النازحون داخل الغوطة.. معاناة مزدوجة



“تجاوز عدد النازحين داخليًا في الغوطة الشرقية 78 ألفًا، ما يعني أنهم يشكّلون نسبة 19 بالمئة تقريبًا من العدد الكلي لسكان الغوطة. ويبلغ عدد النازحين من البلدات الجنوبية (المليحة، زبدين، ودير العصافير) نحو 25 ألف مدني، فيما يبلغ عددهم من بلدات المنطقة الشرقية والمرج نحو 40 ألف شخص، أما الذين نزحوا من الأحياء الشرقية للعاصمة تجاه غوطة دمشق، فعددهم نحو 8 آلاف”. وفق ما أكد الناشط الإعلامي علاء الأحمد  لـ (جيرون).

يعيش هؤلاء النازحون أوضاعًا معيشية مأسوية، تفوق بقساوتها ظروف أهالي الغوطة الأصليين، وذلك بسبب عدم وجود مصدر رزقٍ لهم، فضلًا عن دفعهم مبالغَ مالية كبيرة لتأمين السكن، في هذا الصدد قال (أبو عمر)، وهو نازح  من المليحة لـ (جيرون): نزحت أنا وعائلتي وأطفالي الثلاثة منذ 3 أعوام  إلى بلدة كفربطنا، وكان عدد العائلات النازحة حينذاك نحو 20 ألف عائلة من المليحة وحتيتة التركمان، ولم أتمكن من إيجاد عمل، إضافةً إلى أن المنزل الذي أسكنه يفتقر إلى أبسط مقومات العيش الكريم، فلا هو يحمي من برد الشتاء، ولا يقي من حرّ الصيف”.

عن تأثير اشتداد الحصار على الغوطة في الأشهر الأخيرة على أوضاع النازحين، أوضح (أبو عمر): “تأثر النازحون أكثر من غيرهم؛ ذلك أنهم لا يملكون عملًا، ولم يستطيعوا تأمين عمل، ففرص العمل قليلة جدًا لا تكفي أهل الغوطة، فضلًا عن عدم إتقان هؤلاء النازحين لمهن عديدة، إذ إنهم بالأصل مزارعون، مهنتهم الزراعة وتربية الحيوانات، وهذه المهنة تكاد تكون متوقفة، بعد سيطرة النظام على القسم الأعظم من الأراضي الزراعية في الغوطة، أضف إلى ذلك الحصارَ المحكم، وانعدام الدعم المقدم لهؤلاء النازحين من قِبل المنظمات الإغاثية”.

قبل عامين، تمكن النظام من السيطرة على  قطاع المرج والقطاع الجنوبي الذي يعدّ خزان الغوطة الزراعي، ويضم بلدات (زبدين، دير العصافير، المحمدية، ومرج السلطان)، حيث بلغت الخسائر على مستوى المحاصيل الاستراتيجية، مثل القمح، نحو 80 بالمئة، إضافةً إلى خسارة نحو 10 آلاف دونم من الأشجار المثمرة (مشمش، إجاص، وغيرها)، وكذلك خسارة قسم من الأراضي المخصصة للرعي، بحسب تقرير نشرته (جيرون). للمزيد (https://geroun.net/archives/68560).

بخصوص معاناة نازحي هذا القطاع، أكد محمد السيد، مسؤول المكتب الإغاثي في القطاع الجنوبي، لـ (جيرون) أن “معاناة هذه العائلات تفاقمت مع اشتداد الحصار على الغوطة، لأنها لا تمتلك أيّ مصدر رزق، واضطرت إلى استئجار بيوت بأسعار خيالية، ومواصفات سيئة”، لافتًا إلى “اضطرار بعض العائلات إلى الإقامة في خيمٍ، شروطها متدنية للغاية”.

اتهم السيّد المنظماتِ الدولية والأمم المتحدة بـ “حرمان هؤلاء النازحين من المساعدات، بسبب ادعاء نظام الأسد بأنه يوزع المساعدات على بلداتهم الأصلية، مع أنها شبه خالية من السكان، ومعظم أهلها نزحوا إلى الغوطة الشرقية”.

تحاول بعض المنظمات والمجالس المحلية تقديم أكبر قدر مستطاع من المساعدة للنازحين في مختلف مدن الغوطة، حيث يقوم (المكتب الإغاثي في القطاع الجنوبي) بالتحضير لمشروع (إغاثة الملهوف)، كما أكد السيد، وأضاف في هذا الخصوص: “نحاول عبر هذا المشروع تقديم المساعدات الإغاثية للنازحين، كما افتتحنا مطبخًا خيريًا يقدم خدماته لـ 50 عائلة، لكن المطبخ يعمل بدعمٍ ذاتي من ناشطين، ونحاول التركيز على العائلات الأشد عوزًا”.

يحذّر ناشطون من كارثة إنسانية قد تلحق بهؤلاء النازحين، وبخاصة مع اقتراب فصل الشتاء واستمرار الحصار المُطبق على الغوطة، فقد وصل سعر كيلو الحطب إلى أكثر من 400 ليرة سورية، في ظل نقصٍ حاد من الوقود؛ وبناء عليه ناشدت الهيئات المدنية في الغوطة الشرقية المنظماتِ الدولية والإنسانية التدخلَ العاجل، لإنقاذهم وعدم تكرار ما حصل العام الماضي مع سكان أحياء حلب الشرقية الذين ساومهم نظام الأسد على حياتهم، مقابل تهجيرهم.


سامر الأحمد


المصدر
جيرون