واشنطن لن تدعم مشروع (قسد) في الرقة: تخلٍ عن الحلفاء أم مناورة؟



قال مسؤول أميركي: إن “واشنطن لا يمكن أن تدعم مشروعًا سياسيًا لحزب الاتحاد الديمقراطي وذراعه العسكرية (قسد)، للتوسع في الرقة وعموم تلك المنطقة من البلاد”، مضيفًا أن “بلاده لن تدعم مشروع (قسد) وحزب صالح مسلم، في إدارة تتمتع بالحكم الذاتي”، وفق ما نقلت وكالة (رويترز).

جاءت التصريحات الأميركية، بعد ساعات من “تحرير” مدينة الرقة شمال شرق البلاد من تنظيم (داعش)، ودخول مقاتلي (قسد) المدعومة أميركيًا إلى مركز المدينة؛ الأمر الذي أثار تساؤلات عديدة عن مستقبل المدينة ذات الغالبية العربية، وعن شكل الحكم فيها على المدى القصير والبعيد، في ظل سلطة الأمر الواقع التي تجسدها القوى العسكرية في داخلها حاليًا.

في هذا الشأن، قال أحمد رمضان رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف المعارض لـ (جيرون): “طوال الفترة الماضية كان هناك تواصل بين الائتلاف والأميركيين والأوروبيين، لبحث مستقبل الرقة بعد (داعش)، واتفق على عقد مؤتمر بهذا الخصوص في مدينة إسطنبول، نهاية تشرين أول/ أكتوبر الحالي، سيجمع مندوبين عن واشنطن والاتحاد الأوروبي مع ممثلين عن الائتلاف والمجلس المحلي المنتخب لمدينة الرقة”.

أضاف رمضان أن “لدى (قسد) مجلسًا شكلته على مقاسها، ويضم بعض الممثلين عن العشائر العربية، ولذلك نحن اقترحنا تشكيل إدارة مؤقتة يتبعها انتخابات محلية خلال بضعة أشهر، تمكن أهل الرقة من اختيار من يحكمهم بأنفسهم؛ وبالتالي إبعاد (قسد)، لأنه لا يوجد أي مبرر لها للبقاء في الرقة، وأعتقد أن الأميركيين ضمن مزاج أن الرقة ليست جزءًا من مشروع أو طموحات (قسد)”.

المسؤول الأميركي تطرق في تصريحاته التي نقلتها وكالة (رويترز) إلى أن “واشنطن لن تدعم العملية التعليمية في الرقة؛ إلا إذا تبنّت شكلًا من أشكال المناهج المعتمدة في الدولة السورية”، مشددًا على أن الولايات المتحدة “لن تدعم كيانًا انفصاليًا، وهذا أمر محسوم”، على حد تعبيره.

أطراف في المعارضة السورية رأت أن هذا التصريح يحمل أبعادًا سياسية، تشير إلى احتمال قبول الأميركيين بعودة النظام السوري إلى حكم الرقة، وإن بشكل مشترك مع (قسد)، في إطار عملية إعادة تأهيل وتعويم نظام الأسد.

من جهته، نفى رمضان ذلك وقال: “لا أعتقد أن للتصريح دلالة سياسية وفق ذلك المعنى، بقدر ما يحمل إشارة إلى أن واشنطن لن تقبل بشكل حكم تفرضه (قسد) على الرقة، خاصةً أن الأميركيين يؤكدون أنهم يدعمون مؤسسات قادرة على تشكيل نواة دولة، و(قسد) بعيدة تمامًا عن ذلك، بل تسعى إلى دولة بديلة عن الدولة السورية، ومنفصلة عنها تمامًا، سواء على مستوى التعليم أو الإدارة أو الخدمات”.

وتابع: إن “الائتلاف ومؤسساته لن تسمح -بأي حال من الأحوال- بأن تتحكم (قسد) بمستقبل الرقة”، لافتًا إلى أن هناك مساعي كبيرة “لأن تكون الرقة ضمن نطاق سلطة الحكومة السورية المؤقتة”، مشيرًا إلى أنه “لن يتم الاعتراف بأي إدارة يفرضها أي طرف على أهالي المدينة”.

قال مصدر خاص لـ (جيرون): إن “تصريحات المسؤول الأميركي ليست أكثر من مناورة، هدفها طمأنة العرب في الرقة، وحثهم على الدخول في مشروع حكم محلي مشترك مع (قسد)”. مضيفًا “واشنطن هي الداعم الأبرز لـ (قسد)، والأخيرة أحد أعمدة السياسة الأميركية في المنطقة، وهذا موضوع استراتيجي للولايات المتحدة، خاصة في ظل التنافس مع موسكو وبحث كلا الطرفين عن أدوات لتنفيذ مشاريعهم على الأرض، من هنا أعتقد أن الأميركيين يسعون إلى دفع العشائر العربية للدخول في عملية مشتركة مع (قسد)، تكون الأخيرة هي المتحكمة فيها بكل شيء، والعرب مجرد أدوات تنفيذية”.

لفت مصدر (جيرون) إلى أنه “رغم التصعيد الروسي مؤخرًا ضد واشنطن إعلاميًا خاصةً من جهة ما حدث في الرقة، إلا أن موسكو لن يكون لها أي دور في تحديد مستقبل المدينة، لأنها مشغولة بترتيبات تقاسم النفوذ في دير الزور وما حولها، ولذلك لن تسعى لإثارة أي مشكلات في الرقة، قد تعوق تفاهماتها مع واشنطن بخصوص المنطقة الأهم لها، وهي دير الزور ومحيطها”.

بدوره، قال بسام القوتلي عضو في مجموعة العمل من أجل سورية، في حديث لـ (جيرون): “لا يمكن فهم التصريحات الأميركية إلا أنها محاولة للهروب إلى الأمام، تجاه الواقع الذي خلقته هي. بمعنى: لا حاجة أن تذهب واشنطن بعيدًا في دعم مشروع انفصالي لـ (قسد)، لأنها هي من أوجدت هذا الواقع، و(قسد) عمليًا تسيطر على مناطق كثيرة ليست ذات غالبية كردية”.

وعبر عن اعتقاده بأن “الأميركيين سيذهبون إلى محاولة خلق مشروع إدارة مشتركة، بين (قسد) والعرب، تتحكم (قسد) بسياسته ومرجعيته الأمنية والإدارية، ولكن هنا تجدر الإشارة إلى أن ذلك سيرتبط أيضًا بمدى قدرة الأطراف الأخرى على الدخول في مثل مشروع كهذا، ومدى قدرة الأميركيين على إقناعهم في ذلك”. (م.ش).


جيرون


المصدر
جيرون