبة الدخل تمامًا».

رابط المادة الاصلي: https://www.theguardian.com/business/2017/oct/11/imf-higher-taxes-rich-inequality-jeremy-corbyn-labour-donald-trump




المصدر