فوضى وانفلات أمني.. ماذا بقي من “هيبة” المدارس في حلب!



ما إن بدأ العام الدراسي في حلب حتى بدأت تتكشّف معه فصول متوالية من المشكلات التي تشوب القطاع التعليمي في المدينة، بدءًا من المناهج التي أثارت حفيظة وجدل شريحة كبيرة من السوريين، ولا سيّما المؤيدين للنظام، مرورًا بعدم تأهيل عددٍ مناسب من المدارس لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الطلاب، وصولًا إلى عدم تجهيزها بالخدمات الأساسية كالماء والكهرباء. كل ذلك حلقات متصلة لمشكلات، لم يستطع نظام الأسد أن يجد لها حلًا، على الرغم من الصورة المشرقة التي يحاول تصديرها للعالم عن عودة كل شيء في حلب، ثاني أكبر المدن السورية، إلى طبيعته!

أما في ما يخصّ المسار الأخلاقي والأدبي للتعليم، فقد انعكس الوضع الأمني المُنفلت في حلب، منذ (تحريرها) نهاية العام الماضي كما يزعم النظام، بشكل لافت، على القطاع التعليمي وسلوك الطلاب، إذ لم يعد للمدرسة أي حُرمة، ولا للكوادر التعليمية هيبة، وباتت الفوضى وعدم الانضباط هما سيدا الموقف.

انتشرت منذ أيام صورٌ، على الصفحات الموالية للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي، لفتيةٍ تسوروا جدار مدرسة (حسّان كيالي) في حي السريان بحلب، وقفزوا إلى ساحة المدرسة، وتحرشوا بالطالبات، كما ضربوا معاونة المديرة والحارس الذي حاول منعهم من الدخول إلى المدرسة، وذلك بحسب ما أوردته صفحة (شبكة أخبار حلب الشهباء) الموالية للنظام.

في هذا الصدد، قال المدرس عبد الرحيم حفصة من مدينة حلب لـ (جيرون): “سبب حالة التمادي هو شيوع الفوضى التي أوجدها عناصر (الشبيحة)، وبقيت آثارها راسخة حتى بعد انسحابهم من بعض الأحياء، فالسلاحُ منتشرٌ بين الناس بكثرة، ولم يعد الأساتذة والموجّهون قادرين على ضبط سلوك الطلاب، وكثيرٌ من أهالي الطلاب هم من شبيحة النظام، لذلك يتحاشى المدرسون أي مواجهة مع الطلاب -حتى إن أخطؤوا- خوفًا من ردّة فعل الأهل العنيفة”.

تتعرّض الطالبات يوميًا لمضايقات كثيرة، من الشبان، على أبواب المدارس، من دون أن يتدخل “شبيحة” النظام المسلحين أو عناصر القوات الروسية المنتشرة في عددٍ من أحياء المدينة كالسليمانية والعزيزية وساحة سعد الجابري والجميلية والفرقان وسيف الدولة ومحيط جامعة حلب.

في هذا الجانب، تحدث الأستاذ محمد موازيني من إعدادية (ميخائيل كشور) لـ (جيرون)، عمّا أسماه (انقلاب أدوار): “إن شيوع حالة الفوضى وانتشار السلاح بيد الكبير والصغير في حلب، جعل الصورة معكوسة حاليًا، فالأستاذ هو من يخشى مواجهة الطالب، على عكس ما كان سائدًا في السابق”. وأضاف: “اضطررنا، يومَ مباراة سورية وأستراليا، إلى السماحَ للطلاب بمغادرة المدرسة، تجنبًا لحالات الشغب والفوضى التي قد تحدث، فجميعهم يريدون متابعة المباراة، ولو لم نسمح لهم بالخروج، على الأرجح سيهربون، ولن نستطيع السيطرة عليهم، فضلًا عن المضايقات التي ستطال الكادر التدريسي بأكمله، من أهالي الطلاب في حال عدم سماحنا لهم بالخروج”.

أما في حلب الشرقية، فالوضع لا يختلف كثيرًا عن نظيره في الجانب الغربي، لا سيما أن معظم الأحياء تحت سيطرة ميليشيات موالية للنظام كلواء (الباقر) وكتيبة (الدوشكا)، ويروي عصام خضر، وهو من سكان الأحياء الشرقية، لـ (جيرون)، كيف أن “عناصر هذه الميليشيات في يتجولون في الأحياء، وبعضهم يدخلون المدارس بلباسهم العسكري وأسلحتهم، بذريعة تفقد الأوضاع فيها”، وأضاف في هذا الخصوص: “دخلت مجموعة من العناصر إحدى المدارس، في حي المعادي، وعندما حاول مستخدم المدرسة منع العناصر من الدخول؛ ضربوه وشتموه”.

لغة السلاح التي ينتهجها عناصر هذه الميليشيات انعكست بشكل أو بآخر على سلوك الطلاب أنفسهم، وهنا أوضح خضر: “أصبح من الطبيعي أن تنتهي بعض المشاجرات بين الطلبة بالضرب واستخدام العصي، ومهاجمة صفوف بعضهم بعضًا داخل المدرسة”، مضيفًا “الشجار بين الطلبة ليس ظاهرة جديدة، ولكن الجديد هو ما طرأ على سلوك الطلاب من عنفٍ متزايد وتقليدٍ لممارسات ميليشيات النظام”.


نسرين أنابلي


المصدر
جيرون