الكهوف (الكنز المفقود من ثروات مصر).....

تحرير – د.عزة عبد القادر الكهوف هي إحدى المكونات الطبيعية التي تكونت في ظل ظروف جيولوجية معينة وتتواجد الكهوف غالبا في التراكيب الجيولوجية السطحية(الجبال) ، وهي كنوز طبيعية وجزء من التراث الطبيعي والبيئي ت، حيث تتطلب ضرورة حمايته ويطلق على العلم المختص بدراسة الكهوف سبيليوجي (Speleology) وهو علم يعتمد على الجيولوجيا والهيدرولوجيا (علم المياه) وعلم الأحياء والآثار . الكهوف عبارة عن مغارات عميقة في الأرض نتجت عن تسرب مياه الأمطاروتعد إحدى عجائب الطبيعة وغرائبها في الصحراء فقد بهرت من شاهدها من الرَّحالة والمستكشفين حيث تكونت بفعل ذوبان التربة الهشة التي بين الصخور الصلبة حتى صارت مغارات كالشقوق ، وقد عرفت الكهوف منذ القدم على أنها الملجئ والملاذ الأول للإنسان الأول الذي كان يسكنها لتقيه تقلبات الطقس وتغيرات الطبيعة وأخطارالزواحف والحشرات، كما استخدم الإنسان الكهوف أيضا كملاجئ حرب واستخدمت الكهوف كذلك كملاذا آمنا للمسافرين من حرالشمس ومن برودة الجو ومن عواصف الرياح( كثبان رملية) بالإضافة إلى إمكانية احتواءالكهوف على الماء في المناطق الصحراوية. قالت الاستاذة الدكتورة مفيدة حسن عبد الواحد الوشاحي عميد كلية السياحة والفنادق أن الكهوف تعد من ثروات مصر العظيمة ولكنها ليست الوحيدة فنحن نمتلك ثروات كثيرة لا تعد ولا تحصى ولكننا بكل أسف لا نستغلها الاستغلال الامثل بعكس الغربيين الذين لا يمتلكون ثروات مثلنا لكنهم يستغلونها جيدا ويوجهون اهتمامهم اياها رغم ضآلتها مما يجعلهم يستفيدون منها أقصى استفادة ، ويعلم الجميع ان مصر عامرة بالآثار النادرة والمعادن النفيسة لدرجة انه بإمكان المواطن المصري ان يحفر في مكان ما تحت بيته الذي يقطن فيه بعمق محدد ليجد آثار وكنوز نفيسة . أما بالنسبة للكهوف بصفة خاصة فإن مسألة تركها وعدم التوعية للرعاية بها يعود في المقام الاول الى ان شركات السياحة لم تضعها على الخريطة السياحية ربما لأن السائح الذي يأتي لمصر في زيارة قصيرة لمدة ثلاثة أيام أو أربعة لن يفكر في الكهوف بقدر ما يفكر في آثار مصر الشهيرة الرئيسية مثل الاهرامات والقلعة وسقارة ومعبد الكرنك بالاقصر ورغم اننا نمتلك كهوف أثرية هامة جدا في محافظات أسيوط – المنيا – بني سويف وأسوان الا اننا نفتقد البرامج السياحية لتلك الكهوف وهذا يعد تقصير كبير من القطاع السياحي في مصر . أما محمد مارو المرشد السياحي بمنطقة اسوان فقد نبه الى اهمية تمهيد الطرق المؤدية للكهوف حتى يستطيع السائح زيارتها فانها تعد من كنوز مصر التي يجب ان توضع في اولويات وزارة السياحة ، قيجب ان يتم وضع خطة متكاملة للاستفادة من تلك الكهوف في مصر . من ناحية اخرى شرح لنا مارو بعض التفصيلات العلمية التي قرأها عن كهف وادي السنور ببني سويف على وجه الخصوص حيث قال : انه ظهر من خلال الدراسات الجيولوجية التي أجريت على وادي السنور الذي يعد محمية طبيعية والمناطق المجاورة أن عمر الكهف يتراوح ما بين 36 إلى 40 مليون سنة، حيث يرجع زمن تكوينه إلى العصر الأيوسيني وهناك احتمالات بوجود كهوف أخرى مماثلة في المناطق المحيطة . ويستكمل مارو وصف كهف وادي السنور بأنه هلالي الشكل ويتكون من ساحتين كبيرتين على شمال ويمين الفتحة المؤدية