تحديات تواجه الاستثمارات السورية في تركيا



استطاع السوريون، في أثناء وجودهم في تركيا، طوال السنوات الست الماضية، أن يغيروا المفهوم الشائع حول اللجوء. حيث استطاعوا أن يساهموا في تحقيق نمو اقتصادي لأنفسهم وللمجتمع المضيف لهم.

أنشأ السوريون مشاريع، معظمها متوسطة وصغيرة (كالمطاعم والمخابز والمخازن الصغيرة التي تختص ببيع المنتجات السورية) وقد ساهمت هذه المشاريع بدورها في خلق فرص عملٍ جعلهم يستقلون ماديًا، ولا يعتمدون على ما تقدمه المنظمات الدولية والتركية من مساعدات فحسب.

وعلى الرغم من أن العدد الإجمالي للشركات السورية في تركيا يقدّر بأكثر من عشرة آلاف، بما فيها المشاريع غير الرسمية وغير المسجلة، بحسب بيانات المنتدى الاقتصادي السوري، إلا أنه ما زالت هناك بعض التحديات والمعوقات التي تواجه المستثمرين السوريين في تركيا. وبهدف زيادة فاعلية ونجاح المشاريع السورية وتلافي العقبات التي تحول دون ذلك؛ قامت منظمة building markets ومقرها مدينة نيويورك، بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي السوري في تركيا، بإعداد دراسة ميدانية، تناولت أهم الإيجابيات التي يخلقها سيدات ورجال الأعمال السوريين في تركيا، والصعوبات التي تواجههم في ممارسة أعمالهم، وأهم التوصيات لتطوير هذه الأعمال ودمجها في المجتمع.

الباحث ملهم الجزماتي، من المنتدى الاقتصادي السوري، تحدث لـ (جيرون) قائلًا: “بعد انتهاء مشروع (رخصتي) والذي كان يهدف إلى تسجيل النقاط التجارية السورية غير المرخصة، في غرف التجارة والصناعة، وقد بلغ عددها 217 نقطة تجارية سورية، بدأنا بالخطوة التالية، وهي دراسة احتياجات الشركات السورية والصعوبات التي تواجه المستثمر السوري”، وتابع: “بعد ذلك، قام المنتدى الاقتصادي السوري، بالتعاون مع منظمة building markets، بإجراء بحث ميداني في مدينتي غازي عينتاب وإسطنبول، شمل 2300 شركة تجارية مسجلة في إحدى غرف التجارة أو الصناعة في تركيا، للوقوف على التحديات التي تواجه هذه الشركات، واستغرق البحث أربعة أشهر”.

أبرز هذه التحديات، بحسب التقرير الذي أعدته منظمة building markets في نهاية الدراسة، هي:

1- 40 في المئة من المشاريع السورية الصغيرة والمتوسطة، اعتبرت أن اللغة هي العائق الأكبر الذي يواجه أعمالهم.

2- أفاد  73 في المئة منهم أنهم لا يُقْدِمون حاليًا على فرص شراء. ولكن 43 في المئة ذكروا أنهم يبحثون أو مهتمون بالبحث عن فرص شراء، لتوسيع أعمالهم.

3- يتوقع أصحاب المشاريع السورية الحاجة إلى رأس مال بمبلغ نحو 300 ألف دولار أمريكي وسطيًا، خلال الـ 12 شهرًا المقبلة. كما أن 22 في المئة من المشاريع تحتاج إلى استثمار 500 ألف إلى 7 ملايين دولار أمريكي.

4- عبّر أصحاب الأعمال السوريين عن حاجتهم الملحة إلى التدريب في مجالات التسويق، وخدمة العملاء، وقوانين الاستيراد والتصدير، وفن الإدارة.

لفت الجزماتي إلى أن المنتدى الاقتصادي السوري رفع هذه المعوقات إلى هيئة تنشيط الاستثمار التابعة لرئاسة الحكومة التركية. وأضاف: “نعمل حاليًا على تحديث بيانات الشركات التي شملتها الدراسة الميدانية؛ لكي يتم توسيع قواعد بياناتها. ولاحقًا سنقوم بتحديد أهم البرامج التي يُمكن أن تستفيد منها هذه الشركات ومحاولة تقديمها لهم. إضافة إلى إنشاء دليل للشركات السورية الصغيرة والمتوسطة، لإبراز أكبر مجموعة ممكنة من الكيانات التي تستطيع تنفيذ البرامج وتقديم السلع والخدمات”.

وبناء على ما سبق من النتائج؛ وضعت منظمة building markets بعض التوصيات التي من شأنها تحسين فرص عمل المستثمرين السوريين:

1- تخفيف الأعباء التنظيمية وتحسين بيئة العمل والتقليل من الشكوك، بالنسبة إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة السورية، من أجل تشجيع الطابع الرسمي لأعمالهم. كما أوصت المنظمة بتعزيز الصادرات، وخلق فرص عمل، وإتاحة الفرصة لرجال الأعمال السوريين في نشر رأسمالهم في تركيا، والاحتفاظ به.

2- تعزيز دمج الأعمال السورية في الاقتصاد التركي، من خلال التخفيف من حاجز اللغة والتشجيع على الحوار، والإرشاد والشراكة.

3- نقل ونشر قصص نجاح المشاريع السورية ومساهماتها في الاقتصاد التركي. وتطوير برامج التدريب التي تتناسب مع احتياجات نمو المشاريع السورية، وإتاحتها باللغتين التركية والعربية.

4- تسهيل العلاقات بين المشاريع الصغيرة والمتوسطة السورية والمشترين، من خلال ترجمة العروض وجعلها سهلة المنال، ووضع سياسات مشتريات شاملة. كذلك زيادة فرص الوصول إلى رؤوس الأموال والاستثمار، من خلال الوصول إلى بيانات أفضل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة السورية، ومن خلال جذب رأس المال السوري في المنطقة، عبر أنشطة تدعم الاستثمار.

لفت التقرير إلى “المساهمات والفرص التي قدّمها المستثمرون السوريون، فهم يوظفون 9.4 من مجموع السوريين في تركيا. كما بلغ متوسط الإيرادات السنوية 463.201 دولار أمريكي. وتهيمن تجارة الجملة والتجزئة (39 في المئة) على توزيع القطاع الخاص بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، تليها الصناعات التحويلية (19%)، بعدها تأتي خدمات الطعام والمطاعم (10%). كما يستعد السوريون في عام 2017 لإقامة أكثر من 2000 شرکة جديدة إضافية في تركيا، برأسمال سوري يبلغ نحو 90 ملیون دولار”.

جدير بالذكر أن building markets منفذة الدراسة هي منظمة غير ربحية، تعمل على خلق فرص عمل، وتشجع النمو الاقتصادي في البلدان المتضررة من الأزمات، من خلال إتاحة فرص تجارية جديدة للمشاريع الصغيرة، ومتوسطة الحجم المحلية.


نسرين أنابلي


المصدر
جيرون