إجراء عقابي جديد.. حكومة بغداد تسعى لقطع مصدر تمويل أساسي لأكراد العراق وسوريا
27 تشرين الأول (أكتوبر)، 2017
أمهلت القوات العراقية اليوم الجمعة مقاتلي البيشمركة الأكراد “ساعات” للانسحاب من منطقة حدودية مع تركيا يمر فيها أنبوب نفطي، في سعي واضح للضغط ماليا على إقليم كردستان في إجراء عقابي جديد على خلفية الاستفتاء على الاستقلال.
وعلى بعد مئات الكيلومترات في الصحراء الغربية، تواصل القوات العراقية هجومها على آخر معقل لتنظيم “الدولة الإسلامية” في البلاد، على الحدود مع سوريا.
في شمال العراق، أعطى طرفا النزاع روايتين مختلفتين للأحداث الجارية في اليوم الأول من الهجوم ضد الأكراد الخميس.
فبحسب بغداد، استعادت القوات العراقية مع آلياتها المدرعة السيطرة على قرى عدة في المنطقة، متقدمة في طريق ترابية مع خوضها معارك عنيفة. في المقابل، يؤكد الأكراد أنهم صدوا كل الهجمات التي تعرضوا لها.
وقال مسؤول أمني عراقي لوكالة “فرانس برس” طالبا عدم كشف هويته “أمهلنا القوات الكردية ساعات للانسحاب من مواقعها في منطقة فيشخابور”. وأضاف أن “إطلاق النار متوقف حاليا، لكن هناك رشقات بين الحين والآخر”.
ودارت معارك عنيفة بالمدفعية الثقيلة أمس الخميس بين المقاتلين الأكراد والقوات العراقية المتوجهة إلى معبر فيشخابور، سعيا إلى تأمين خط الأنابيب النفطي الواصل إلى ميناء جيهان التركي.
وتقع فيشخابور على رأس مثلث بين الأراضي التركية والعراقية والسورية، وتعتبر استراتيجية خصوصا للأكراد.
وسيطرت قوات البيشمركة الكردية على خط أنابيب النفط الممتد من محافظة كركوك مرورا بالموصل في محافظة نينوى الشمالية، في أعقاب الفوضى التي تبعت الهجوم الواسع لـ”تنظيم الدولة” قبل ثلاث سنوات.
عائدات نفطية وتهريب
ورغم استعادة القوات العراقية لجميع الحقول النفطية في محافظة كركوك الغنية بالنفط والمناطق المتنازع عليها مع أربيل في المحافظات الشمالية بعد استعادتها من البيشمركة قبل حوالى أسبوعين، فإنها غير قادرة على تصدير النفط عبر الأنابيب الشمالية بسبب الأضرار التي لحقت بها إثر العمليات العسكرية ضد “تنظيم الدولة”، وأيضا لمرورها عبر أراض خاضعة لسلطة كردستان.
وأقدمت السلطات الكردستانية نهاية العام 2013 على مد خط مواز إلى نقطة الالتقاء في منطقة فيشخابور مرورا بأربيل ودهوك، قطعت بموجبه الأنبوب الممتد من كركوك، وربطت الخط الجديد بالأنبوب العراقي الذي تمر عبره جميع الصادرات العراقية النفطية الشمالية إلى ميناء جيهان التركي.
ومنذ الثمانينات، يقوم العراق بتصدير الذهب الأسود عبر خط أنابيب يبلغ طوله 970 كيلومترا يربط كركوك بجيهان عبر معبر فيشخابور.
وحتى دخول “تنظيم الدولة” في العام 2014، كان خط الأنابيب ينقل ما بين 250 و400 ألف برميل يوميا.
ولفت المسؤول العراقي إلى أن “فصائل كردية انفصالية تستميت في القتال دفاعا عن المنطقة الواقعة شمال ناحيتي زمار وربيعة، لقربها من حقلي الرميلان وكراتشوك النفطيين في سوريا”.
وأشار إلى أنه يتم “شراء النفط السوري عبر هذه المنطقة من عناصر حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية، لعدم وجود منفذ لتهريب النفط إلى تركيا من جهة سوريا”.
ووفقا للمسؤول نفسه، فإن الأكراد السوريين “يبيعون النفط عبر الشاحنات التي تمر من قرية المحمودية (العراقية) التي لم يسمح لسكانها بالعودة إليها منذ دخول البيشمركة إلى المنطقة”.
واتخذت حكومة بغداد مجموعة من الإجراءات العقابية ضد أربيل بعد الاستفتاء الذي أجرته على الاستقلال عن بغداد في 25 أيلول/سبتمبر، بينها غلق المجال الجوي على مطاري الإقليم.
المعارك تتواصل غربا
وتصاعد التوتر بين بغداد وأربيل منذ شهر حين نظم الإقليم استفتاء على الاستقلال جاءت نتيجته “نعم” بغالبية ساحقة.
وبادرت حكومة إقليم كردستان الأربعاء تجاه بغداد، عارضة تجميد نتائج الاستفتاء، بعد الخسارة التي تعرضت لها على الأرض والضغوط السياسية الداخلية والدولية.
غير أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رفض هذا المقترح، قائلا “نحن لا نقبل إلا بإلغاء الاستفتاء والالتزام بالدستور”.
على الجبهة الغربية في مواجهة “تنظيم الدولة” أكد ضابط برتبة عميد ركن لـ”فرانس برس” أن القوات العراقية المدعومة بفصائل من الحشدين الشعبي والعشائري “اشتبكت صباح اليوم، مع عناصر لتنظيم داعش (…) جنوب شرق القائم، بمختلف الأسلحة والأعتدة، واستخدم فيها الجيش المدفعية وراجمات الصواريخ”.
وفي اليوم الثاني من انطلاق العمليات العسكرية ضد آخر معقل لـ”تنظيم الدولة” في البلاد، أشارت مصادر عسكرية عدة إلى أن القوات العراقية قتلت أكثر من 25 جهاديا، من دون الإشارة إلى خسائرها.
وكان التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وصف عملية القائم بـ”آخر معركة كبيرة” ضد “تنظيم الدولة”، ويتوقع ان تنتهي بالتقاء على جانبي الحدود لتطويق التنظيم في منطقة وادي الفرات الممتدة من دير الزور في شرق سوريا إلى القائم في غرب العراق.
ومن المتوقع أن يخوض “تنظيم الدولة” معركة قاسية للحفاظ على مركز ثقله الأخير، ويتوقع أن تلتقي قوات نظام الأسد والعراقية عند نقطة على جانبي الحدود لتطويق التنظيم المتطرف في منطقة وادي الفرات الممتدة من دير الزور إلى القائم.
وأوضح الخبير في معهد “التحرير” لدراسات الشرق الأوسط ومقره واشنطن حسن حسن لـ”فرانس برس” إن هذه المنطقة تشكل “مركز الثقل الحيوي لتنظيم الدولة”.
اقرأ أيضا: طالبوا بالعودة لمنازلهم فردت عليهم بالرصاص.. “سوريا الديمقراطية” تفرق مظاهرة شرقي الرقة
[sociallocker] [/sociallocker]