حملة (الأسد يحاصر الغوطة).. قتلى الحصار



يُطلق ناشطون سوريون اعتبارًا من اليوم الإثنين 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، حملةً وطنية بعنوان (الأسد يحاصر الغوطة)؛ بغيةَ حشد الرأي العام العالمي لفك الحصار المستمر على الغوطة الشرقية منذ العام 2013، والذي أطبقه النظام عليها كليًا منذ نحو 3 أشهر، وأفضى مؤخرًا إلى موت نحو 29 مدنيًا بينهم أطفال.

أهالي الغوطة وفاعلياتهم أطلقوا نداء استغاثة موجه إلى المجتمع الدولي جاء فيه: “نحن سكان الغوطة الشرقية في ريف دمشق، والبالغ عددنا 350 ألفَ نسمة، نعاني منذ أربع سنوات حصارًا قاتلًا، يمارسه علينا نظام بشار الأسد وحلفاؤه من الميليشيات الطائفية التي جلبها النظام من إيران والعراق ولبنان وأفغانستان، حيث تقوم هذه الجهات المذكورة بإحكام الحصار على كافة بلدات وقرى وأحياء الغوطة الشرقية، وتمنع عنها كافة وسائل الحياة، موازاةً مع قيام قوات الأسد والطائرات الروسية باستهدافنا، بكافة أشكال الأسلحة وأشدّها فتكًا ودمارًا، ولم يتوان الأسد عن استهدافنا بالسلاح الكيماوي، في صيف عام 2013”.

أضاف النداء: “أملنا كبير بانتصارِ الحق، كذلك أملنا كبير بيقظة الضمير الإنساني، لردع الظلم ونصرة القضايا الإنسانية العادلة، وإن وقوف العالم صامتًا -حيال اضطهاد غير إنساني كهذا- إنما هو تواطؤ مع المجرم ومساهمة في تعميق مأساتنا”.

قال عزو فليطاني، عضو الهيئة السياسية في الغوطة الشرقية لـ (جيرون): “لا يوجد للغوطة أي منفَذ حدودي مع دول الجوار أو مدن وقرى ريف دمشق أو العاصمة دمشق، حيث إن نظام الأسد يحيط بها إحاطةَ السوار بالمعصم، وقد ارتفعت الأسعار بشكلٍ جنوني، بسبب عدم توفر المواد الغذائية والوقود والمواد الطبية، والاستنزافات المستمرة نتيجة القصف الهمجي الذي لم يهدأ على الأحياء السكنية والأسواق، على الرغم من وجود ما يسمى بـ (خفض توتر). كما أن جميع المساعدات الأممية إلى الغوطة لم تكفِ 10 بالمئة من حاجة السكان، إضافة إلى عدم جدية تطبيق القرار 2254 في فقراته (12، 13، 14) في رفع الحصار”.

موضحًا: “بعدَ تدمير الأنفاق؛ ازدادَ الحصار، نتيجة تراجع الجبهات بسبب القصف المنهجي بصواريخ أرض-أرض والطيران الحربي، وتقدم النظام كدبيب النمل في الجبهة الغربية (جوبر وعين ترما) والجبهة الشرقية (الضواهرة والريحان)، وكل هذا مقدمة أستانا وحميميم، لتركيع الغوطة الشرقية، ولكن يمكن تحريك الرأي العام العالمي، من خلال الوقفات الاحتجاجية أمام السفارات، والقنصليات من قِبل أهلنا السوريين في الخارج ودول أصدقاء سورية، والشعوب التي تقف مع قضيتنا العادلة، ونحن في الغوطة الشرقية نناشد المجتمع الدولي بتطبيق قراراته في تحييد المدنيين، من أطفال ومدنيين عن الصراع، حيث بدأت ملامح أزمة الحصار تظهر على أطفال المدارس، وبخاصة الحلقة الأولى والمرضى وذوو الاحتياجات الخاصة والشيوخ”.

من جهة أخرى، أكد الطبيب أحمد البقاعي، وهو عضو مجلس إدارة منظمة (السراج)، أن الحصار المستمر على الغوطة منذ 4 أعوام أدى إلى “حرمان ما يزيد عن مئة ألف طفل سوري من التعليم؛ بعد أن دُمّرت مدارسهم، وأكثر من 3 آلاف شاب حُرموا من جامعاتهم، بعد أن أغلق النظام كل الطرق المؤدية إلى الغوطة”.

