on
كومرسانت : حكاية خطيرة للغاية دونالد ترامب يسمي العدو الرئيسي داخل إيران
كشف رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب الستارَ عن الاستراتيجية الجديدة، تجاه إيران التي ثبتت نفسها منافسًا رئيسيًا لواشنطن في الشرق الأوسط. وجّه سيد البيت الأبيض بفرض عقوباتٍ على فيلق حراس الثورة الإسلامية -التشكيل العسكري السياسي النافذ في إيران- وانتقد الاتفاق المشترك الشامل الموقع عام 2015 بشأن برنامج إيران النووي. كما أعطى ترامب تعليماته لدراسة إمكانية تعديل الاتفاق، وأضاف: يمكن أن يقوم الجانب الأميركي بإلغاء هذا الاتفاق في أي لحظة. وبحسب معلومات (كومرسانت)، حاولت روسيا وبقية أعضاء “السداسية” إقناع البيت الأبيض، بأن التخلي عن اتفاق عام 2015 هو إجراءٌ غير ملائم. في الوقت نفسه، فإن الإجراءات العقابية التي أعلنها دونالد ترامب كانت كافيةً؛ لتصدر عن إيران ردة فعلٍ قاسية.
البحث عن نقاطٍ حرجة
يتوجب على رئيس الولايات المتحدة الأميركية إبلاغ الكونغرس كل 90 يومًا، بتنفيذ إيران شروط الاتفاق الدولي لعام 2015 الذي يعني تخلي إيران عن برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها. قام الرئيس دونالد ترامب بذلك مرتين فقط، ولكن الوضع في واشنطن أصبح مختلفًا يوم الجمعة؛ إذ تحدثت وسائل الإعلام الأميركية مسبقًا عن أن الرئيس، إن لم يأمر بالخروج من الصفقة؛ فإنه على الأقل سيوجه إلى إيران انتقاداتٍ قاسية، وسيهددها بغرض إجراءاتٍ صارمة.
وهذا ما حدث. مساء يوم الجمعة، قال دونالد ترامب: إن طهران هي “الراعي الأكبر للإرهاب، وإنها تستمر بدعم تنظيم (القاعدة)، حركة (طالبان)، (حزب الله)، حركة (حماس)، وغيرها من التنظيمات الإرهابية”. ورأى الرئيس أن الإيرانيين “يزرعون في العالم كله الموت، الخراب والفوضى”. وكمثالٍ على تصرفات إيران، أشار دونالد ترامب إلى تدخل طهران والهياكل المرتبطة بها، في النزاعات والحروب في العراق، سورية، اليمن وأفغانستان.
كما أعاد ترامب على الذاكرة قضية احتجاز الأميركيين في طهران، أعوام 1979- 1981، والهجمات التي تعرض لها الأميركيون في بيروت عام 1983، وكذلك محاولة اغتيال السفير السعودي لدى واشنطن (وزير الخارجية السعودي حاليًا) عادل الجبير، عندما كان يُعدّ لتفجير المطعم الفاخر الذي اعتاد الدبلوماسي السعودي التردد عليه باستمرار. وجاء في بيان البيت الأبيض، الذي وزع قبل ساعاتٍ على خطاب ترامب: “لولا العمل الاستثنائي لأجهزة الاستخبارات الأميركية؛ لكان الحرس الثوري الإيراني قد نجح في ارتكاب اعتداءٍ إرهابي ضد السفير السعودي، ولفَقَد العديد من رواد المطعم الأبرياء حياتهم”. وقد نفت السلطات الإيرانية مرارًا أي ضلوعٍ لها في الحادثة.
تعرض فيلق حراس الثورة الإسلامي (الحرس الثوري الإيراني) -وهو تشكيل عسكري اقتصادي نافذ في إيران- لانتقادٍ خاص من واشنطن. وقد تضمنت ورقة البيت الأبيض وعودًا بـ “العمل على عدم السماح بتمويل الأنشطة الشريرة للنظام الإيراني، وبخاصة الحرس الثوري”، الذي ينهب الشعب الإيراني، ويهيمن على جزءٍ مهمّ من اقتصاد البلاد، وينتهك بشدةٍ حقوق الإنسان.
أدرجت وزارة الخزانة الأميركية (الحرس الثوري) الإيراني على لائحة التنظيمات الإرهابية العالمية. وأوضح وزير الخزانة ستيفن منوتشين أن الحرس “أدّى دورًا مركزيًا في تحويل إيران إلى دولةٍ راعيةٍ للإرهاب في العالم”.
