ماذا يحدث في السعودية: السياسة الخارجية بين الاستمرار والتغيير




[1]إعداد: أمجد أحمد جبريل

مقدمة

منذ تولّي الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في أواخر كانون الثاني/يناير 2015، تزايدت التساؤلات عن طبيعة التغيرات التي تحدث في بلاد الحرمين الشريفين، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، وعن مستقبل أوضاع ذلك البلد ذي المكانة الدينية المتميزة، وصاحب الموقع الاستراتيجي المؤثّر في شبه الجزيرة العربية والعالمين العربي والإسلامي.

لقد شهد عهدُ الملك سلمان، في أوله، إصدارَ مجموعة من الأوامر الملكية التي تعيد تنظيم بعض هياكل الحكومة ومجالسها المتخصصة، فضلاً عن وصول جيل أحفاد الملك المؤسّس، عبد العزيز آل سعود، إلى مناصب قمة الهرم السياسي لأول مرة في تاريخ البلاد، وذلك بالتزامن مع تشكيل “” بقيادة السعودية، أواخر آذار/مارس 2015، للتدخل في تحت اسم “عاصفة الحزم”، تحت دعاوى استعادة الشرعية في ، وتخليص العاصمة صنعاء من سيطرة جماعة أنصار الله أو “الحوثيين”[2].

وبينما انحاز فريق من الباحثين العرب إلى القول بأن عهد الملك سلمان سيشهد “تغيرات تدريجية بطيئة” في السياسات السعودية، على الصعيدين الداخلي والخارجي، ارتأى آخرون أن هذه “التغيرات التكيفية” لن تتعدى “الإطار الشكلي والجزئي”، الذي يحافظ على “التوازنات السعودية القديمة” إلى حدٍ كبير، لكنه يعيد تقديم البلاد بصورة إعلامية خارجية جديدة في إطار “حملات علاقات عامة”، أمام دول الغرب عامة، والولايات المتحدة الأمريكية خاصة؛ من أجل إعادة تثبيت التحالفات الخارجية السعودية، وتأمين استمرار الدعم الدولي للنظام السعودي[3]، ومنع دول الغرب والمؤسسات الحقوقية الدولية غير الحكومية من ممارسة أية ضغوط على الرياض في أية ملفات إقليمية تهمها، خصوصاً من مدخل وقف حرب “التحالف العربي” على اليمن، والتي شابها العديد من الانتهاكات والتجاوزات واستهداف المدنيين بشكل متكرر، دون أن تظهر بوادر انتهاء تلك الحرب، بعد مرور أكثر من عامين ونصف على بدايتها.

ورغم كثافة المتغيرات الداخلية والإقليمية التي أحاطت بالسعودية منذ تولّي الملك سلمان أوائل عام 2015، وتصاعد وتيرة التهديدات المختلفة، وازدياد درجة الترابط بينها، فإن الرياض لم تستطع أن تتجاوب معها بسرعة كبيرة؛ فقد احتاج الأمر أكثر من عامين ونيف حتى تظهر مؤشرات التغيير الذي يحدث في بلاد الحرمين، لا سيما على الصعد الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، خصوصاً بعد تولّي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد في حزيران/يونيو 2017، وإقصاء ولي العهد السابق وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف.

تستهدف هذه الورقة تحليل متغيرات البعد الداخلي في السعودية منذ تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، وتحليل العلاقة بين هذا البعد، وبين الضغوط الخارجية، سواء الدولية أو الإقليمية، وبين احتمالات تغير توجّهات السياسة الخارجية السعودية، خصوصاً تجاه روسيا والكيان الإسرائيلي.

تحاول الورقة الإجابة عن تساؤل محدد، هو: ما هي حدود التغير الداخلي الذي يحدث في السعودية؟ وهل تعكس سياسات ولي العهد الجديد الأمير محمد بن سلمان “تحولاً أو تغيراً جذرياً”، في مسار السياسات الداخلية والخارجية للسعودية؟ وما تأثير ذلك التحول، إن وجد، على استقرار نظام الحكم السعودي المستند تاريخياً إلى التحالف السعودي-الوهابي؟

تتناول الورقة ثلاثة عناصر متداخلة؛ أولها تحلّل العلاقة بين سياسات التوازن الداخلي السعودية، وبين نهج التهدئة الخارجي، وذلك على مدار أغلب شهور المرحلة الأولى من عهد الملك سلمان. وثانيها تناقش المرحلة الثانية من عهد الملك سلمان، عبر إلقاء الضوء على بعض ملامح التأزم الداخلي في السعودية، وعلاقته بانتهاج سياسة التصعيد الخارجي واستخدام أدوات من قبيل: الحصار الاقتصادي والبحري، وشن الحملات الدبلوماسية والإعلامية والدعائية، والتلويح باستخدام الأداة العسكرية، لإظهار قدرة القيادة السعودية وحزمها خصوصاً في حرب اليمن وحصار . وثالثها حدود التغير في السياسة الخارجية السعودية، وإن كان يؤسّس لتحالفات سعودية جديدة في الإقليم.

لقراءة الورقة البحثية كاملةً كاملةً وتحميلها كملف pdf: ماذا يحدث في السعودية:
السياسة الخارجية بين الاستمرار والتغيير

______________________________________________

الهوامش

[1] أمجد أحمد جبريل: متخصص في الشؤون العربية والإقليمية – مركز إدراك للدراسات والاستشارات

[2] انظر: عبد الله الشايجي، “العلاقات السعودية – الأمريكية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز”، في: أحمد البرصان وآخرون، “آفاق السياسة الخارجية السعودية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز”، دراسات (96)، عمّان: مركز دراسات الشرق الأوسط، 2015، ص 31- 32.

[3]  بالتطبيق على السنوات التي سبقت تولي الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد العرش صيف 2005، تجادل الباحثة المتخصصة مضاوي الرشيد بأن السعودية تشهد قدراً من “إصلاحات الدولة” بهدف “تحديث الحكم التسلطي من دون المخاطرة بالتفريط بحصة كبيرة من السلطة لصالح الجمهور”، وتستعرض رأي الباحث الألماني ستيفن هايدمان، الذي يرى أن الدول العربية شهدت بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، أربعة تطورات مهمة على هذا الصعيد؛ وهي: الاستيلاء على المجتمع المدني واحتواؤه، إدارة عملية الاعتراض السياسي، حيازة فوائد الإصلاح الاقتصادي واحتكارها من النخبة، وتنويع الروابط والعلاقات الخارجية العربية مع القوى الدولية. راجع: مضاوي الرشيد، “مشروع تحديث الحكم السعودي”، ورقة العمل في حلقة نقاشية بعنوان “السعودية.. إلى أين؟”، المستقبل العربي، العدد 368، تشرين الأول/أكتوبر 2009، ص 102.

Share this: وسوم


المصدر