دفعت ثمناً باهظاً لشرائه.. سائحة سويسرية تخلص حماراً مصرياً من صاحبه الذي كان يعذبه



السورية نت - رغداء زيدان

تداولت وسائل إعلام عربية وأجنبية خبراً عن "انتقال حمار للعيش في سويسرا، بعدما أنقذته سائحة من بطش مالكه".

وحسب التقارير الإعلامية فإن هذا الحمار تعرض لضرب مبرح من صاحبه أمام مجموعة من السياح، ما دفع سيدة سويسرية إلى التدخل وإبلاغ الشرطة، بل وعرض مبلغ 800 يورو لشرائه أو لتخليص الحمار من مالكه.

هذا الخبر، الذي رأى فيه كثيرون نوعاً من الطرافة، انتشر خلال الأيام الماضية في وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم وأصبح محل تندر ومزاح من البعض، ممن وصفوا الحمار بالمحظوظ.

كما لم تتوان أهم وسائل الإعلام المصرية والعربية من نشر الخبر دون أي مراجعة أو تأكد من مصدر الحكاية رغم غرابتها والمبالغة في الكثير من الأرقام والوقائع.

 وبحسب "swissinfo.ch" التي تواصلت مع عدة جهات لمعرفة حقيقة هذه الحادثة، نفت السفارة السويسرية في القاهرة أنها تلقت طلبا لنقل الحمار إلى سويسرا.

وبالتواصل مع مكتبي المحاماة السويسري والمصري المكلفين بمتابعة القضية، اتضح أن "منقذة الحمار" هي السويسرية "استر فوغت" والتي تنظم رحلات لأفواج سياحية للتعريف بالحضارة المصرية وأنها تتردد على مصر منذ 15 عاماً.

الأحداث بدأت عندما كانت "استر فوغت" موجودة مع فوج سياحي في منطقة سقارة الواقعة بالجيزة وشاهدت حماراً يتعرض لضرب مبرح على يد صاحبه. هذا المشهد دفعها إلى تحرير محضر لدى أجهزة الشرطة حول سوء معاملة الحمار ونقله إلى عيادة بيطرية لعلاجه، ولا سيما بعدما علمت أن الحمار يتم تجويعه يومين حتى يثير شفقة السياح ويحصل صاحبه على مزيد من المال.

لكن المشكلة لم تنته عن هذا الحد، حسب قول "استر"، فقد "تم إعادة الحمار ببساطة إلى صاحبه بعد علاجه رغم سوء معاملته له، لأنه لا توجد قوانين لحماية الحيوان في مصر"، وتضيف: "كلنا كنا نعي ببساطة أنه لا يُمكن إعادة الحيوان مرة أخرى إلى المُعذّبِ، حيث كان سيتعرض لمزيد من التعذيب وسيلقي حتفه في النهاية".

ووفقاً للشهادة الطبية لعيادة الحيوان، فإن الحمار كان يعاني من سوء التغذية بشكل كبير، ولم يزن سوى نصف الوزن الطبيعي. بالإضافة إلى أنه كان يعاني من الجروح.

وتقول "إستر" إنها "وقفت مع عدد من السياح طويلاً في حرارة الشمس الساطعة  للتفاوض بمساعدة الشرطة المصرية مع صاحب الحمار، لتشتريه بعدها مقابل 300 يورو ومنحته اسم "سيرافينا".

وتنظم "استر" رحلات لمصر منذ خمسة عشر عاماً وتضم أفواجها سياحاً من سويسرا والنمسا وألمانيا وإيطاليا. وهي عاشقة للحضارة الفرعونية ولمصر لدرجة أنها لم تتوان عن زيارة مصر رغم الإضطرابات السياسية، وتؤكد أن "الحضارة المصرية أساس المعرفة الإنسانية وهي في غاية الأهمية للبشرية جمعاء، لذا لا ينبغي أن تحدث انتهاكات للحيوان من هذا القبيل في بلد مثل مصر يتمتع بحضارة عريقة".

وبرأي "استر" فإن مصر بحاجة إلى تشريعات واضحة لحماية الحيوان، مشيرة إلى أنه توجد بالفعل مادة دستورية، تنص على وجوب معاملة الحيوانات برفق، لكنه لا توجد قوانين رادعة تفعل هذه المادة الدستورية، إذ لا توجد عقوبات رادعة ولا إمكانية نزع ملكية الحيوان من صاحبه في حال تعرضه لسوء المعاملة.

ويبدو أن مبادرة "استر" لإنقاذ الحمار ليست إلا بداية، إذ تستعد لإلقاء كلمة أمام عدد من نواب البرلمان المصري وبحضور ممثلين من وزارة السياحة والسفارة السويسرية في القاهرة في إطار حملة لتفعيل قوانين لحماية الحيوان في مصر.

أما الحمار "سيرافينا"، الذي أصبح "سفير الحيوانات" في مصر، فقد بدأت صاحبته الجديدة رحلة البحث عن مكان مناسب للعيش، بعد قضائه أسبوعين في إحدى العيادات البيطرية في القاهرة. فكرت "استر" في البداية في نقله إلى سويسرا، لكن "اتضح أن وضعه في الحجر الصحي بعد تجربة العلاج سيصيبه بالإجهاد ولا سيما بعد تعرضه لهذه الصدمة، كما أن الاختلاف المناخي قد يكون صعبا عليه".

وتضيف "استر": "كان أهم شيء بالنسبة لي هو البحث عن المكان الأفضل له بغض النظر عن كونه في مصر أو سويسرا".

وفي نهاية المطاف استقر رأيها على إيداع "سيرافينا" في مزرعة تعود ملكيتها إلى المدافعة عن حقوق الحيوان، أمينة أباظة. واليوم يعيش "سيرافينا" هناك مع أربعة حمير في منطقة سقارة ذاتها، إلا أن حياته الآن تختلف تماماً عن حياة الشقاء والعذاب السابقة، حيث يتمتع برعاية خاصة قد تجعله من "أسعد حمير مصر"، وربما "أكثرها حظاً" وإن لم ينتقل للعيش في أحضان جبال الألب السويسرية.

اقرأ أيضا: "دي ميستورا" يعلن موعد الجولة القادمة من مباحثات جنيف وأستانا




المصدر