الليلة الثامنة من ليالي شهرزاد علي بابا والأربعون أزعر

31 تشرين الأول (أكتوبر)، 2017
4 minutes

قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أنه لما كثرت الاضطرابات في بلاد شامستان، وثارت الرعية تطالب السلطان عمريط بإحقاق الحق وإقامة العدل؛ جمع السلطانُ أعوانه وكبار مستشاريه وأركان سلطنته، وطلب إليهم إيجاد حلّ، ورسم خطة ناجعة لإطفاء نار الفتنة التي كادت تودي بمصير السلطان وحاشيته على السواء، وأعطاهم مهلة ثلاثة أيام، وإلا؛ فسوف يجعلهم طعامًا للأسُود الضارية في ساحة المدينة.

انصرف الجميع من قصر السلطان، وكل واحد منهم يحمل همًا بحجم الجبل، ويفكر بالمصير الذي ينتظره؛ في حال انقضاء المدة وعدم الوصول إلى حل يقي السلطنة من غضب الرعية.

كان بين حاشية السلطان عمريط رجلٌ يقال له “علي بابا”، أنجبته أمه سفاحًا، فنشأ لا يعرف لنفسه أبًا، وكان يسطو على بيوت وأرزاق الناس، كي يعيل أمه، حتى تمرّس في هذه المهنة وأصبح مضرب المثل في القدرة على السطو والتخلص من المآزق التي يقع فيها بأيسر السبل.

وحدث أن وقع “علي بابا” بين يدي رجال السلطان في إحدى مغامراته، وكان قد اشتُهر أمره في السلطنة، ووصل ذلك إلى القصر. فأمر السلطانُ بإخراجه من السجن وضمه إلى حاشيته؛ لما توسّم فيه من القدرة على النصب والاحتيال.

وفي نهاية اليوم الثالث استدعى السلطان أركان سلطنته، وسألهم عمّا توصلوا إليه بشأن مواجهة الرعية، فأخذ الجميع ينظرون في وجوه بعضهم، لعجزهم عن إيجاد السبيل لإسكات الرعاع الذين ملؤوا ساحات المدينة.

عندئذٍ، وقف علي بابا واستأذن السلطان بالكلام، وحين أذن له، بدأ بشرح خطته قائلًا:

أريد يا مولاي أربعين أزعرَ من أشد الزعران الذين يقبعون في أقبية جلالتكم، وأنا كفيل بإطفاء نار الفتنة. ومن ساعته أمر السلطان بإطلاق سراح أربعين أزعر ممن يختارهم علي بابا، ولهم تاريخ حافل بالإجرام، فجمعهم علي بابا في قاعة من قاعات القصر، وألقى إليهم تعليماته، وخرج بهم من القصر، وتغلغلوا بين صفوف الناس في الساحات يطالبون برفع المظالم، وإحقاق الحق، وإقامة العدل؛ فأيقن الناس أنهم من الأنصار.

بعد يوم أو يومين؛ صار في المدينة حالات سطو وقتل مجهولة المصدر، فانشغلت الرعية بهذا الأمر دون معرفة من وراء هذه الأعمال، ودون أن يتوصلوا إلى الفاعل الحقيقي، وصاروا في هرج ومرج، وأخذوا يلصقون التهمة بعضهم ببعضهم الآخر محاولين الانتقام. وكي يبعد علي بابا التهمة عن عصابته، كان يجنّد العصابة للبحث عن الفاعلين، فيقتل القتيل ويسير في جنازته.

وكان أن انشغلت الرعية بهذه الحوادث الطارئة، وحولت نقمتها من نقمة على السلطان وأتباعه إلى النقمة على جيرانهم وأصدقاء الأمس.

ظن السلطان عمريط أنه قد أطفأ نار الفتنة، غير أن الليل لم يكن على يد الحرامي، فقد نهض في أحد الأيام ليجد حاشيته وأعوانه في هرج ومرج، وحين استوضح ليستجلي الخبر، أخبروه أنه قد تم السطو على خزينة السلطنة، ولم يبق فيها بارة الفرد؛ فأمر بإحضار “علي بابا” فورًا. وحين فتشوا عن علي بابا، كان قد ذاب مع جماعته كما الملح، ليفتش عن رزقه في مكان آخر. فوقع السلطان عمريط في شرّ أعماله، وقال له وزيره هامان:

– يقولون في الأمثال يا مولاي: “من جرّب المجرّب كان عقله مخرّب”.

وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.

فوزات رزق
[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

جيرون