الرقة خالية من (داعش) وأهلها.. مساعي “التكريد”



تواصل ميليشيا (قسد) منع أهالي مدينة الرقة من العودة إلى منازلهم؛ بذريعة “تفكيك الألغام” التي خلّفها تنظيم (داعش)، وسط اتهامات الأهالي بـ “محاولات تكريدها، وممارسة التهجير القسري على سكانها”.

وصف خليل السالم، عضو الهيئة الوطنية لمحافظة الرقة، ممارسات ميليشيا (قسد) في المحافظة، بـ “قوة احتلال”، وقال لـ (جيرون): إنّ “ميليشيا (قسد) تُرسّخ مفهوم الاحتلال في المحافظة، من خلال تهجير السكان الأصليين، ومنع عودتهم إلى منازلهم، وتغيير الصبغة العربية في المدينة، وطلاء الساحات العامة والمحلات باللون الأصفر، ورفع صور وأعلام كردية في المحافظة؛ بهدف تكريدها”.

طالب السالم بـ “تحرك أهالي المدينة في تظاهرات عارمة؛ من أجل العودة إلى منازلهم التي شردوا منها، وفضح ممارسات (قسد) في تغيير معالم المدينة، والتعامل بالرصاص الحي مع المتظاهرين السلميين”.

بحسب السالم، فإنّ أهالي “حي المشلب يتقاسمون مع أهالي المدينة رحلةَ النزوح في المخيمات الإجبارية التي أقامتها (قسد)، في (عين عيسى) و(المبروكة)، إضافة إلى قرى وبلدات في ريف المحافظة: (شنينة، المبروكة، المشيرفات، وادي البليخ، القالطة، العبارة، حلو عبد، العبد الله الخليل، ورحيات)”.

وفرقت (قسد)، أول أمس الخميس، بالرصاص الحي، تظاهرةً أهلية للمطالبة بالعودة إلى حي المشلب شرق المدينة، الذي ينتمي سكانه إلى عشيرة (العفادلة)؛ ما أدى إلى إصابة 12 مدنيًا على الأقل بجروح خطرة.

يُعدّ المكون العربي غالبًا في مدينة الرقة، حيث تتواجد فيها العشائر العربية، منذ مئات السنين، أبرزها: “البوشعبان، المجادمة، الجيس، البوجابر، والجبور”، وسيطرت ميليشيا (قسد)، ذات الغالبية الكردية، على المدينة في السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بدعم من قوات التحالف الدولي، بعد اتفاق يقضي بخروج “آمن” لمسلحي (داعش)، من آخر الأحياء الخاضعة لسيطرتهم في المدينة، إلى مناطق سيطرة التنظيم في دير الزور.

قال الناشط أبو محمد الهويدي: إنّ “أهالي مدينة الرقة يشاهدون أمام أعينهم كيف تقوم الميليشيات الكردية بنهب مدينتهم”، مشيرًا إلى “قيام (قسد) بسرقة 90 شاحنة، وكامل محتويات المدينة الصناعية الواقعة قرب حي المشلب”.

وأوضح أنّ “ميليشيا (قسد) تحاول فرض واقع جديد في المدينة، وتصويرها على أنها كردية الثقافة والملامح، من خلال نشر اللون الأصفر فيها، فضلًا عن إطلاق تسمية (حي الأكراد)، في وسائل الإعلام، منذ بدء معركة الرقة؛ للتسويق أمام الرأي العام الدولي للوجود الكردي في المدينة، على الرغم من عدم وجود هذه التسمية في أي من أحياء المدينة”.

قدّرت الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر الماضي أن 80 بالمئة من مساحة الرقة باتت غير قابلة للسكن. وتعاني المدينة حاليًا من غياب كامل للبنية التحتية الأساسية.

إلى ذلك، لا يرى محمد حجازي، نائب رئيس مجلس محافظة الرقة الحرة، أن “عودة أهالي الرقة ستكون قريبة إلى المدينة”، مدللًا على كلامه بالقول: إنّ “الميليشيات الكردية لم تسمح لأهالي حي المشلب بالعودة إليه، على الرغم من عدم وجود دمار كبير فيه”، وأوضح أن الميليشيا أقامت مراكز خاصة لقواتها من مخافر ومراكز مدنية في الحي، من دون السماح لأهالي الحي بالعودة، فكيف بالرقة المدينة، حيث يصل حجم الدمار فيها إلى نحو 90 بالمئة؟. لن يسمحوا لأي عربي بدخول المدينة، يريدون أن تكون الرقة مدينة كردية خالصة”.

في السياق ذاته، يرى الصحافي محمد أمين أن “من غير الواضح حتى الآن، سبب منع (قسد) عودة الأهالي إلى مدينتهم”، وقال لـ (جيرون): “لا أدري إن كانت (قسد) تسوّق لأسباب المنع على أنها أمنية، تتعلق بوجود ألغام تركها التنظيم وراءه، أو سياسية تتعلق بمحاولتها عدم السماح للأهالي بالعودة، قبل البت بمصير المحافظة ككل”.

توّقع أمين أن “تتأخر عودة أهالي الرقة إلى مدينتهم، لأسباب كثيرة سياسية وأمنية، وأخرى تتعلق بإتمام عمليات (التعفيش)، ولكن مهما طال الوقت؛ فسيعود سكان الرقة إلى أطلال مدينةٍ، تحولت -تحت ذريعة محاربة الإرهاب- إلى خراب”.

بحسب أمين، “من الممكن أن يتسبب استمرار منع الأهالي من العودة إلى منازلهم، بتصاعد الحراك الشعبي ضد (قسد)، بخاصة مع قرب فصل الشتاء، إذ إن الوضع في المخيمات بائس ومُزرٍ”.

خرجت مدينة الرقة عن سيطرة نظام الأسد، في آذار/ مارس 2013، لتنتقل السيطرة عليها إلى تنظيم (داعش) في آب/ أغسطس 2014، بعد معارك استمرت أسابيع مع حركة (أحرار الشام)، لينتهي بها الأمر، في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، إلى يد (قسد) المدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.


منار عبد الرزاق


المصدر
جيرون