يعملون 12 ساعة يومياً للبقاء على قيد الحياة.. أطفال سوريون في لبنان يُرهقهم العمل ويقتل أحلامهم



السورية نت - مراد الشامي

علي الأمين - خاص السورية نت

وضعت ظروف اللجوء السيئة السوريين في لبنان أمام تحديات صعبة كغيرهم من اللاجئين في بلدان اللجوء الأخرى، وأجبرهم غياب الدعم عنهم إلى انتشار واسع لظاهرة عمالة الأطفال، أو عمل النساء في مهن شاقة كانت محصورة في الرجال.

وتعتبر ظاهرة عمالة الأطفال اللاجئين السوريين في لبنان أحد أكثر الظواهر خطراً على الواقع الاجتماعي السوري، حيث يجبر آلاف الأطفال على العمل بدلاً من حصولهم على التعليم، ما ينذر بضياع جيل كامل، وفقاً لتحذير سابق أطلقته الأمم المتحدة.

ويعيش 71 % من السوريين الذين نزحوا إلى لبنان تحت خط الفقر، بحسب إحصائية صادرة عن الأمم المتحدة في يناير/ كانون الثاني 2017، ما أجبرهم على الاعتماد بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية التي لا تكفيهم. ولذلك دفعت الكثير من العائلات بأبنائها الصغار إلى العمل.

محمد عيساوي، أحد الأطفال الهاربين مع عائلته من سوريا إلى لبنان، حُرم كغيره من التعليم، إذ يعمل في محل سوبر ماركت في بيروت، وأكد في تصريح لـ"السورية نت" أنه كان من المتفوقين في المدرسة، لكنه اضطر للعمل لنحو 12 ساعة يومياً من أجل مساعدة عائلته على دفع أجرة المنزل والتي تبلغ 500 دولار شهرياً.

ويواجه الطفل عمر المحمود (10 أعوام) صعوبة كبيرة في التوفيق بين مدرسته وعمله، فعلى الرغم من امتلاكه قدرة كبيرة على التفوق، إلا أنه لا يستطيع كتابة واجباته الدراسية جيداً، حيث يعمل بعد انتهاء الحصة المدرسية في أحد المقاهي في منطقة برجا، بجبل لبنان، لحوالي 8 ساعات يومياً، ويعمل صيفاً لنحو 12 ساعة.

ورصدت "السورية نت" حالات كثيرة لعمالة الأطفالفي لبنان وخاصة في منطقة البقاع، حيث تشكل بيئة رئيسية لعمالة الأطفال السوريين؟

أسباب التوجه نحو عمالة الأطفال

ويتجه الكثير من الأطفال للعمل في لبنان وبنسب عالية جداً لأسباب عدة يشرحها مدير البرنامج التعليمي في منظمة "مابس" التي تعنى بقضايا اللاجئين في لبنان محمد المصري قائلاً لـ"السورية نت":

1- غياب المعيل، حيث أن آلاف العائلات من السوريين فقدوا من يعيلهم مادياً سواء بفقدان الحياة أو بعدم وجودهم داخل لبنان.

2- عدم قدرة المعيل على العمل، حيث يمنع القانون اللبناني السوريين الموجودين داخل المخيمات من العمل، ما يجعل الطفل هو الملاذ من أجل تأمين لقمة العيش.

3- عدم قدرة أغلب السوريين خارج المخيمات على العمل بشكل صريح نتيجة القوانين اللبنانية، وصعوبة الحصول على تصاريح عمل.

قهر مزدوج

وتزداد مأساة الأطفال السوريين في لبنان من حرمان الكثير منهم من فرص التعليم بسبب عدم الحصول على إقامة قانونية، في حين ترك الكثير من الأطفال مدراسهم نتيجة عدم القدرة على دفع تكاليف النقل، بحسب ما يؤكد المصري لـ"السورية نت".

ويقول محمد الحسن (اسم وهمي) الناشط في منظمة تعنى بشؤون اللاجئين في البقاع: "غالباً تكون الأعمال التي يمارسها الأطفال متعبة وشاقة ولا تتلاءم مع بنية الطفل الضعيفة، فمنهم من يمارس أعمال نقل وتحميل البضائع، ومنهم يمارس أعمال إصلاح السيارات والميكانيك، ما جعل المنظمات الدولية المهتمة بشؤون الطفل ترفع الصوت عالياً محذرة من عواقب عمالة الأطفال وتأثيرها على صحة الطفل الجسدية والنفسية، وتأثيرها الكبير كذلك على الناحية التعليمية، حيث اضطر كثير من هؤلاء الأطفال لترك دراستهم ليتفرغوا لإعالة أهلهم".

وبحسب منظمة اليونسكو، هناك أكثر من 380.000 طفل لاجئ تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً مسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة في لبنان، ويقدر أن أقل من 50% من الأطفال في سن الالتحاق بالمدارس الابتدائية يمكنهم الوصول إلى المدارس الابتدائية العامة، وأن أقل من 4% من المراهقين يحصلون على المدارس الثانوية العامة.

وتشير تقديرات "مركز كارنغي للشرق الأوسط" أن 2٪ فقط من اللاجئين السوريين ملتحقون بالمدارس الثانوية (المرحلة الإعدادية والثانوية)، ويرجع ذلك جزئياً إلى القيود المفروضة على من يمكنه الجلوس للامتحانات الثانوية نتيجة فرض شروط صعبة على السوريين منها اللغة والأوراق الثبوتية، وجزئياً إلى ترك الأطفال للمدرسة للانضمام إلى القوى العاملة أو الزواج.

وتؤكد المفوضية الأمم المتحدة، أن 2٪ من السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 18 عاما كانوا مسجلين في المدارس الثانوية في العام الدراسي 2015 – 2016.

وتسببت العمليات العسكرية التي بدأتها قوات النظام منذ 6 سنوات والمستمرة حتى الآن، بالإضافة إلى القصف المتواصل على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، إلى لجوء أكثر من 7 ملايين سوري إلى بلدان عربية وأجنبية، في حين يُقدر عدد النازحين السوريين بما لا يقل عن 5 ملايين شخص.




المصدر