الغارديان: سورية، صورة صادمة لطفلة تتضور جوعًا، تكشف آثار أزمة الغذاء



بعد وفاة سحر ضفدع، البالغة من العمر شهرًا واحدًا؛ حذّر مسؤولو الإغاثة من كارثة مقبلة، وقالوا إن حياة عدد كبير من الأطفال في خطر.

الصورة: كانت أم سحر تعاني من نقص في التغذية؛ جعلها غير قادرة على إرضاع طفلتها. تصوير عامر المحيباني/ فرانس برس/ صور جيتي.

إن معاناة المدنيين الذين يعيشون تحت الحصار في سورية مستمرة، وقد سلطت صورةٌ جديدة لطفلةٍ مصابة بسوء التغذية الضوءَ عليها من جديد، وقد توفيت الطفلة لاحقًا، بسبب المجاعة في إحدى ضواحي دمشق التي تسيطر عليها المعارضة.

تُظهر الصورة التي نشرتها وكالة (فرانس بريس)، الإثنين الماضي، سحر ضفدع، وهي طفلة عمرها شهر واحد، ويقل وزنها عن 2 كغ، مع عيون غائرة، وأضلاع بارزة من خلال الجلد الشفاف، يعالجها من سوء التغذية طبيبٌ، في بلدة حمورية في منقطة الغوطة الشرقية. وقد توفيت الطفلة يوم الأحد.

قال موظف في الإغاثة، طلب عدم الكشف عن اسمه: “إن الإمدادات منخفضة جدًا، وإذا استمرت؛ فسوف يموت العديد من الأطفال”.

يعيش عشرات الآلاف من المدنيين في الغوطة تحت الحصار الذي تفرضه القوات الموالية للرئيس بشار الأسد، ويعيش نحو 3.5 مليون شخص في سورية في مناطق محاصرة، يصعب الوصول إليها، وغالبيتهم في أماكن محاصرة عسكريًا من قبل قوات النظام. وقد أدى الاقتتال الداخلي الذي شنته قوات المتمردين المحلية، واحتكار الإمدادات الغذائية من جانب التجار؛ إلى تفاقم الأزمة أكثر.

يقول الأطباء والناشطون إن النقص في الغذاء شديد إلى درجة أن عشرات حالات سوء التغذية تظهر في العيادات المحلية والمستشفيات الميدانية، ولا تستطيع الأمهات الجدد إرضاع أطفالهن، لأنهن أنفسهن يعانين من نقص التغذية، كما أن منتجات مثل حليب الأطفال تكاد تكون معدومة.

صورة: يُوزن طفل سوري في مركز طبي في الغوطة الشرقية، حيث يعيش المدنيون تحت حصار تفرضه قوات الحكومة، تصوير وكالة الأناضول/ صور جيتي.

قال محمد خطوب، وهو طبيب ومسؤول في الجمعية الطبية السورية الأميركية، وهي تساعد في تشغيل عدة مستشفيات في الغوطة: إن هناك حاليًا 68 حالة سوء تغذية حادة في مستشفيات المنطقة. وربما يكون العدد الفعلي أعلى بكثير، بسبب الصعوبات في جمع البيانات من جميع المرافق الطبية في المنطقة التي مزقتها الحرب. وأضاف أن الوفيات بين هؤلاء المرضى كانت نتيجة لسوء التغذية الذي أضعف جهاز المناعة، حيث فشل بعد ذلك في درء العدوى.

قال يحيى أبو يحيى، الطبيب في المنطقة لوكالة (فرانس بريس): بين 9.700 طفل تم فحصهم في الأشهر الأخيرة، كان هناك 80 طفلًا يعانون من أشد أشكال سوء التغذية، و200 آخرون يعانون من سوء التغذية الحاد، و4000 يعانون من نقص في التغذية.

قالت وكالة (فرانس بريس): إن (سحَر)، الطفلة في الصورة، لم تتمكن من الرضاعة الطبيعية، لأن والدتها لم يكن لها ما يكفي من الغذاء لدرّ الحليب. وقال الناشط رائد سرويل: “اليوم، تعاني الغوطة الشرقية أسوأ أنواع الإجرام”، وأضاف: “إن آلاف الأطفال يتعرضون للخطر، وإذا لم تكن هنا حركة دولية أو مبادرة من الأمم المتحدة، لحل هذه المشكلة؛ فإن العواقب ستكون كارثية، وستصبح الغوطة كارثة إنسانية.

الغوطة الشرقية هي واحدة من عدة مناطق “التهدئة” التي أُعلن عنها، بموجب اتفاق وساطة بين روسيا وتركيا، للحد من العنف في سورية. لكن الحكومة تواصل فرض الحصار على المنطقة؛ الأمر الذي يثير مخاوف متزايدة بشأن معاناة المدنيين.

يقول مسؤول الإغاثة: إن الأُسر اضطرت إلى بيع المكملات الغذائية لشراء المواد الغذائية، مثل السكر أو الخبز؛ وقد أدى النقص من هذه المواد إلى حالات سوء تغذية حادة، وقال أحد المسؤولين: إن كيلو الغرام الواحد من السكر يكلف الآن ما يعال 15 دولارًا، وهو سعر يتجاوز بكثير قدرة مدنيين، يعيشون منذ سنوات في ظل ظروف وحشية.

وقد حدّت الحكومة من المساعدة التي تقدمها المنظمات الدولية والأمم المتحدة إلى تلك المناطق، كما أن الأحداث الأخيرة من الاقتتال بين المتمردين جعلت من الصعب إرسال المساعدات. وأدى النقص إلى ظهور سوق سوداء محلية، يسيطر عليها تجار عديمو الضمير؛ الأمر الذي فاقم معاناة المدنيين، وجعل من المواد الأساسية باهظة الثمن. وتعيش معظم الأسر على الخبز المصنوع من الشعير والزيتون والنباتات المسلوقة.

الصورة: فحص طفل على نقالة في الغوطة. ولا تستطيع منظمات الإغاثة أن تقدم سوى مساعدة محدودة إلى المنطقة، تصوير: وكالة الأناضول/ صور جيتي.

كان لحصار الغوطة الشرقية -في المرحلة الطويلة السابقة- ممرات سرية، عن طريق المهربين أو رشوة المقاتلين المحليين الذين يديرون نقاط التفتيش، ولكن هجوم هذا العام، والذي خسره المتمردون في العديد من المدن في ريف دمشق، سمح للحكومة بتشديد الحصار عليها بشكل كبير.

العنوان الأصلي Syria: shocking images of starving baby reveal impact of food crisis الكاتب كريم شاهين المصدر الغارديان الرابط https://www.theguardian.com/world/2017/oct/23/syria-shocking-images-of-starving-baby-reveal-impact-of-food-crisis#img-3 المترجم محمد شمدين


محمد شمدين


المصدر
جيرون