أما بالنسبة إلى الصفقة، فقد قال ترامب عنها: “إنها واحدةٌ من أسوأ الاتفاقات التي شاركت فيها الولايات المتحدة الأميركية على مر تاريخها”. برأي الرئيس الأميركي، أن إيران لا تلتزم بروح الاتفاقية، وأنها قد خرقت بنودها عدة مراتٍ. كما قال: بعد عدة سنوات، وبعد انتهاء القيود الرئيسية في إطار الصفقة؛ سيكون بإمكان إيران “الوصول إلى السلاح النووي”. في الوقت نفسه، وكما أشار الرئيس الأميركي، فإن صفقة عام 2015 أنقذت القيادة الإيرانية من انهيارٍ وشيك، “لأنها منحت الديكتاتورية دعمًا سياسيًا واقتصاديًا”.
لم يعلن السيد ترامب الخروجَ من الاتفاقية، ولكنه حذر من أن هذه الخطوة قد تُتخذ في أي وقت. مستندًا إلى المشكلة الكورية، قال ترامب: “كلما تمادينا في تجاهل الخطر؛ ازداد الوضع سوءًا”. في الوقت الحاضر، أعطى رئيس الولايات المتحدة الأميركية تعليمات لإدارته، عبر التعاون الوثيق مع الكونغرس والحلفاء، بدراسة إمكانية إدخال تعديلاتٍ على الصفقة النووية مع إيران. وكما أوضح وزير الخارجية الأميركية بيكس تيليرسون، قد يدور الحديث حول إضافة فقراتٍ إلى الاتفاق “نقاط حرجة مهمة”، إذا تجاوزها الإيرانيون؛ فإن عقوباتٍ جديدة ستفرض عليهم، بشكلٍ أوتوماتيكي.
إضافة إلى ذلك، وإلى ما أوضحه تيليرسون، تريد واشنطن تحفيز أعضاء السداسية الوسطاء وإيران؛ للبدء بمفاوضاتٍ حول اتفاقٍ جديدٍ، يحل مكان الاتفاق الحالي عندما تنتهي مدته. ولكن هذه الفكرة لم يناقشها ممثلو إدارة ترامب بعد، إلا مع حلفاء الولايات المتحدة، ولم تطرح على إيران حتى اللحظة.
نتائج سلبية للغاية
حتى قبل خطاب الرئيس الأميركي، كانت سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه إيران تثير ردات فعلٍ سلبية واضحة، من جانب المشاركين الآخرين في الصفقة النووية الإيرانية. وفي هذا الصدد، صرح رئيس المكتب الإعلامي لرئيس روسيا الاتحادية ديمتري بيسكوف، محذرًا من خطر “نتائج سلبية للغاية”، بالقول: “مثل هذه التصرفات ستسبب بالتأكيد ضررًا بأجواء الأمن، الاستقرار، الحد من انتشار السلاح النووي في العالم، نتيجة عدم قدرة الآخرين على التنبؤ بالمواقف”. قال مصدر دبلوماسي مطلعٍ لصحيفة (كومرسانت): إن روسيا -مع بقية الدول أعضاء السداسية الوسطاء الدوليين- حاولت إقناع الولايات المتحدة الأميركية بعدم التخلي عن الاتفاقات، بشأن برنامج إيران النووي. وكانت آخر محاولات أطراف الاتفاق قد جرت في 20 أيلول/ سبتمبر في نيويورك، خلال لقاء السداسية وإيران، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان يمثل روسيا في اللقاء وزير الخارجية سيرغي لافروف. وكذلك شارك في اللقاء مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوربي فيديريكا موغريني. وبحسب المصدر، قام المدير العام لوكالة الطاقة الذرية يوكيا أمانو باستعراض آخر تقريرٍ صادر عن المنظمة، والذي يؤكد “التزام إيران الصارم بكافة التزاماتها الواردة في الاتفاق”. وكان جوهر كلمات ممثلي كلّ من روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، الاتحاد الأوروبي وإيران يؤدي إلى خلاصة واحدة: الاتفاق النووي الإيراني هو إنجازٌ قيمٌ للمجتمع الدولي، وقد عمل الوسطاء أعوامًا طويلة للتوصل إليه، ويجب أن يتم تنفيذه ولا داعي للمساس به.
