“يوم الغضب السوري” خطوة في طريق مناصرة القضية السورية



شهدت عدة دول أوروبية، منها ألمانيا وفرنسا والسويد وسويسرا وهولندا، إضافة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا، تظاهراتٍ حاشدة، أمس السبت، ضمن حملة (يوم الغضب السوري) التي دعا إليها ناشطون سوريون في الداخل والخارج.

أعادت هذه الحملة -بحسب العديد من المشاركين في تظاهرات المدن الأوروبية- تسليطَ الضوء على أهمية الحراك المدني في الثورة السورية، وذلك لأنه -من وجهة نظرهم- الأقدر على إقناع الرأي العام العالمي بعدالة القضية السورية، ولأنه أسرع الطرق في حث المنظمات المدنية والإنسانية على التحرك، وتشكيل حالة ضاغطة على مؤسسات صناعة القرار؛ لاتخاذ إجراءات عملية تساعد في تحقيق المطالب التي يناضل من أجلها السوريون.

قال عمر النحال -وهو أحد المشاركين في تظاهرات مدينة فرانكفورت الألمانية- لـ (جيرون): “لا شك في أن مثل هذه الفاعليات مهمة للغاية على صعيد لفت أنظار المجتمعات الأوروبية إلى ما يجري في سورية، وأعتقد أنه ينبغي تطويرها من الهتافات والشعارات المطالبة بإسقاط بشار الأسد ومعاداة طهران، إلى حيّز صناعة شيء واقعي عن سورية، من خلال اللاجئين الموجودين في أوروبا، بوساطة شهاداتهم الحية ومشاهداتهم، وربما يمكن بذلك دفع الإعلام في هذه الدول إلى خطابٍ يساعد فعلًا على خلق حالة ضغط على مؤسسات صنع القرار”.

أضاف النحال، وهو عضو تنسيقية الثورة السورية في فرانكفورت، أن “من المبكر الحديث عن مدى تأثير اللاجئين السوريين في الدول الأوروبية على المجتمعات الجديدة، بخصوص نقل قضيتهم وحشد الدعم والمناصرة لها، إلا أننا ماضون في هذا الطريق، وسنعمل بكل ما لدينا من أدوات وإمكانات للوصول إلى هذا الهدف، وهذه الحملة خطوة في الاتجاه الصحيح، وينبغي تطويرها والبناء عليها”.

في حين قالت أنصار هيفي، مؤسسة (تبني ثورة) الألمانية، لـ (جيرون): “هذه الحملات والفاعليات مهمة على أكثر من مستوى، وتبدو أهميتها أولًا في قدرتها على بناء جسور تواصل بين السوريين في الداخل وأقرانهم في المنافي، وكذلك لما تمنحه للموجودين في المجتمعات الأوروبية من إحساس بالمشاركة، ونقلهم من مربع الكآبة والشعور بعدم الجدوى وفقدان معنى الحياة، إلى دائرة الفعل والتأثير”.

ورأت أن “على السوريين في أوروبا ألا يكتفوا فقط بالتظاهرات ورفع اللافتات، ولا بد من تطوير آليات عملهم بما يتناسب مع المجتمعات التي يعيشون فيها، وأعتقد أنه لا بد من البدء في بناء شراكات واسعة مع المجتمع المدني الأوروبي، لنقله من حيز البحث عن حلول لمشكلات اللاجئين ومساعدتهم، إلى تشكيل حالة رأي عام ضاغط، يناصر القضية السورية ذات المطالب السياسية أولًا”. ولفتت النظر إلى أن “ذلك متاح جدًا، لكنه يتطلب البحث عن أدوات وطرق تفكير مبتكرة، تستطيع التأثير في أنماط وآليات تفكير المجتمع الجديد، وربما تكون هذه المهمة والمسؤولية الأولى على عاتق اللاجئين في الخارج؛ إن أرادوا فعلًا مساعدة السوريين في الداخل”.

شددت أنصار على أن “من الأفضل ألا يظل اللاجئون، في فاعلياتهم من أجل نصرة قضيتهم، يركزون على المأساة والمجازر، لأن الثورة ليست كلها كذلك، بل إن المجازر كانت رد النظام على الثورة، ومن هنا أعتقد أن من الأهمية بمكان تسليط الضوء بشكل أكبر على الجوانب المشرقة في الملحمة السورية، على الرغم من كل ما تعانيه، بخاصة ما يفعله الشباب المناضلون في الداخل، وقد استطاعوا بإمكاناتهم المحدودة أن يكرسوا حالة رائعة وفعالة من المقاومة السلمية والشعبية، بمعنى آخر: الانتقال من أسئلة الماضي، إلى الأسئلة المتعلقة بالمستقبل وحشد الدعم الأوروبي، لمناصرة مستقبل السوريين الطامحين إلى الحرية ودولة العدالة والمواطنة”.

شهد الداخل السوري أيَضًا تظاهرات حاشدة، استجابة لحملة (يوم الغضب)، حيث عمت الاحتجاجات السلمية أرياف دمشق وحلب، إضافةً إلى مدينة إدلب وضواحيها، ومعظم المدن والبلدات الخارجة عن سيطرة النظام؛ الأمر الذي كان كفيلًا بدحض كافة ادعاءات الأخير بأن المدنيين في المناطق (المحررة) مجرد رهائن للتنظيمات الإرهابية.

في هذا الصدد، قال الناشط عبد الملك عبود من الغوطة الشرقية لـ (جيرون): “أعتقد أن أبرز آثار هذه الحملات، على مستوى الداخل، أنها تعيد الشرعية إلى النضال السلمي، وتظهر مدى قدرة الشارع السوري على التعبير عن رأيه، ومن جهة أخرى تساعد على زيادة التماسك الاجتماعي داخل الحاضنة الشعبية للثورة، بعد ما أصابها من تقسيم وتشتت، بفعل ممارسات الفصائل العسكرية وصراعاتها البينية، إلى جانب أنها توجه رسالة واضحة للعالم أجمع، بأنه مع كل صنوف الإجرام الممارس من النظام، ومع كل محاولات المجتمع الدولي لإعادة تأهيل الأخير، فإن الثورة مستمرة حتى إسقاط نظام الإرهاب في دمشق، بكافة رموزه”.

كان ناشطون سوريون قد أطلقوا، في أيلول/ سبتمبر، وسمًا على وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان (يوم الغضب السوري)، في محاولة لإعادة الألق للقضية السورية وحشد الملايين من الأحرار والمدافعين عن العدالة الإنسانية في يوم واحد؛ كمسعى لإيصال رسالة تؤكد ضرورة محاسبة نظام الأسد ومن يسانده من ميليشيات أجنبية ترعاها طهران، على ما ارتكبوه من جرائم ضد الإنسانية في سورية.


جيرون


المصدر
جيرون