تصريحات ترامب.. مواصلة إدارة الصراع



أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة (التي قال فيها إن هناك مرحلة جديدة في سورية ستبدأ قريبًا) تساؤلاتٍ حيال جدية التوجه الأميركي في إيجاد حل للقضية السورية، ومدى جدية واشنطن في دعم المعارضة السورية؛ بما يقود إلى عملية انتقال سياسي، وفق القرارات الدولية ذات الصلة.

قال المحلل العسكري اللواء محمود العلي: “لا يوجد مؤشرات في الوقت الراهن على توجه أميركي حقيقي لدعم عملية سياسية جدية في سورية”، مضيفًا في حديث لـ (جيرون): “أعتقد أن تصريحات ترامب الأخيرة محصورة في الشق الإعلامي، فكم أطلق أوباما سابقًا تصريحات حملت تهديدات واضحة لنظام الأسد، إلا أن واشنطن لم تتخذ أي خطوة جدية في المحافل الدولية، لمحاكمة الأسد وحلفائه على ما ارتكبوه من جرائم حرب بحق الشعب السوري”.

من جانب آخر، يرى المحلل في الشأن الروسي د. محمود الحمزة أن “التصريحات الأخيرة هي تنشيط للدبلوماسية الأميركية، وتذكير للجميع بأن واشنطن حاضرة”، موضحًا لـ (جيرون): “باعتقادي أن كل ما يحدث يمكن وضعه في سياق البدء بتفاهمات إنتاج حل سياسي في سورية بالتفاهم مع موسكو، وهناك خشية حقيقة من تقسيم البلاد، ولا توجد أي معطيات عن توجهات جديدة للإدارة الأميركية بخصوص الصراع في سورية”.

رئيس الهيئة العامة في الغوطة الشرقية محمد سليمان دحلا اعتبر أن “تصريحات ترامب لا تحمل أي شيء جديد”، وأضاف في حديثه لـ (جيرون): “سمعنا مثلها مرارًا من الأميركيين (وكم سمعنا جعجعة ولم نرَ الطحين). أعتقد أنه لا يوجد أي توجه جديد، وبخاصة بعد التغيرات في مواقف الدول الإقليمية (الصديقة) للثورة، واقترابها أكثر فأكثر من المقاربة الروسية للقضية السورية”.

أشار دحلا إلى أن “مسار أستانا، وما نتج عنه من اتفاقات خفض التصعيد يجري بموجب التفاهمات الأميركية الروسية، وقد لا تكون تلك التفاهمات نهائية، وكل شيء قابل للتغيير في أي لحظة، تبعًا لأولويات كل طرف فالمصالح المتقاطعة اليوم ربما تختلف غدًا”.

الرئيس الأميركي قال يوم السبت: إن بلاده “ستسعى إلى تهيئة الظروف المناسبة لسلام دائم، وتدعم مفاوضات سياسية تؤدي إلى إنهاء العنف وعودة اللاجئين إلى منازلهم، وتحقق انتقالًا سياسيًا يحترم إرادة الشعب السوري”، دون إشارة واضحة إلى مصير رأس النظام ضمن ترتيبات المرحلة الانتقالية.

حول ذلك، قال العلي: إن “السياسة الأميركية في سورية واضحة، ولم يطرأ عليها أي تغيير، وهي تقوم على إدارة الصراع، وليس إيجاد حل ونهاية له، بالتالي وضمن معطيات الوقت الراهن، ليس هناك توجه لدى واشنطن لقطع الطريق أمام محاولات موسكو، لإنتاج بديل عن جنيف وإعادة تعويم النظام السوري”.

وأضاف: “واشنطن تركت الملف السوري -حاليًا على الأقل- لروسيا، والأخيرة تحاول دفن مخرجات (جنيف 1)، من خلال سحق معاقل الثورة على الأرض وإجبارها على القبول بمشاريع المصالحة، كل ذلك يحدث بموافقة معظم الدول الأوروبية، بينما تبقى أميركا تدير كافة خيوط اللعبة السياسية بانتظار الوقت الذي تراه مناسبًا للبدء في محادثات سياسية، لإنهاء الصراع وليس إدارته”.

بينما يرى الحمزة أن “السياسة الأميركية غامضة وغير مفهومة في سورية، الروس أكثر وضوحًا، وأعتقد أن هناك تفاهمات كبيرة بين الطرفين، في ما يخص سورية، ولست مع توجه أن موسكو هي من سيحدد مصير سورية. أحد أكبر المحللين السياسيين الروس قال (إن روسيا لا تستطيع مجابهة واشنطن، والدور الروسي ظاهر وكبير في سورية نتيجة غياب الدور الأميركي). في النهاية، الأميركيون هم الرابح الأكبر من سورية، وربما تكون روسيا أحد الأطراف الخاسرة”.

اعتبر الحمزة أن “موسكو أمام معضلات حقيقة في سورية، بخاصة مع اقتراب إعلان هزيمة (داعش) بشكل نهائي، وهو ما سيعني ماذا بعد؟ روسيا ستكون مُحرَجة أمام المجتمع الدولي ومطالَبة برؤية واضحة، تلتزم من خلالها بما وقّعت عليه مع أطراف الصراع، إضافة إلى الانتخابات الروسية في آذار/ مارس المقبل، التي يمكن أن تطيح بالرئيس الحالي بوتين؛ في حال فشل موسكو في إيجاد تسوية ممكنة مرضية”.

وقال دحلا: إن “تصريحات الرئيس الأميركي لا تقدم الجواب الشافي، حول ترتيبات المرحلة الانتقالية ومصير الأسد الذي سيبقى ورقة مساومة بيد كلا الطرفين، في مواجهة محيط سورية الإقليمي، ولا توجد أي مؤشرات على أن روسيا أو أميركا قد تستغني عن هذه الورقة حتى الآن”.

وأوضح أن “مصير الأسد هو أحد أبرز عُقد الحل السياسي، وستبقى كل الاحتمالات مفتوحة بهذا الخصوص، في ظل غياب الفعل الحقيقي للمعارضة سياسيًا وعسكريًا”، معبرًا عن اعتقاده بأن “انتهاء صلاحية الأسد ستكون بنهاية المرحلة الانتقالية، وليس مع بدايتها. كل تلك الاحتمالات مرهونة بعدم تغير موازين القوى على الأرض، وللأسف لا معطيات بأن ذلك سيحدث”. م. ش.


جيرون


المصدر
جيرون