بحسب مصدر الصحيفة، فإن وزير الخارجية الأميركي تيليرسون الذي كان آخر المتحدثين، لم يدخل في جدلٍ حول تنفيذ إيران لشروط الاتفاق. ويقول المصدر: “وزير الخارجية الأميركية أفهمَ الجميع أنه ليس هناك معنًى للحديث بشأن تفاصيل تطبيق الاتفاق، لأن الصفقة بشكلٍ عام لا تعجب الإدارة الأميركية الحالية. كان كرجل الكوبوي الذي جاء ليطلق الرصاص في متحف الأواني الخزفية. وما باليد حيلة لفعل شيء”. اعترف بيكس تيليرسون بأن إيران تنفذ “تقنيًا” جميع شروط الصفقة، ولكن يبقى العديد من الأمور المقلقة. على سبيل المثال، تلك المتعلقة بوصول المفتشين إلى بعض المواقع النووية الإيرانية.
في الوقت نفسه، فإن العديد من كبار موظفي إدارة رئيس الولايات المتحدة الأميركية الـ 44 باراك أوباما -أحد أهم أنصار الصفقة مع إيران- يعربون عن رأيهم بصراحة أكبر. فمثلًا، في مقالةٍ في صحيفة (نيويورك تايمز)، حذرت النائب الأول السابق لوزير الخارجية الأميركية وكبير مندوبي واشنطن إلى مفاوضات “السداسية” إيندي شيرمان، من أنّ “عدم رغبة الرئيس في الاعتراف بالحقيقة بشأن الاتفاق مع إيران، بأن الاتفاقية تعمل وتصب في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية؛ سيكون له نتائج سيئةٍ بعيدة الأثر”. ويتفق مع السيدة شيرمان الرئيس السابق لقسم التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأميركية جيمس كاليفان الذي حذر قائلًا: دونالد ترامب “يلعب بالنار”.
أوضح الجانب الإيراني، بجلاء، أن ردة فعله على سياسة واشنطن الجديدة ستكون قاسية. فقد أعلن رئيس البرلمان الإيراني الموجود في سانت بيتربورغ علي لاريجاني: “القيادة الجديدة في أميركا انتهكت العديد من بنود الاتفاق النووي. تنظر الولايات المتحدة الأميركية إلى الاتفاقات الدولية، وكأنها لعبة”. واتهم واشنطن بالعبث مع الإرهابيين، وهددها بـ “جوابٍ حاسمٍ وواضح”.
وكان قائد (الحرس الثوري) الإيراني الجنرال محمد علي الجعفري قد صرح بأن قيادة الجرس سترد بشكلٍ مناسب، على خطوات الولايات المتحدة الأميركية، وستتعامل مع العسكريين الأميركيين (خاصةً في منطقة الشرق الأوسط) كإرهابيين. عدا ذلك، بحسب كلماته، سيكون على الولايات المتحدة الأميركية إبعاد قواعدها العسكرية إلى مسافة 2000 كم بعيدًا من الأراضي الإيرانية.
لم يذكر لاريجاني الكيفية التي ستتصرف بها إيران. في الوقت نفسه، صرح مدير مركز دراسة إيران الحديثة رجب سافاروف، المقرب من القيادة الإيرانية، لوكالة (إنترفاكس): “تأخذ إيران مصالح الولايات المتحدة الأميركية وشركائها في المنطقة بشكلٍ ما، وخاصة في سورية. إذا اتخذت واشنطن قرارًا قاسيًا باتجاه المواجهة؛ فإن يد الإيرانيين ستطلق وستعتبر طهران أنه من المبرر لها إعداد استراتيجيتها الخاصة للتصرف، في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، بشكلٍ عام. ومن المنطقي الافتراض أن الموقف الإيراني سيكون صلبًا وعنيدًا؛ ما يعني استعدادها لمواجهة سياسية، وعسكرية أيضًا.
اسم المقالة الأصلية Очень стражная история:Дональд Трамп объявил главного врага внутри Ирана كاتب المقالة بافل تاراسينكا، إيلينا تشيرنينكو مكان وتاريخ النشر صحيفة كومرسانت . 14 تشرين أول 2017 رابط المقالة https://www.kommersant.ru/doc/3439897
ترجمة سمير رمان
سمير رمان
المصدر
جيرون