توجّه البقاعي برسالةٍ إلى مجلس الأمن الدولي، وإلى الدول التي تدّعي أنها تدافع عن الإنسانية وحقوق الإنسان: “ليت هذه الدول تقف مرةً مع شعبٍ خَبِر كل أنواع الإجرام، لأنه نادى بالحرية. نطالب روسيا الضامنَ للنظام في معاهدات (خفض التصعيد)، بتطبيق التزاماتها تجاه شعب سورية، بفتح المعابر الإنسانية، والضغط على النظام لفتحها، ففي الغوطة الآن أوبئة تنتشر، ولن تقف حواجز نظام الأسد في وجهها، وربما تنتقل إلى دول الجوار والعالم. في الغوطة وحدها أكثر من 500 إصابة بالسل، عام 2016، وسجلت حالات مرضية وبائية خطرة أخرى تنتشر بسرعة، بعد أن عملت (منظمة الصحة العالمية)، بمساعدات حكومات، للحد من انتشار هذه الأوبئة، وبعد أن كانت الغوطة الشرقية التي يزيد عدد سكانها قبل الثورة عن مليوني سوري لا يوجد فيها أكثر من حالتَيْ سلّ. انظروا ما حل بها الآن بسبب الحصار والجوع والقصف واستخدام السلاح الكيماوي. إن لم تقفوا في وجه ما يحصل في سورية؛ فلن تسلموا من محرقة نيرانه”.

من جهة ثانية، قال يوسف الغوش، الناشط والرئيس السابق للمجلس المحلي في زملكا، لـ (جيرون): “منذ أربع سنوات، الغوطة ترزح تحت حصارٍ خانق، يُدخل النظام خلالها أحيانًا بعض السلع الرئيسة وبكميات محدودة، وبأضعاف مضاعفة عن أسعارها الحقيقية؛ بغية استنزاف مدّخرات أهلها، وإشغالهم عن ثورتهم بتفاصيل عيشهم، وتأجيج الفتنة بين مكوناتهم العسكرية والاجتماعية”.

وأضاف: “في الأشهر الثلاثة الأخيرة، لم يدخل إلى الغوطة أي نوع من أنواع السلع الغذائية والأدوية والوقود وقطع الغيار، في محاولة أخيرة لابتزاز الغوطة سياسيًا واقتصاديًا؛ لتتخلى عن ثوابت الثورة، ولترويضها تمهيدًا لإدخالها مؤتمر (حميميم)، وإلا؛ فسيكون مصيرها القصف والموت جوعًا والترحيل، على الرغم من توقيع الفصيلين الرئيسين في الغوطة على مبادرة (خفض التوتر). اليوم، يعيش أهل الغوطة أصعب أوقاتهم، فحالات الإغماء لطلاب المدارس كَثُرت، ومشاهد سوء التغذية تبدو على أجساد المواطنين، نتيجة قلة السلع بأنواعها وارتفاع أسعارها بشكل خيالي؛ ما يهدّد بكارثة إنسانية كبيرة، ولهذا نُهيب بكل صاحب ضمير حيّ، من أفراد ومنظمات ودول، أن يتحملوا مسؤولياتهم الوطنية والإنسانية، لمناصرة أهل الغوطة، والوقوف معهم في محنتهم هذه”.

محمد النعسان، رئيس التجمع الشعبي في الغوطة، قال لـ (جيرون): “تفاقمت حالة الحصار بعد توقيع اتفاقية (خفض التصعيد)، حيث بدا شبح المجاعة الحقيقية يلوح في الأفق، وبدأت السلع -ولا سيما الرئيسة منها، كالطحين والسكر والزيت- تختفي من الأسواق، من هنا تنادى ناشطون لحملة شعبية لشرح مخاطر استمرار هذا الحصار وآثاره المدمرة على أكثر من 400 ألف إنسان، معظمهم نساء وأطفال”.

مؤكدًا أنّ أحد أبرز أهداف الحملة “حثُّ المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية على تحمّل مسؤولياتهم تجاه شعبٍ أعزل، كما تهدف إلى مطالبة الدولة الروسية الضامنة بإلزام النظام بتطبيق ما يخصه، وبخاصة فتح الطرقات، ورفع الحصار، والسماح بدخول البضائع والسلع الأساسية، ويأمل المنظمون أن تكون هذه الحملة لبنةً في بناء رأي عام عالمي، يؤيد قضية الشعب السوري، ويسهم في رفع المعاناة عنه، وبخاصة في الغوطة الشرقية”.


أحمد مظهر سعدو


المصدر
جيرون