القناع المأساوي في شعر نوري الجراح



تعمل الباحثة خلود شرف على الانتهاء من بحث بعنوان (القناع المأساوي في شعر نوري الجراح) بعد العام 2011، ضمن إطار الدورة الرابعة من برنامج أبحاث: لتعميق ثقافة المعرفة.

يسلط البحث الضوءَ على انعكاسات المأساة السورية وتجلياتها، في قصائد الشاعر السوري نوري الجراح، والتي كتبها بعد العام 2011، وهو شاعر سوري، مواليد دمشق 1956، صدر له العديد من الدواوين، ترجمت إلى عدة لغات. ويسعى البحث إلى اكتشاف الرمزيات الميثولوجية والدينية والفلسفية الصوفية والأدبية والتاريخية التي جسدتها الأقنعة الشعرية المستخدمة فيها، ومدلولاتها. إضافة إلى استقراء التقنيات الفنية والأسلوبية التي تم توظيفها في بناء القصائد. وذلك بهدف تلمس تأثيرات الأحداث الجارية على نموذج من الشعر السوري المعاصر، من خلال التركيز على موضوع القناع المأساوي واستخداماته في القصائد.

حول الدوافع الشخصية والمهنية خلف اختيار موضوع البحث، تقول خلود: “أتاحت لي مراقبتي لما يجري على الساحة الشعرية في سورية ما بعد 2011، أن أسعى إلى إنجاز دراسة تناقش حضور الأقنعة المأساوية في الشعر، فضلًا عن شغفي بدراسة قصيدة الشعر الحديث، واستقصاء تطوّر حضور التراجيديا فيها، لمعرفة أثر المأساة السورية على اللغة الشعرية. كما لاحظنا أن استخدام القناع الشعري، عند الشاعر نوري الجرّاح [1] يأخذ طابع المأساوية، لذلك ارتأينا اختيار مصطلح الأقنعة المأساوية. أما الدواعي الموضوعيّة فتعود إلى قلة الدراسات التي تنجز عن الشعر الحديث، في هذه المرحلة الخاصة التي تمر بها سورية، وتُعدّ مرحلة تغيير على كافة أصعدة الفنون ولا سيّما الشعر، وهو أمرٌ لم يكن مطروحًا في الشعر الحديث في سورية، باعتبار أن القضية سوريّة بحتة، وهذا ما لم يعتده الشاعر السوريّ من قبل. وهي تعادل القضية الفلسطينيّة التي واكبها الشاعر السوريّ، وبخاصة شعراء السبعينيات الذين يعدّ الجرّاح واحدًا منهم. فهي تستحق الدراسة كوثيقة تاريخية أدبية تابعت المأساة السورية، بتزامن أحداثها لتؤرِّخ للفاجعة”.

خلال إنجاز البحث، اعترضت خلود مجموعة من المعوقات، تمثّل أحدها في “قلّة الدراسات العربية الحديثة في شأن القناع المأساوي، وخاصّة في الشعر الحديث، إضافةً إلى قلة الدراسات التي تُعنى بتجربة نوري الجرّاح الشعرية ما بعد العام 2011، أما العائق الثاني فيتمثل في التعامل مع مقومات التراجيديا والأقنعة ومضمونها مع قصيدة مكثفة وغامضة أحيانًا، يصعب البحث في الأقنعة لشدة تأويل النص ولكثرة إيحاءاته وصعوبة قراءته. كما أنّ ضيق الوقت جعلنا نأخذ عينات دون دراسة كاملة لكافة الأقنعة في القصائد، حيث إن القصائد عند الجرّاح طويلة جدًا، وقد يكون مصدر كامل من كتبه يحتوي على قصيدة واحدة مطوّلة”.

في بحثها تخلص خلود شرف إلى مجموعة من النتائج تلخّص أبرزها، فتقول: “عمل الشاعر نوري الجراح على توثيق المأساة توثيقًا أدبيًا، إنسانيًا، متزامنًا مع أحداثها على أرض الواقع، مستنفرًا كل الظواهر التي يؤمن بها الإنسان، عبر تاريخه إن كانت ميثولوجيّة، أو دينيّة، أو حتى تجارب فلاسفة، وصوفيين، واستنطق الشاعر أرض اليونان بمعظم حضارتها، إضافة إلى الحضارة السوريّة العريقة لتخدم القضية السورية، باعتبار أن ما يحدث لا يُغتفر. واستنفر –أيضًا- الذاكرة الجمعية “للحروب”، ليضع العالم بالصورة القبيحة للجرم الإنساني الحديث.

من جهة أخرى، فإن إعادة تطويع الأقنعة الشعرية، وملامح حضورها ضمن النص الشعري، باعتبارها مرثيات تنقل المشهد المأساويّ في سورية، لتكوين رؤية شاملة عن أنواع الأقنعة ورمزيتها النمطية والحديثة وطريقة تخديمها، أكسبت القصائد أسطورة شخصية جديدة تنطلق من تجربة الشاعر التي تختزل تجربة الإنسانية، باتجاه الألم الكارثي الذي تعيشه سورية، لكنها تخرج من التساؤل الذاتي إلى الألم الجمعي الكونيّ”.

خلود شرف

درست اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة دمشق، كما درست في المعهد الطبي باختصاص مخابر، وعملت في هذا المجال لمدة عشر سنوات، إضافة إلى عملها في المجال الأدبي. هي عضو في رابطة الكتاب السوريين. صدر لها مجموعة شعرية بعنوان (رفات فراشة)، الصادرة عن دار التكوين في دمشق 2016. ترجمت عدة قصائد منه إلى الفرنسية والإيطالية. لها العديد من المشاركات في مهرجانات شعرية، وتكتب مقالات صحفية في مجال الفن التشكيلي والنقد الأدبي، كما لها العديد من القصائد الشعرية المنشورة في مجلات وصحف عدة.


جيرون


المصدر
جيرون