“إسرائيل” تصعد ضد إيران.. ضربة “استباقية” أحد الخيارات



تزايدت في الأيام الأخيرة حدة التصعيد العسكري والسياسي والإعلامي الإسرائيلي ضد الوجود الإيراني في المنطقة الجنوبية من سورية، ليبلغ درجة غير مسبوقة مع زيارة وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو إلى “إسرائيل”، حيث تم إبلاغه العمل على توسيع الحزام الأمني المحاذي للحدود مع الجولان السوري المحتل، بحيث يُحظر على الميليشيات الإيرانية، بما فيها ميليشيا “حزب الله” وغيرها، من الانتشار فيها. تزامن ذلك مع إطلاق صاروخ سوري على طائرة إسرائيلية فوق الأجواء اللبنانية، تبعه رد إسرائيلي بالنيران على مصدره، كما قصف الجيش الإسرائيلي، يوم أمس الجمعة، موقعًا في منطقة الحزام المقترحة.

يعتقد مراقبون أن الانكفاء الإسرائيلي عن التدخل مباشرة في القضية السورية منذ سبع سنوات انتهى، وذلك بعد انخراط “إسرائيل” بشكل مباشر في الصراع ضد إيران وميليشياتها الموجودة في سورية. ويرون أن هذا الانخراط الإسرائيلي غير المسبوق، والمترافق مع الاستراتيجية الجديدة التي أعلنتها واشنطن ضد إيران، يعني أن “الصراع” في سورية وعليها سيدخل مرحلة جديدة، قد تنتهي بالقضاء على “حزب الله”، وهذا ما صرح به مسؤولون إسرائيليون، قائلين إن الصراع قد ينتهي بضربة استباقية لمواقع عسكرية في العمق الإيراني.

بسام العمادي، السفير السوري السابق في السويد، قال لـ (جيرون): إن “الكثير من المعطيات تقول أن لدى (إسرائيل) عملًا تحضّر له”، مشيرًا إلى “ما جرى خلال الأيام الأخيرة من مناورات عسكرية غير مسبوقة من حيث حجمها في الجولان المحتل، ومنع دخول المدنيين إليه، والطلب من قوات (اليونيفيل) في لبنان التجهيز للإخلاء خلال خمس دقائق من الإنذار المسبق وتقليل عدد الإداريين، فضلًا عن التصريحات النارية لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، ورئيس أركانه، حول عدم السماح لإيران بموطئ قدم في سورية، فضلًا عن زيارة وزير دفاع (إسرائيل) لواشنطن قبل أيام، وغير ذلك من الأحداث يشير إلى شيء يجب الانتباه إليه”.

أكد العمادي أن “فتيل الحرب الإسرائيلية في سورية ضد الوجود الإيراني على وشك الاشتعال. إن وجود إيران على حدود الجولان السوري المحتل خطٌّ أحمر، لن تسمح (إسرائيل) بتجاوزه، لأنها لن تقبل أن تكون تحت رحمة الصواريخ الإيرانية”، وأضاف: “التنافس الإيراني الإسرائيلي من أجل السيطرة على المنطقة في أوجه الآن، والخطوط الحمراء ترسم بدقة”.

من جانب آخر، يرى الدكتور خالد الشقران، رئيس مركز الرأي للدراسات الاستراتيجية، أن “موقفًا إسرائيليًا أميركيًا واضحًا وحازمًا يرفض التغلغل الإيراني في المنطقة، ويتم العمل على وقفه”، معتبرًا أن “سياسة الولايات المتحدة في فترة أوباما كانت رخوة فيما يتعلق بالتمدد الإيراني والأطماع الإيرانية في المنطقة”. وأضاف في حديثه مع (جيرون) أن “هذا الأمر يتبدل الآن مع إدارة ترامب التي أعلنت أخيرًا عن استراتيجية حازمة ضد السلوك الإيراني، في ما يتعلق بعدة ملفات، منها الاتفاق النووي وملف الصواريخ الباليستية فضلًا عن وجود ميليشيات إيرانية قادرة على تهديد (إسرائيل) وغير ذلك من القضايا”.

يعتقد الشقران أن “التصريحات التصعيدية التي تُطلق الآن -سواء من الإدارة الأميركية أو (إسرائيل)- بخصوص إيران، ستكون مجرد بداية، وهذه البداية قابلة للمزيد من التصعيد، لكن ليس بالضرورة أن يكون فيها تنفيذ فوري”. ويوضّح: “يمكن أن نشهد خلال الشهور القادمة تصعيدًا أكبر حول إيران، وربما نشهد تغيرًا في الموقف الرسمي الإيراني؛ إيران تبحث عن مصالحها واستقرار نظامها السياسي، ولديها استعداد للتخلي عن الكثير من الملفات في المنطقة للحفاظ على حكم الولي الفقيه”.

يشير الشقران إلى احتمال أن تأخذ هذه المواجهة شكل ضربات استباقية لأهداف عسكرية إيرانية، دون الدخول في حربٍ مباشرة مع إيران، مشيرًا إلى أن “الروس يبحثون عن مصالحهم، وبالتالي سيفعلون كل ما من شأنه الحفاظ على مكتسباتهم ومواقعهم الاستراتيجية التي حققوها، بعد أكثر من عامين على التدخل العسكري المباشر في سورية”. (م.ص).


جيرون


المصدر
جيرون