إلى داخله وتنفرد منطقة جبل وادي سنور بظاهرة جيومورفوليوجية فريدة من نوعها، وهي ظاهرة الكارست التي ترتبط ارتباطا لصيقا بالصخور الكربونية عامة والحجر الجيري خاصة الاهم من كل ما سبق المعادن والاحجار الفريدة التي تملأ كهف وادي السنور ففيه حجر الالباستر الذي لا يوجد في أي مكان آخر سوى هذا الكهف وهو حجر به سحر وجمال ليسا لهما مثيل وحجر الالباستر هذا تكون من الرواسب الجيولوجية ، وحجر الالباستر يستخدم في صناعة الاواني والفازات ويستخدم في العمارة وفن النحت ، وتتعدد الالوان لهذا الحجر الجذاب بين الوردي والابيض والبيج والبني والرمادي . من ناحية اخرى نبه مارو الى اهمية تمهيد الطرق المؤدية للكهوف حتى يستطيع السائح زيارتها ، قيجب ان يتم وضع خطة متكاملة للاستفادة من الكهوف في مصر على الجانب الآخرتحدث اللواء حمدي بخيت المحلل الاستراتيجي العسكري عن الغياب الامني بالنسبة لتأمين الكهوف بأن ذلك يرجع الى اننا ليس لدينا تخطيط استراتيجي قوي ، فنحن نعمل بكل أسف دون تخطيط فاننا لا نمتلك حتى حصر ولا قراءة صحيحة للموارد المتاحة فان المسألة عشوائية في إطار الاجتهادات ، اما اذا وجد التخطيط الاستراتيجي القومي فسوف نستفيد جميعا من ثروات مصر العظيمة ليس الاستفادة من الكهوف فقط بل في كل شيء فالشركات يمكنها ان تقوم بهذا التخطيط بالتعاون مع وزارة السياحة . وقد انتقد بخيت النظام العشوائي الذي تسير عليه مؤسسات الدولة حيث قال : نحن لا نمتلك إرادة سياسية فلا يوجد تخطيط ومشاركة بين الوزارت ولا يوجد حصر لكنوز مصر الاثرية ولهذا نجد عمليات نهب ممنهج لتلك الثروات بالكهوف وغيرها بلا رقابة أو تقنين ، فناهبي الكهوف والاماكن الاثرية في مصر هم في الحقيقة أصحاب مصالح ولن نستطيع محاربتهم بالطرق العادية واذا دخلنا في تلك الصراعات فلن نخرج منها بأي خير ولهذا فيجب علينا ان نقنن الاوضاع ونتعامل مع المسألة بمرونة أكثر ونعرف ماذا تريد تلك العصابات ونحاول ان نتحاور معهم حتى لا نفقد ثرواتنا بهذه السهولة فتلك العصابات ليست عصابات عادية بل انهم مافيا كبيرة لهم أيادي في كل مكان بمصر ويتم تدعيمهم من الخارج ، فمصر دولة مستهدفة . ويكرر بخيت مرة اخرى بأن مصر تحتاج الى تخطيط استراتيجي في كل المجالات سواء في مجال الامن القومي او في مجال السياحة والاقتصاد ويجب ان يفعل دور مجلس الامن القومي وان ينسق مع بقية الوزارت ، ويتسآءل بخيت لماذا تعمل كل وزارة وحدها؟ ولا يتم التعاون بين الجميع ؟، واين المجالس المتخصصة في المجال السياحي والامني؟ ، يجب ان يكون هناك تخطيط على المدى البعيد والقريب فعلى المدى القريب تكون الخطة من خمس الى سبع سنوات والمدى المتوسط من عشرة الى خمسة عشر سنوات والخطة بعيدة المدى تكون من عشرين الى خمسة وعشرين سنة . ويؤكد بخيت على اهمية التخطيط والعمل المشترك فيجب ان نضع جميعا عدة أسئلة ونجيب عليها اولا – ما هي الاستراتيجية العامة للدولة ، ثانيا – ما هي السياسة العليا لمصر وما هي التهديدات التي يمكن ان نواجهها ، فاذا كنا نخطط في المجال السياحي يجب ان تضع وزارة السياحة خطتها على أساس سياسة الدولة وتفعل ادواتها بالتنسيق مع الوزارات الأخرى سواء مع وزارة الداخلية او وزارة البيئة او غيرها وان تحدد الموارد التي ستقوم باستثمارها .