“أنا أيضا” حملة تحطم ثقافة الصمت تجاه التحرش الجنسي بالنساء



كسرت مئات النساء في الدول العربية حاجزَ الصمت، والتكتم على ما يتعرضن له من تحرش جنسي، وذلك إثر انتشار هاشتاغ (#metoo أو #أنا أيضًا)، خلال اليومين الماضيين، على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي العربية والعالمية.

جاء الوسم كجزء من حملة توعية، أطلقتها ناشطة المجتمع المدني تارانا بورك التي تعمل مع النساء غير البيض في نيويورك، ولاقت الحملة شهرة كبيرة، بعد أن استجابت لها الممثلة الأميركية الشهيرة أليسا ميلانو، ودعت كل النساء إلى المشاركة فيها.

انتشر وسم #MeToo، على مستوى العالم، وبلغ عدد الذين يتداولونه على (فيسبوك) نحو سبعة ملايين، وتضمّن مشاركاتٍ وشهاداتٍ لفتيات من حول العالم، تعرضن للتحرش الذي أصبح -بحسب وجهة نظر الكثيرات- سمةً في عموم المجتمعات، وإن اختلفت نسبة جرائم التحرش بين دولة وأخرى.

استطاع الوسم، خلال فترة زمنية قصيرة، أن يجد طريقه إلى مواقع التواصل الاجتماعي العربية، حيث تنتشر ثقافة التحرش انتشارًا كبيرًا بالأنثى التي تُلام حتى بعد تعرضها للتحرش! بينما يبقى الرجل بعيدًا عن تحمّل أي مسؤولية أخلاقية تجاه الجرم الذي ارتكبه هو. إضافة إلى غياب قوانين صارمة ورادعة تعاقب مرتكبي التحرش.

بومزيلي ملامبو المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، استنكرت ما تتعرض له النساء حول العالم من مضايقات جنسية، في أماكن العمل وخارجها، واصفة اللامبالاة تجاه ذلك، بالأمر “غير المقبول”. وفي مقال رأي، حثت ملامبو النساء والرجال على تغيير استجابتهم لأعمال الاعتداء الجنسي، مشيرة إلى ألم وغضب أكثر من مليون امرأة، شاركن قصصهن، خلال الأسبوع الماضي على وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال هاشتاغ (MeToo#) بالعديد من اللغات منها العربية.

من جانب آخر، أشادت صحيفة (الغارديان) البريطانية -في افتتاحيتها- بشجاعة النساء اللواتي سردن آلاف القصص عن حوادث التحرش التي تعرضن لها. لافتةً إلى أن هذا الإقبال الكبير من قبل النساء على البوح بمعاناتهن، يقابله صمت ذكوري مخجل، وكأن كل هذه القصص المحزنة لا يوجد أحد مسؤول عن ارتكابها!

تفاعل عربي

كانت مصر من أكثر الدول التي تفاعلت النساء فيها مع وسم (#أنا أيضًا). حيث ذكرت النساء ما يتعرضن له يوميًا من تحرش، في الشوارع ووسائل النقل وغيرها. ومؤخرًا صنفت مؤسسة (طومسون رويترز) القاهرةَ، (في تقريرٍ رفضته السلطات المصرية) كـ “أخطر” مدينة كبرى في أنحاء العالم، بالنسبة إلى النساء، بناء على النسبة المرتفعة للتحرش الجنسي في مصر، والعادات الثقافية المؤذية مثل (الختان)، وعلى مدى وصولهن إلى مستوى جيد من العناية الصحية والتعليم والدخل.

الدستور المصري ينص على أن الدولة “تلتزم بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف”، وتنصّ المادة 306 مكرر من قانون العقوبات المعدل بالقانون الرقم 93 لعام 1995، على أن “يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنة، وبغرامة لا تقل عن 200 جنيه، ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها، بالقول أو بالفعل، في طريق عام أو مكان مطروق، ويسري حكم الفقرة السابقة، إذا كان خدش الحياء قد وقع عن طريق التليفون أو أي وسيلة من وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية”.

بالنسبة إلى الدول العربية جميعها لا تتوفر إحصاءات في كثيرٍ منها عن حالات التحرش، باستثناء الدراسة التي نشرها مؤخرًا مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام في تونس، وجاء فيها أن أكثر من 50 بالمئة من النساء اللواتي تم الحديث معهن تعرضن للتحرش في أماكن عامة.

ومؤخرًا، أقرّ البرلمان التونسي قانونًا لمكافحة العنف الموجه ضد المرأة ومعاقبة المتحرشين، ينص على منح الضحايا مساعدة قضائية ونفسية، ويلغي بندًا في القانون الجنائي، يُسقط الملاحقة القانونية عن “كل من واقع أنثى من دون عنفٍ، سنها دون خمسة عشر عامًا كاملة”، في حال تزوجها.

في آب/ أغسطس الماضي، انطلقت في لبنان حملة بعنوان (مش بسيطة) تهدف إلى تسليط الضوء على الحاجة إلى تشريعٍ يتناول التحرش الجنسي في لبنان، وإلى تعبئة الرأي العام من أجل المطالبة بإصلاح التشريعات في هذه القضية. ولاقت الحملة تفاعلًا محليًا من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وبدؤوا بمشاركة مضامين تدعو إلى عدم السكوت عن التحرش الجنسي، باستخدام هاشتاغ (#Mesh_Basita #مش_بسيطة)، وسط مطالبات باحترام المرأة كإنسان.


نسرين أنابلي


المصدر
جيرون