هل ستعود الثورة السورية سلمية كما بدأت؟



هناك الكثير ممّن يعتقد، في هذه الأيام، أن الثورة السورية ستعود سلمية كما بدأت. ولعل الشارع السوري الذي يقتنص فرصة التهدئة في مناطق واتفاقات خفض التصعيد، ليخرج في تظاهرات عارمة، يؤكد بشكل ملموس أهمية عودة الثورة إلى سلميتها التي كانت عليها في 2011.

لسان حال المواطن السوري الذي يصبو إلى الحرية يقول (أشعر بالثورة وكأنها ستعود قريبًا، كما بدأت سلمية ونقية وبنضج أكبر)، وهذا نتيجة طبيعية (كما يرى المتابعون والمحللون)، لحالة الفوات الكبرى التي وصلت إليها الثورة السورية، بعد أن ظن كثيرون أن سقوط بشار الأسد ونظامه، بات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار.

(جيرون) استطلعت بعض الآراء لسياسيين ونقابيين وناشطين، وسألتهم عن إمكانية استغلال مناطق خفض التصعيد، لإعادة الصوت المدني إلى الثورة السورية، وهل يمكن أن يؤثر هذا الحراك (في حال كان ممكنًا) في الرأي العام الدولي وسط كل هذه التجاذبات الدولية والإقليمية؟

منصور الأتاسي رئيس حزب اليسار الديمقراطي المعارض أكد لـ (جيرون) أن “الثورة ستكون قادرة؛ إذا استفادت تنظيماتها المختلفة من مجمل الأخطاء التي أدت إلى زيادة عدد الشهداء في سورية، واتفقت مجموعات الثورة على مقاومة كافة أشكال التطرف وعقلية الهيمنة التي سادت -وما تزال- في التجمعات الرئيسية مثل الائتلاف وغيره، وإذا اتفقنا جميعنا -المعارضة السورية- على رفض التبعية للخارج، والعمل بشكل يخدم الثورة السورية، ويحقق مطالب الشعب السوري في الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية بعد إسقاط النظام”. وأضاف قائلًا: “ما نلاحظه حتى الآن هو استمرارٌ للصراعات بين قوى الثورة العسكرية والسياسية وغيرها، وزيادة في تبعية العديد من التجمعات للمحتل الروسي واندفاعهم للتقارب معه ليحصلوا على حصة من الكعكة، وتخلٍّ من أقرب أصدقاء الثورة عنها، واستمرار النشاطات المحلية المعادية للاستبداد والهيمنة دون أي تنسيق بينها، كل هذه المعوقات لا تسمح بالاستفادة أو باستغلال مناطق خفض التوتر لتحريك نشاطات شعبية جماهيرية، تهدف إلى إعادة الثورة إلى طبيعتها السلمية والديمقراطية، وهي ممكنة كما ذكرت، بعد قرار خفض التوتر ووقف قتل الشعب السوري. والعامل الذاتي الذي ذكرته يعوق الاستفادة الكاملة من الواقع الجديد، ونحن متأكدون أنه إذا توحدت قوى الثورة، وعادت للتفاعل مع جماهيرها، ومنعت الخطاب الديني الطائفي والقومي، وأقامت قياداتها علاقة مع الشعوب الأوروبية، وتعابيرها السياسية والنقابية، بدلًا من الحكومات؛ فإن واقعًا جديدًا سيتحقق ويفرض نفسه على مجمل التطورات اللاحقة في سورية”.

حازم لطفي، معاون وزير الإدارة المحلية السابق في الحكومة المؤقتة، قال لـ (جيرون): “نعم. أرى أن الأمر ممكن، وضروري أيضًا. استثمار مناطق خفض التوتر، لبناء تجربة مدنية ناجحة والاستمرار بالحراك المدني السلمي لإيصال الصوت، وإبقاء شعلة الثورة، أمرٌ بغاية الأهمية”.

أما غزوان قرنفل، رئيس تجمع المحامين السوريين، فله رأي آخر، لا يبدو أنه متفائل بهذا المنحى حيث قال لـ (جيرون): “لا أشارك هؤلاء مساحات تفاؤلهم، المجتمع تشظَّى وأُنهك، وطبيعة الصراع الذي انحدر كثيرًا لم يعد يوفر مساحات وروابط جامعة لقوى المجتمع السوري، والأدوات العسكرية تحولت إلى ميليشيات، وأمراء حرب، والحامل الاجتماعي للنضال السلمي لم يعد متوفرًا، لذلك لا أعتقد أنه يمكن للثورة أن تعود سيرتها الأولى مع الأسف”.


أحمد مظهر سعدو


المصدر
جيرون